السعودية.. خيارات محدودة لانتهاج سياسة خارجية أكثر صرامة


الرياض - رويترز


يبدو أن الخيارات القابلة للتنفيذ المتاحة للسعودية من أجل انتهاج سياسة خارجية أكثر استقلالية وصرامة محدودة على الرغم من عدم ارتياحها الشديد إزاء تقارب الغرب مع إيران.


وبعد أن غضبت الرياض من الولايات المتحدة لمح مسؤولون سعوديون كبار الى عدد من الاحتمالات بدءا بإقامة علاقات استراتيجية مع قوى عالمية أخرى وانتهاء بتبني موقف أكثر حزما تجاه حلفاء إيران في العالم العربي بل ذهبوا الى حد التلويح بالسعي لامتلاك قنبلة نووية إذا فشلت القوى العالمية في إحباط طموحات طهران النووية.


لكن يصعب على دولة احتفظت بتحالف قوي مع الولايات المتحدة لعشرات السنين التفكير في قوى بديلة. وتتبنى روسيا موقفا يتناقض تماما مع موقف الرياض من الحرب السورية كما أن النفوذ العسكري الصيني لا يزال متواضعا بالمقارنة بنفوذ الولايات المتحدة.


وقال روبرت جوردان السفير الأمريكي لدى الرياض من عام 2001 إلى 2003 إن أي تحالفات سعودية مع قوى أخرى ستكون لها حدود.


وأضاف "لا توجد دولة في العالم قادرة على توفير الحماية لحقولهم النفطية واقتصادهم أكثر من الولايات المتحدة والسعوديون يدركون هذا. لن نراهم يخرجون من فلكها."


وفي حين كان جوردان دبلوماسيا كبيرا في إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش فإن بعض المحللين السعوديين يرون أيضا أن المملكة تعي جيدا ما تنطوي عليه التغيرات الكبيرة في سياستها الخارجية خاصة على صعيد السعي لامتلاك أسلحة نووية.


ربما يؤدي هذا في النهاية الى تصوير السعودية على أنها اللاعب الشرير على الساحة الدولية بدلا من عدوتها اللدود في المنطقة إيران كما أن الرياض ليس لديها استعداد لمواجهة نوعية العزلة التي أجبرت طهران على الجلوس الى طاولة التفاوض.


وقال محلل سعودي مطلع على اتجاهات التفكير الرسمي "لا تحتاج السعودية إلى أن تصبح إيران أخرى... سيكون هذا تحولا كاملا عن سلوكنا التقليدي وهو أننا عضو يمكن الاعتماد عليه بالمجتمع الدولي يعزز الاستقرار الاستراتيجي ويسهم في استقرار أسواق النفط."


وتقول مصادر دبلوماسية ومحللون في الخليج إن المملكة - وعلى الرغم من أنها لم تحسم أمرها بعد - لن تجازف بإحداث خلل في علاقاتها مع حليفتها الرئيسية خارج العالم العربي لكنها ستبحث بحذر عن رد دبلوماسي خالص على المفاتحة الإيرانية.


لكن كبار المسؤولين السعوديين غاضبون جدا من واشنطن. وأجرى مسؤولون أمريكيون كبار محادثات ثنائية سرية مع نظرائهم الإيرانيين على مدى أشهر للإعداد للاتفاق النووي المرحلي الذي أبرم الشهر الماضي بين طهران والقوى العالمية الست مما زاد مخاوف حكام دول الخليج من استعداد واشنطن للذهاب من وراء ظهورهم لإبرام اتفاق مع إيران.


وذكرت مصادر دبلوماسية بالخليج أن القيادات السعودية فوجئت بمحتوى الاتفاق الذي أبرم في الساعات الأولى من 24 نوفمبر على الرغم من تعهد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من قبل بإطلاعها على التطورات أولا بأول.


وفي واشنطن قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية إن كيري كان على اتصال وثيق بنظرائه خلال جولتي المحادثات في جنيف وتحدث مع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في 25 نوفمبر تشرين الثاني.


وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه "تم التوصل الى الاتفاق في منتصف الليل وتحدث الوزير كيري مع وزير الخارجية السعودية بعد ذلك بقليل."


ويخفف الاتفاق العقوبات المفروضة على طهران والتي تخنق اقتصادها مقابل مزيد من الإشراف على برنامجها النووي. وتخشى الرياض وحلفاؤها الغربيون من أن يكون البرنامج يهدف لإنتاج أسلحة وهو ما تنفيه طهران.


وتقول مصادر دبلوماسية في الخليج أن الرياض قلقة من أن يخفف الاتفاق الضغط على طهران مما يتيح لها مساحة اكبر للإضرار بالمصالح السعودية في مناطق أخرى من الشرق الأوسط.


والسعودية على خلاف مع زعماء إيران الشيعة في صراعات عدة في العالم العربي منها لبنان والعراق والبحرين واليمن.


وفوق كل هذا تعتبر الرياض أن دعم إيران الصريح للرئيس السوري بشار الأسد في معركته ضد مقاتلي المعارضة الذين يسعون للإطاحة به وتساندهم دول الخليج بمثابة احتلال أجنبي لأراض عربية.


وعبرت الرياض عن تأييد فاتر للاتفاق النووي وقالت إنها مجرد "خطوة أولى" وإن التوصل لحل أشمل يتطلب "نوايا حسنة".


لكن بعض السعوديين البارزين أدلوا بتصريحات جريئة تفيد بأن الرياض ستنتهج سياسة خارجية أكثر صرامة دفاعا عن مصالحها بما يتفق مع وضعها بوصفها أغنى دولة عربية ومهد الإسلام.


وقال الأمير محمد بن نواف سفير السعودية في لندن لصحيفة تايمز إن "كل الخيارات متاحة" أمام الرياض بما في ذلك السعي لامتلاك سلاح نووي إن تمكنت إيران من إنتاج قنبلة.