عقاريون: "الشائعات" وراء قفزات أسعار العقار.. والتثمين العقاري المنهجي عنصر أساسي لنجاح تنظيم القطاع


◄ الدعوة لإنشاء معهد في مجال التثمين العقاري


◄ الغساني: المطوِّر العقاري لا يتعمَّد رفع الأسعار.. والمطالب بضبط السوق متكررة


◄ العويسي: لا توجد نسبة محدَّدة لربحية المثمن العقاري.. ومسؤولية ضبط القطاع مشتركة


◄ الصبحي: "الوساطة الدخيلة" تتسبَّب في رفع الأسعار بالمضاربة غير المؤسسية


أبرز عقاريون الأهمية الاستثنائية للتثمين العقاري في تنظيم وتطوير القطاع، وعزوا ما يشهده القطاع الآن من عدم تنظيم وارتفاع عشوائي في الأسعار، إلى غياب عنصر التثمين المنهجي للعقار، إضافة إلى الشائعات والوساطة العقارية غير المرخص لها، والتي تسعى للربح السريع؛ مما يجعلها تعمد إلى رفع الأسعار والمضاربة في العقارات. وشددوا على ضرورة إيجاد ضوابط من خلال إنشاء هيئة تنظيم العقار. مؤكدين أنَّ السوق العقاري لن يستقيم مساره إلا إذا نُظم بالطريقة الصحيحة، وبإيجاد هيئة مستقلة تقوم بإصدار التشريعات، وتعمل على مراقبة السوق.. مستدركين بأن السوق العقارية لا تنقصها التشريعات، ولكنْ هناك ضعف في متابعة تطبيقها وتنفيذها.


الرؤية - سمية النبهانية


وشرح أحمد العويسي (من مكتب الرائد الخدمات العقارية)، أن أسس التثمين العقاري الصحيح تعتمد على نوع قطعة الأرض، ومساحتها، ونسبة البناء، وعدد الطوابق المصرَّح ببنائها، وموقعها، وحالة العرض والطلب في تلك المنطقة. أما تثمين المباني، فيُضاف إلى الأسس السابقة: جودة الأعمال الهندسية للبناء، والتشطيبات الداخلية والخارجية، ودخل إيجار المبنى وعمره.


مشيرا إلى أنه ﻻ تطبق نسبة ثابتة حاليا للقيمة التي يتقاضاها المثمن، أو الوسيط العقاري من الصفقة العقارية في حالة اكتمالها؛ حيث يأخذ المثمن بالنسبة للأراضي بين 50 و100 ريال حسب اﻻستعمال والمساحات، والأراضي الزراعية بين 100 و250 ريالًا حسب المساحة، وبالنسبة للمنازل والفلل فيأخذ في الصفقة الواحدة بين 100 و120 ريالًا، والمباني التجارية بين 150 و300 ريال.


ولفت العويسي إلى أن التثمين العقاري هو رأي مستقل لتقدير قيمه العقار السوقية دون تدخل أي جهة أخرى؛ سواء كان البائع أو المشتري أو المقرض أو المقترض. وقال: إن المثمنين غير المُرخصين يعتمدون على الرأي الشخصي دون مراعاة الأسس والمعايير الخاصة بالتثمين، وأحياناً يكون بتدخل من البائع أو المشتري كرفع القيمة أو خفضها.. وأضاف: كما أن الوافدين والتجارة المستترة منتشرة ومتوغلة في عمليات البناء وإدارة الممتلكات؛ مما يُضعف جودة البناء، بل تكاد تكون الجودة منعدمة في أبسط المعايير اﻻساسية؛ مما يؤثر في المنظومة العقارية بصفه عامة، والتثمين بصفة خاصة.


