فوائده عديدة ويستخدم في الصناعات التجميلية والعطور والأدوية -
العمانية: يعتبر محصول اللبان الذي تنتشر أشجاره في مناطق مختلفة من محافظة ظفار من أفضل أنواع اللبان نظرا لتوفر المناخ الملائم من حيث درجة الحرارة والرطوبة إضافة إلى وجود التربة الجيرية الكلسية الملائمة لنمو شجرة اللبان.
وتنمو أشجار اللبان في المنطقة الواقعة خلف الجبال المتأثرة بالأمطار الموسمية حيث تنمو غالبا في المنحدرات المنخفضة وفي قاع الأخاديد والجداول وبكميات أكثر كثافة على طول القيعان العريضة للوديان الأكثر حجما.
ويحتوي اللبان على فوائد عديدة ويستخدم في الصناعات التجميلية والعطور والأدوية والزيوت والمساحيق وفي الحياة اليومية والمناسبات الاجتماعية والدينية إلى جانب صناعة البخور أو الدخون الذي تشتهر محافظة ظفار بإنتاجه نظرا لرائحته المميزة .
وتقاس جودة اللبان باللون النقي الأبيض المشوب بزرقة والخالي من الشوائب ويرتفع ثمنه طبقا لهذه الجودة وتقل كلما تغير اللون إلى الاحمرار أو اختلط بشوائب أخرى حيث ترتبط جودة الإنتاج بالنطاقات الجغرافية والعوامل المناخية المميزة لكل نطاق وكذلك خبرة المشتغل على جني هذا المحصول وفترات ومواقيت الحصاد ويتراوح سعر الكيلو الواحد من اللبان ما بين 3 إلى ما يزيد عن 30 ريالا عمانيا.
يبدأ إنتاج وجني محصول اللبان في محافظة ظفار خلال شهر أبريل ويستمر إلى شهر يونيو من كل عام باستخدام الطرق التقليدية المتبعة والمتعارف عليها منذ القدم.
وتبدأ عملية الإنتاج من خلال جرح سيقان وأفرع شجرة اللبان في طبقة اللحاء بآلة تسمى (المنقف) ويطلق على هذه العملية (التوقيع) وينتج عنها مادة لزجة سرعان ما تتجمد ويتم التخلص منها في الضربة الثانية وكشطها إلى الأرض بعد أسبوعين من التجريح الأول في عملية تسمى (السعف) وبعدها يتم جمع محصول اللبان ثم يتم جرح نفس المنطقة مرة ثالثة وتعرف هذه العملية بعملية السعف الثاني ثم تتكرر عمليات السعف إلى آخر عمليات جمع اللبان وتسمى هذه الأخيرة (الكشمة).
ويبدأ الجمع الفعلي للبان بهدف التسويق التجاري بعد أسبوعين من التجريح الثاني حيث يتم كشط الشجرة للمرة الثالثة ويتم تجميع اللبان إما من على الشجرة أو ما يسقط منه على الأرض حيث يبلغ معدل الإنتاج التقريبي لشجرة اللبان من 7 إلى 10 كيلو جرامات تقريبا.
وتعتبر شجرة اللبان من أشهر النباتات الموجودة في محافظة ظفار وقد أسهب الكثير من المؤرخين والرحالة والباحثين في الحديث عن شجرة اللبان وأهمية المادة المستخرجة منها والتي تعتبر مقدسة في الحضارات القديمة حيث كان اللبان يتمتع بالأهمية ويصل إلى أسعار خيالية وذلك نظرا لخواصه العطرية واستخداماته العلاجية والدوائية.
وقد ازدهرت تجارة اللبان على مر العصور فنشأت بذلك علاقات تجارية متنوعة مع حضارات وشعوب العالم القديم من خلال طرق القوافل إلى بلاد ما بين النهرين وإلى مصر وبلاد حوض البحر المتوسط ومنها إلى أوروبا وعبر بحر العرب والمحيط الهندي إلى سواحل أفريقيا وشبه القارة الهندية ومنها إلى شرق آسيا.
ويتميز اللبان برائحته الزكية المنعشة وفوائده الصحية المتعددة حيث يعد كمشروب مسكن للألم ويزيد من صفاء الذهن ويذهب النسيان وقد استخدم في معظم الوصفات العلاجية لتحسين الإخصاب ولمرض الصرع وحالات الولادة المستعصية ولتفتيت الحصوات وأمراض الطفح الجلدي وشفاء الكسور والتحام العظام وعلاج مرض النقرس وطرد الآفات الحشرية والأوبئة والسموم.
كما استخدم اللبان كعلاج جيد للربو واضطرابات الرحم وأمراض الرئتين وعلاج السعال المزمن وعسر التنفس وترطيب القصبة الهوائية واستخدم كمسحوق لشفاء الجروح وتزكية ماء الشرب برائحة طيبة ومعالجة اللثة والأسنان وحالات الخمول وكمادة مقوية للقلب ومنبهة للذهن ولغازات المعدة وأورام الطحال وآلام المفاصل ومؤخرا لعلاج بعض أمراض السرطان.
وتعتبر شجرة اللبان من فصيلة (البخوريات) التي تضم حوالي ( 26 ) نوعا من بينها الشجيرات المحلية التي توجد في محافظة ظفار ( العوقر- الشيقوف – العكيبوت – العقريت – المغر) حيث يتراوح طول (ارتفاع) شجرة اللبان في الغالب ما بين (3 –7 ) أمتار إلا أن ارتفاعها في بعض مجاري الأودية والشعاب يصل إلى حوالي 10 أمتار مثل وادي قيفر ووادي هيلة.
