محمد بن أحمد الشيزاوي -
أظهرت الإجازة الأخيرة ان هناك هوّة كبيرة بين تفكير المسؤولين عن السياحة والاستثمار في السلطنة وخططهم للترويج السياحي وبين تطلعات المواطنين واهتماماتهم السياحية التي جعلتهم ينتظرون عدة ساعات عند المراكز الحدودية البرية حتى يصلوا الى أهدافهم.
البعض كان يلوم أولئك الذين انتظروا عدة ساعات يوم الاربعاء 27 نوفمبر 2013 عند الحدود العمانية الاماراتية ثم عانوا من الازدحام في الطريق ثم في البحث عن فندق يناسب ميزانياتهم لأنهم أهدروا كثيرا من وقتهم دون جدوى، لكن أولئك الذين عبروا الحدود في ذلك اليوم كانوا راضين كل الرضا عن تجربتهم ويؤكدون انهم استفادوا من وقتهم واستمتعوا هم وعائلاتهم خلال الايام التي قضوها في مراكز التسوق والحدائق والفنادق التي أقاموا فيها والأسواق التي أخذت نصيبها من أموالهم، ويؤكدون انهم استمتعوا بوقتهم أكثر من أولئك الذين ازدحموا على الأودية في السلطنة.
وفي نظرنا ان هذا المشهد الذي يتكرر في كل إجازة يدعونا الى العمل على إطلاق المزيد من الأنماط السياحية في السلطنة لا أن نكتفي بالسياحة الطبيعية والتجول بين الأودية والعيون التي لا تزال حتى اليوم تفتقد الى الكثير من الخدمات التي تجعلها مزارا سياحيا حقيقيا يصلح لسياحة الأفراد والعائلات وبشكل يجعل الجميع يستمتع بوقته ويعود بأفضل الذكريات.
عندما ننظر الى السلطنة نجد أنها زاخرة بأنواع شتى من المقومات السياحية التي يمكنها- اذا استثمرناها بشكل جيد- أن تجعل السلطنة من أفضل الدول السياحية على المستوى الاقليمي والعالمي، لكن ما يحدث اننا نفكر في اجتذاب السياح الأوروبيين الذين ينفقون بالقطارة أكثر مما نفكر في اجتذاب السياح المواطنين الذين ينفقون بسخاء في جميع الدول التي يسافرون إليها، وأعتقد انهم لو وجدوا في السلطنة ما يتطلعون إليه من أنماط سياحية متنوعة لظلوا في الوطن واستكشفوا ما فيه من ثراء سياحي.
ولعل سياحة التسوق من أبرز الأنماط السياحية التي بدأت تبرز في اهتمامات السائح العماني الذي لا يجد في أسواق السلطنة ما يتطلع إليه، مع التأكيد على ان سياحة التسوق لا تعني مجرد شراء بضاعة من هذا المحل أو ذلك المجمع التجاري ولكنها أكبر من هذا وذاك بكثير، إذ إنها تشمل الكثير من الخدمات المتنوعة؛ لعل أبرزها القدرة على قضاء يوم كامل في أحد مراكز التسوق الكبرى التي تجعل السائح يستكشفها بقعة بقعة منذ وصوله إليها الى ان يغادرها وأن تواكب هذا المجمعات في تجهيزاتها ما يتطلع اليه جميع أفراد العائلة من رغبات وطموحات في الترفيه والتسلية والمأكولات والمشتريات، كما ان سياحة التسوق لا تعني مجرد ان نقضي يومنا في المجمع التجاري ثم لا نجد فندقا يريحنا من عناء ذلك السفر وإنما لا بد أن يشترك القطاع الفندقي في إثراء تجربة السياح من خلال ما يقدمه من أسعار مناسبة وجودة في الخدمات التي تراعي اهتمامات العائلة أو الأفراد الذين يقصدون ذلك المكان ثم لا ننسى ضرورة تنوع المجمعات التجارية في المدينة فيما تقدمه لمرتاديها وثرائها السياحي وتنافسها في اجتذاب المتسوقين، لا أن نجد مركزا تجاريا واحدا أو مركزين اثنين فقط في مدينة تاريخية مثل مسقط التي كانت ولا تزال محط اهتمام كثير من الرحالة والسياح والمسافرين منذ قرون عديدة.
ورغم ان كثيرا من العائلات قضت أوقاتها بين المجمعات التجارية خلال رحلة السفر السابقة الا ان هناك من عبر الحدود لشراء قطع غيار لسيارته أو أثاث لمنزله أو بضائع لمحلاته أو بعض السلع الشخصية التي يرى ان أسعارها هناك أفضل رغم اننا في منطقة جمركية واحدة وأن أسعار الإيجارات وخدمات النقل والرواتب في السلطنة أقل مما هو موجود هناك إلا أن السلع لديهم أرخص وأسعار فنادق الـ5 نجوم لديهم أفضل من أسعار فنادق الـ4 نجوم لدينا مع خدمات فندقية مميزة، ولعل هذا يؤكد ان سياحة التسوق لا يمكن أن تعني بناء مجمع تجاري يضم علامات تجارية مشهورة فقط وانما مجموعة من الخدمات المتنوعة التي تشمل كل شيء وهو ما يعني ضرورة تضافر جهود جميع المسؤولين عن السياحة والاستثمار في البلاد لا أن تعمل جهة واحدة فقط وتكتفي الجهات الأخرى بالنظر إليها.