بدار الأوبرا السلطانية مسقط -
ينتظر غدا جمهور دار الاوبرا السلطانية مسقط واحدة من الفنانات الافريقيات من الجيل الجديد التي تعيد كتابة قواعد احترام ومراعاة التقاليد الموسيقية، حيث يلتقي الجمهور في السابعة والنصف من مساء الغد مع الفنانة دوبيه ناهوري لتقدم لهم مجموعة من اغانيها المتميزة، وتعتمد دوبي ناهوري في نجاحها على العلاقة التي تقيمها مع جمهورها حيث تكون على سجيتها وطبيعتها وهي على خشبة المسرح فهي تعيد ابتكار الموسيقى الافريقية بعاطفة وتناغم.
يقول عنها الكاتب إيتين بور: تتمتع دوبي بميزة مزدوجة: موهبة الغناء والقدرة على التأثير بالأغنية، وتعكس أغانيها اهتمامها بالعالم، وتغني عن عالمها، وهي ترى أن كل شيء في العالم يمكن التغني به في أي وقت، فليست القدرة على الغناء وحدها كافية، بل من الضروري أداؤها بصورة صحيحة، وهذا التعبير عن شخصية الفنان هو ما يضفي على الأغنية تأثيرها ويحدد مصيرها؛ تنشد دوبي أغنيات خالية تماماً من المبالغة، لكنها مبنية على معرفة بسيطة بالأشياء التي من شأنها تغيير العالم بين ليلة وضحاها والتأثير في حياة النساء والرجال والأطفال العاديين من مختلف الأمم في العالم؛ لا تغني بروح مطربة من ساحل العاج تتحدث عن شعبها، بل بروح مطربة أفريقية تغامر بإيصال صوتها إلى جميع أنحاء القارة وبتصويره في مختلف الأبيات الشعرية، ومثلها مثل ميريام ماكيبا، أصبحت دوبي ناهوري بطلة أفريقية، لا تشبع حاجتها للغناء بيئة واحدة أو ثقافة واحدة أو لغة واحدة، ظلت لسنوات تغني وتعبر عن نفسها بعدة لغات، حيث يتقن كل شخص أفريقي عدة لغات حتى يتمكن من التواصل مع جيرانه الذين قد ينتمون إلى ثلاثين إلى خمسين ثقافة مختلفة في إقليم واحد صغير نسبياً. ولكن لماذا لا تتجاوز هذه الحدود الثقافية لحدود القارة الأفريقية؟ استطاعت دوبي أن تحقق ذلك بأحبالها الصوتية التي يبدو أنها مؤهلة للغناء في مختلف الأماكن، تشدو بالفرنسية بين الحين والآخر، وكأنما تحقق إنجازاً جديداً كل حين، ويمثل هذا التوجه اللغوي عاملاً واحداً من عوامل تأثير الأغنية في القارة بأكملها، ولابد أن ينتبه المرء إلى الأسلوب، ويركز على تغيير مقام الصوت والأشكال، وقد نجحت هذه المطربة أن تثبت نفسها كواحدة من أعظم الأصوات النسائية الأفريقية، وممثلة لكل هؤلاء النساء في مختلف أنحاء أفريقيا.
وتلقي دوبي بنفسها بدون تردد في معركة كل الأفريقيين، معتمدة على صوتها الرائع، فتصرخ وترفع طبقة صوتها وتتوقف فجأة وتنعق وتغني اليودل وتتنهد وتهمس وتصدح وتنفجر، تختار اللغة أو الأسلوب كما يختار الشخص مقام الموسيقى الشرقية، كأداة للتعبير عن المشاعر والواقع في آن واحد، إنها وسيلة تكملة الموضوع واختيار الكلمات كالأنغام الموسيقية لأنها تنقل الرسالة أفضل من غيرها؛ في هذا الغناء نسمع صوت غرب أفريقيا، ووسطها، وجنوبها، وشرقها وهم متشابكون برقة بفضل صوتها، تغني قائلة: “لا تضيع السنين في انتظار السعادة. بل اذهب وتصرف بإلحاح يا صديقي…” تظل تقدم النموذج من خلال دفع أغنيتها للحديث عن الأطفال، والنساء، وبلادها، والمنفى، والأمراض، والكرامة. إن الاستماع إلى دوبي ناهوري استماع إلى أحد أعظم أصوات الممكن. والممكن يفتح أبواب الأمل.
تعود دوبي ناهوري في أحدث ألبوماتها بقوة، لكنها قوة رقيقة تشبه اللمسة الناعمة في عملية تواصل من القلب إلى القلب. يجسد غناؤها الوحدة بين المرأة وأفريقيا، تحمل المرأة القارة على كتفيها وفي قلبها وفي آلامها وفي أفراحها، في حين تدفع القارة المرأة إلى الأمام، وتشجعها على التقدم من أجل أطفالها وزوجها وعائلتها وشعبها وبلادها وقارتها، حيث نشاهد أمامنا صورة المرأة كقوة توحيد صامدة على مدار أجيال بدون تحيزات، بدافع الضرورة والظروف والحب حتى وهي تعاني ويلات وسموم حياتها اليومية. وتصف دوبي المرأة التي تمس شغاف قلبها: إنها المرأة التي تفقد حياتها أثناء الولادة، والتي تعاني من ظلم زوجها، والتي ترفض زواجاً مجبرة عليه، والتي تنعي حباً ميؤوساً منه، والتي لا تفهم، وتتردد، وتندم، وتشكك، وتحاول أن تفهم، والتي تطمح وتأمل في المستقبل. وبالطبع المرأة التي تحب وتعبر عن شكرها، والتي تحذو حذو دوبي فتتعلم من احتكاكاتها اليومية بالحياة.