سيف بن سالم الفضيلي –
تتسابق النفوس الطيبة الطاهرة الزكية لفعل الخير مهما صغر ذلك الفعل أو كبر.. «لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق» هكذا هي جبلت..
لا ترتاح يوما بل ولا ساعة إلا وتتلهف تلهف الظمآن لارتشاف شربة ماء حتى وإن كانت قليلة لتروي عطشه.. وترتاح نفسه ويهجع بها قلبه وينشط بها جسمه..
تتلهف تلك النفوس لتقدم كلمة طيبة نابعة من قلب نظيف صاف يحب الخير وينشره بخلق متسامح هادئ هادف يكون لها أثر طيب على نفوس تائهة مشردة في غياهب الجهل ومساوئ الاعمال..
تذكرها بأنها لم تخلق عبثا ولم تترك هملا.. تذكرها بإنسانيتها وآدميتها وبعقلها الذي ركبه الله تعالى فيها لتتميز به عن غيرها من المخلوقات غير العاقلة.. فتغير من احوالهم وتشد من أزرهم وترفع من قدرهم وتعلي من شأنهم فيصبحون أفردا صالحين معطاءين نصوحين متسامين باذلين جهدهم المتواصل لخدمة وطنهم وأهلهم ومجتمعهم وأمتهم وقبل ذلك دين الله العزيز الذي دعاهم الى القول بالكلمة الطيبة حتى يكون لها وقعها وتأثيرها الجميل على النفوس المتلقية «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ، تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ» بعكس الكلمة الخبيثة التي تفسد كما وصفها الله تعالى «وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ».
والكلمة الطيبة طريق الانبياء والمرسلين الذين بعثهم الله عز وجل لتبليغ البشر دينه القويم وبها استطاعت ملامسة القلوب المتفتحة المنشرحة القابلة لتلقي كل ما هو طيب..
وهذا الطريق أيضا سلكته قلوب الصالحين المخلصين الصادقين العاملين من عباد الله فكانوا بحق جديرين بأن يلتف من حولهم الناس فيستمعوا لهم وترق قلوبهم وتصغي لهم بكليتها.. اطمئنانا منهم على أنهم أهل لهذا الخير والعطاء الذي لا يشوبه معتكر أو تحيط به غشاوة مضللة «وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ» لتكون النتيجة المريحة المربحة والرابحة «وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ» فما أعظمها من نتيجة وما أغلاه من ربح..
إن استمالة النفوس الى الحق لا يكون إلا بالفعل الطيب والقول الطيب من الانسان خاصة ذلك الذي يقوم بدور الوعظ والارشاد في المساجد والجوامع والمدارس وفي غيرها من المواقع.. وكذلك من يقوم بمهنة التعليم في الجامعات والكليات والمعاهد.. وكذلك من يكون في وسائل الاعلام بمختلفها..
ان الكلمة الطيبة ينبغي ان تكون مسلك كل مسلم حقيقي غيور على دينه وقيمه الراقية واخلاقه الحميدة العالية ولا تقتصر على فئة معينة من الناس دون فئة أخرى..
والكلمة الطيبة يمكن ان يحتقرها البعض ويتعالى بنفسه ويستكبر أن يقولها أو يطبقها رغم ما تحققه من نتائج مبهرة ووصفة لعلاج كثير من العقد النفسية التي ابتلي بها كثير من الناس.. فيخسر الخسران المبين.
فيا سعد من جعل في قلبه التواضع وفي لسانه الكلام الطيب وفي فعله الاخلاص المثمر اليانع ..
اللهم اجعلنا ممن قالوا فعملوا وممن تمسكوا بخصال الخير فنشروها طيبة زكية ليعم الوئام وتزداد الألفة وينتشر السلام .. إنك أنت العزيز الوهاب.