كما تتواجد أشجار اللبان في مجاميع صغيرة أو منفردة بمعزل عن بعضها وفي أغلب الأحيان يتفرع جذع الشجرة فوق سطح الأرض إلى أكثر من ساق واحدة ولكنها أيضا تتواجد بساق واحدة في حالات نادرة .
وتنقسم أنواع اللبان في محافظة ظفار إلى أربعة أصناف مختلفة من حيث الجودة وذلك حسب التوزيع الجغرافي حيث يعد اللبان “الحوجري” من أجود أصناف اللبان على الإطلاق ويتم إنتاجه من الأودية الشرقية الجافة في المحافظة.
ويعتبر اللبان “النجدي” ثاني أجود أصناف اللبان ويتم إنتاجه من الأودية النجدية التي تصب شمالا والمنحدرة من سلسلة جبال ظفار التي تمتد من الشرق إلى الغرب.
ويأتي في المرتبة الثالثة من حيث الجودة اللبان “الشزري” وينتج من الأودية الغربية الجافة التي تقع إلى الجنوب من الأودية النجدية فيما يأتي اللبان السهلي ” الشعبي” في المرتبة الرابعة ويتم إنتاجه من أشجار اللبان التي تنتشر في الأودية والسهول المتأثرة بأمطار الخريف الموسمية.
ونظرا للأهمية التاريخية والمستقبلية لأشجار اللبان تسعى الجهات الحكومية ذات الصلة كوزارة البيئة والشؤون المناخية ومكتب وزير الدولة ومحافظ ظفار ووزارة الزراعة والثروة السمكية ومكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية ومكتب حفظ البيئة التابع لديوان البلاط السلطاني إلى بذل الجهود نحو المحافظة على أشجار اللبان سواء بزيادة المساحة المزروعة منها أو إكثار أعدادها وإنتاج شتلاتها أو المحافظة عليها في مواطنها وحمايتها من الرعي والاستخدام الجائر لأراضي أشجار اللبان وعمل مسوحات لبيئة أشجار اللبان في عدد من المناطق بهدف التعرف على الكثافة النباتية لهذا النوع والوضع الحالي لحالة الأشجار.
وقد قامت وزارة الزراعة والثروة السمكية بحفظ هذا الموروث من خلال زراعة أشجار اللبان في الحديقة الشجرية الخاصة بالنباتات البرية بالمديرية العامة للزراعة والثروة الحيوانية بمحافظة ظفار لأغراض إتاحتها للدارسين والمهتمين من طلاب المدارس والمعاهد والجامعات. كما ضمنت الوزارة أهمية المحافظة على أشجار اللبان ضمن قانون المراعي وإدارة الثروة الحيوانية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 8 /2003.
كما تقوم وزارة الزراعة والثروة السمكية كل عام بجمع بذور اللبان من مختلف المناطق الجغرافية المعروفة وإنتاج شتلات هذه الأصناف بمشتل الموارد الرعوية بالمديرية العامة للزراعة والثروة الحيوانية بمحافظة ظفار حيث يقدر متوسط الإنتاج السنوي من الشتلات بحوالي (15000) شتلة.
وتقوم الوزارة بتوزيع شتلات اللبان مجانا للمواطنين والجهات الحكومية والمؤسسات الأخرى بغرض تشجيعهم علي غرس هذه الأشجار وفق برامج تنموية معتمدة للنهوض بهذا المجال والمحافظة عليه حيث بلغ عدد الشتلات الموزعة خلال السنوات الماضية حوالي أكثر من 40 ألف شتلة.
كما تقوم الوزارة ممثلة بالمديرية العامة للزراعة والثروة الحيوانية بمحافظة ظفار حاليا بتوسعة رقعة أشجار اللبان بتسوير مساحة تقدر بحوالي 65 هكتارا بمنطقة عيون لتتسع لزراعة 32 ألف شتلة من اللبان إلى جانب غرس حوالي 8000 شجرة لبان في مختلف المناطق المحمية في كل من (حالوت ـ آشور ـ وادي قي ـ جبجات ـ اللوب).
ويقوم مكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية بزراعة أشجار اللبان في محمية وادي دوكة للوصول إلى أعداد تتجاوز عشرة آلاف شجرة في المساحات التي لا يوجد بها كثافة لأشجار اللبان وذلك نظرا لأهمية (وادي دوكة) كموقع مدرج ضمن قائمة التراث العالمي الثقافي والطبيعي كأحد مواقع ارض اللبان في منطقة النجد شمال المنحدرات الجبلية.
وقد بدأ مكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية مؤخرا بتنفيذ تجربة إنتاج محصول اللبان من محمية وادي دوكة التي تقع على الطريق العام صلالة – مسقط في اتجاه موقع شصر (وبار) على بعد 40 كم من مدينة صلالة .
ويتميز موقع المحمية بطبيعته الصخرية الحصوية شبه الصحراوية إضافة إلى وجود تلال ممتدة صغيرة حيث تمتد كثافة أشجار اللبان على مساحة تقدر بــ (5) كيلومترات مربعة من حرم المحمية التي تقدر مساحتها بحوالي 19 كيلومترا مربعا .
ويبلغ عدد الأشجار التي كانت في المحمية سابقا 1230 شجرة يتفاوت طولها بين ثلاثة إلى خمسة أمتار إلى جانب أشجار صغيرة يصل طولها إلى متر ونصف المتر.
ونتيجة لأهميته التاريخية والاقتصادية وفوائده العديدة أصبحت شجرة اللبان شعارا لمحافظة ظفار .. كما تحظى مواقع أشجار اللبان باهتمام الزوار والسياح وتعد من أهم المعالم السياحية والتاريخية للمحافظة ويحرص معظم السياح على شراء اللبان الذي يباع في مختلف الأسواق الشعبية والتجارية.