التعليم والتدريب

ali

علي العبيد -

يقصد بمفهوم التعليم تزويد الأفراد بالمعلومات والمعارف وإعدادهم فكريا لمواجهة جوانب الحياة المعيشية والاجتماعية والثقافية من خلال توفير حصيلة معينة من العلوم الإنسانية والتطبيقية في مجالات محددة وبالتالي فان التعليم يهتم بالمعارف العامة كوسيلة ومدخل مهم للحياة العملية في المرتبة الأولى ومن ثم يستهدف عمليات الارتقاء بقدرات الإنسان الفكرية والذهنية.

وتعتبر منظومة التعليم التمهيدي والإعدادي والعام والتعليم العالي والدراسات العليا المكون النظامي لبناء قاعدة متينة للفرد تدفعه إلى تحقيق آماله في الحصول على الشهادات الأكاديمية, لذلك نجد التعليم في مساره الواسع يعتمد على الأسلوب النظري وبعض الأساليب العملية.

وفي المقابل فإن التدريب يقوم على تطبيق المعارف والمعلومات في الواقع العملي بصورة مباشرة وواسعة مقارنة بالتعليم الذي يعتبر ثابتا إلى حد ما من حيث المعلومات والمعارف التي تمنحها المؤسسات التعليمية بما ترفده للمنشآت والمنظمات التشغيلية من الخريجين الذين يحتاجون فيما بعد إلى اذكاء وتنمية تلك المعلومات والمعارف وفقا لمعطيات البيئة الديناميكية المتغيرة باستمرار وهذا لا يتم إلا بالتدريب الممنهج والمتسق مع معايير التقانة والتقنية على مستوى العالم الأمر الذي يسهم في تجديد هذه المعارف والمهارات والتزود بمهارات جديدة وفقا لمتطلبات العمل وتحقيق أهداف منظمات العمل كافة.

ويفضي التدريب بنتائج ملموسة كونه قائما على أرضية صلبة من التعليم النظامي والدراسة المستمرة بحسبان إن التدريب يسعى إلى تحويل المعارف العلمية المكتسبة عن طريق الدراسة إلى مهارات تطبيقية يستطيع المتدرب من خلالها الاستفادة مما تلقاه مسبقا في المدارس والكليات والجامعات على أساس أن هناك العديد من مسارات التدريب التي تستهدف أحيانا تطوير المهارات والقدرات الفردية وأحيانا تحويل المهارات النظرية في مجال بعينه إلى مهارات جديدة يستعين بها الفرد للانخراط في مهن وأعمال أخرى.

وفي هذا الإطار نجد أن الهدف المحوري للتدريب هو استثمار القوى العاملة من خلال تعزيز القدرات التخصصية وتطوير المهارات وتغيير سلوكيات الأفراد المؤدية إلى رفع أدائهم المهني وبالنظر في ما تقدم لوجدنا أن هذا المفهوم لا يخرج عن إطار تكييف الفرد مع متطلبات العمل المستجدة نتيجة للنمو السريع الذي تفرضه متغيرات البيئة المحيطة بالعمل وأية مستجدات في دنيا الأعمال وتطبيقات المهن والوظائف المختلفة.

إنني أسرد هذه المعطيات العلمية حاثا الشباب إلى عدم النظر إلى الدورات التدريبة المتاحة لهم بسلبية أو التعامل معها باعتبارها فرصة وإجازة مقنعة للبعد عن أجواء العمل والروتين اليومي بحجه أنها تحصيل حاصل وأنها لن تضيف إليهم جديدا وهذا ليس صحيحا بالطبع لأن الإنسان مهما بلغ من العلم يظل محتاجا إلى المزيد حتى يواكب مسيرة المعرفة والتقنية والتي ما فتئت تتجدد من وقت إلى آخر خاصة في عصرنا الحالي الذي اتسم بمهارات مهنية وتقنية في شتى المجالات والأعمال مما يستوجب صقل مهاراتنا من خلال البرامج والدورات التدريبية المنفذة, وبالمقابل نلتمس من أصحاب الأعمال الحرص على تخصيص موارد مالية مناسبة لتدريب العاملين وإلحاقهم بالبرامج التدريبية إلى ما تسهم به بصورة مباشرة في ترقية وتطوير أساليب الإنتاج والخدمات والتي بلا شك تعود بالمردود المادي على مؤسساتهم, ولا يخفى على أحد أن الأموال التي تنفق في سبيل توفير الفرص التدريبية لا تعتبر من الأموال الضائعة هدرا وليست حجرا يلقى في البحر بل هي بذرة طيبة تبذر في تربة صالحة تؤتي ثمارها لاحقا جودة واتقانا وإنتاجا.

واختم كلماتي… أن من أراد أن يضاهي بقدراته ومهاراته الآخرين الذين سبقوه في ميادين الإبداع المهني أن يصقل طاقاته بمزيد من التدريب والتأهيل العملي وستكون النتائج بإذن الله غاية في النجاحات المتواصلة على أرض الواقع الملموس.


خبير تدريب