وأشار إلى أن آثار انعدام الجودة تبدأ في الظهور بعد أشهر قليلة من الشراء أو التداول؛ مما يؤدي إلى عدم ضبط الأسعار بصورة صحيحة.. وتابع العويسي: إن التثمين جزء ﻻ يتجزأ من المنظومة العقارية المتكاملة؛ لذا فإن أيَّ اختلال في عناصر المنظومة يؤدي إلى الإخلال بالمنظومة بأكملها؛ فالتثمين الخاطئ أو غير المرخص من شأنه أن يُعطي قيمة سوقية غير صحيحة، والتي قد تؤدي إلى خلق أزمات مالية مستقبلا؛ لذلك فإن المسؤولية مشتركة بين الجهة المانحة للتراخيص -ممثلة في وزارة التجارة والصناعة، ووزارة القوى العاملة، ووزارة الإسكان- من جهة، وبين مقدم التثمين من جهة أخرى.


واقترح العويسي وضع قوانين جديدة خاصة بالمثمنين العقاريين، وتطبيق القوانين القائمة والمختصة بالشأن العقاري عليهم، بجانب إقامة ورش عمل أو دورات تدريبية للمثمنين العقاريين، وإنشاء معهد متخصصة في مجال التثمين العقاري.


الأسعار والسوق


وكان المهندس محمد بن أبوبكر الغساني الرئيس التنفيذي للشركة العمانية الدولية للتنمية والاستثمار، قد قال لـ"الرؤية" في تصريح سابق: إن أسعار العقارات بشكل عام يُحددها العرض والطلب؛ حيث إنه كلما ارتفع الطلب على السلعة، ارتفع سعرها في السوق.. وأضاف: أما إذا طبقنا هذا المفهوم على العقار في محافظة مسقط على سبيل المثال، فسنجد أن هناك شحًّا في الأراضي، بينما يزداد عدد السكان في العاصمة بشكل سنوي، والتي هي محصورة بين الجبل والبحر؛ لذا فإنه مع قلة المساحة الموجودة للبناء، يزداد سعر العقارات تلقائيا. وهذا في مقدمة الأسباب الرئيسية لارتفاع العقار في مسقط.. مشيرا إلى أن المطورين العقاريين يهمهم تخفيض الأسعار، لتكون مناسبة للبيع؛ لذا فمن المهم أن تكون قيمة الأرض بسعر مناسب ومواد البناء كذلك؛ حتى يُمكن بيع العقار بسعر مناسب للمستفيد النهائي.


ويستدرك: ولكن للأسف ليس هذا ما يحدث.. ومضى قائلا: لو توافرت أراض للمطورين العقاريين؛ من خلال حصولهم عليها من الحكومة بصيغة حق الانتفاع، على أن يقوم المطوِّر بتوفير المساكن لمستحقيها من ذوي الدخل المحدود والبسيط، وبهذه الطريقة يتم السيطرة على أسعار الأراضي، والحد من الارتفاع المبالغ فيه بالأسعار. وأضاف: لقد أصبحت الشائعات وأخبار المشاريع التي لم تظهر حتى الآن هي من تحكم السوق العقاري وأسعار العقارات، وهو أمر لا يمكن أن يقبل في القطاع العقاري، والذي يرفد خزينة الدولة بالكثير، وله مساهمة في الناتج المحلي الاجمالي.


ضبط السوق


وتابع: لقد طالبنا بالمؤشر العقاري منذ زمن بعيد، ولكن أين الجهة التي يمكن أن تقوم بإصدار هذا المؤشر؟ إن أحد أسباب وجود المضاربة في الأسعار هي عدم وجود ذلك المؤشر؛ حيث لا يُمكن الآن الاستناد لسعر حقيقي لقيمة الأرض، أو قيمة العقاري بغياب المؤشر. كذلك لابد أن تكون هناك معايير تحكم المؤشر العقاري، ولقد علمت أن وزارة الإسكان سوف تصدر مؤشرًا عقاريًّا قريبا، ولكن كنت أتمنى أن يتم ذلك مع الجهة التي تعرف السوق وتمثل العقاريين القانونيين، وهي الجمعية العقارية العمانية. إن هاتين الجهتين يمكن أن تضعا سويًّا معايير يستفيد منها المستثمر والعقاري بشكل عام، لوضع محددات ومعايير معينة لارتفاع وانخفاض العقار عن طريق المؤشر. إن المضاربة تعد من أحد الأمور المهلكة في السوق التي تستغل غياب التنظيم والمؤشر العقاري. فبالفعل أصبح المضاربون هم من يحددون الأسعار بدون أسس واضحة، بل تعتمد على الاجتهادات الشخصية.


وشدَّد الغساني على ضرورة وجود ضوابط، وهو ما كان العقاريون ينادون به منذ زمن بوجود هيئة تنظيم العقار؛ فالسوق العقاري لن يستقيم عوده إلا أن نظم بالطريقة الصحيحة؛ وذلك بوجود هيئة مستقلة تقوم بإصدار التشريعات، ومراقبة السوق، ونحن نعرف أن التشريعات موجودة، ولكن هناك ضعف في متابعة تطبيقها وتنفيذها.


التوجه الاستثماري واحتياجات المجتمع


وقال محمد الغساني: إن المطور العقاري لابد من أن يضع خارطته في الاستثمار، وإذا تم توجيه الاستثمار لشريحة مرتفعة الدخل، فلابد من اختيار المكان المناسب؛ لأن هذه الفئة مقتدرة، وستدفع إن توافرت لها الخدمات، خاصة وأن الموقع يهمها، ولكن هناك الشريحة الأخرى التي يستهدفها العقاري وهي من ذوي الدخل المحدود والذين لا يملكون مبالغ كبيرة لشراء العقارات مرتفعة الأسعار، ولكن العنصر الرئيسي في تكلفة البناء هو الأرض؛ فإذا توافرت الأرض بسعر مناسب، فلن يكون هناك سبب يقود إلى رفع الأسعار على المواطنين، وهناك مطوِّرون عقاريون يبنون في ضواحي مسقط كالعامرات والمعبيلة وحلبان وغيرها، وبأسعار مناسبة جدا؛ حيث إن المطور العقاري يجد ربحه الأكثر إن كان مشروعه في منطقة يرتفع عليها الطلب.


ارتفاع الأسعار


وبالنظر لأسعار العقارات في ولاية بركاء، والتي باتت نموذجا واضحا لارتفاع الأسعار المعتمد على الشائعات، قال إبراهيم الصبحي (من مكتب ماسة بركاء للعقار): إن الأسعار في ولاية بركاء شهدت ارتفاعا كبيرا خلال الأشهر القليلة الماضية؛ حيث بلغ متوسط الأسعار في ولاية بركاء 12000 ريال لقطعة الأرض، فيما تصل أسعار بعض قطع الأراضي إلى 30 ألف ريال، ويبلغ أقل سعر لقطعة أرض ببركاء نحو 7000 ريال.. وتابع بأن الأسعار كانت منخفضة بشكل كبير قبل 6 أشهر، وارتفعت الأسعار بصورة سريعة نتيجة الطلب الكبير على الأراضي.


وأشار إلى أن أسعار بعض الأراضي بلغت في وقت سابق 4000 ريال، والآن في حدود 7000 ريال مثل القريحة والسوادي، وبعضها كان 15000 ريال والآن 25000 ريال مثل الفليج القديم.


ولفت إلى أن الارتفاع الكبير في الأسعار لم يعد منطقيًا في بعض المناطق؛ حيث إن هناك أراضي خالية من خدمات البنية الأساسية وبعيدة عن المشاريع في المنطقة، لكنها رغم ذلك تشهد ارتفاعا كبيرا في الأسعار وصل إلى 150% مقارنة بالسعر السائد خلال الأشهر الثلاثة الماضية؛ وذلك نتيجة اسباب عدة أهمهاالارتفاع العام في أسعار العقارات بالمنطقة، ونتيجة المضاربة من قبل الوسطاء العقاريين الدخلاء على السوق العقاري.