قد تكون الصين من أقوى الدول اقتصاديا وأكثرها كثافة للسكان لكنها عجزت حتى الآن عن فرض نفسها كلاعبة مؤثرة في كرة القدم القارية والعالمية على حد سواء، وهي ستسعى في مشاركتها الحادية عشرة في على صعيد كأس آسيا إلى حجز مكان لها بين الكبار.
ووقعت الصين في استراليا 2015 في المجموعة الثانية إلى جانب أوزبكستان والسعودية وكوريا الشمالية.
ولا يزال الصينيون يتحسرون على ضياع الحلم على أرضهم عام 2004 حين وصلوا إلى المباراة النهائية قبل أن يخسروا أمام اليابان 1-3.
وما زال المنتخب الصيني يفتقد إلى الإنجاز الذي يفتح له الباب للانضمام إلى قائمة المنتخبات الكبيرة في القارة الصفراء كالسعودية وإيران وكوريا الجنوبية واليابان.
ويبقى التأهل إلى نهائيات مونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان أفضل إنجازات منتخب الصين حتى الآن.
ولن تكون الأمور سهلة في استراليا إذ تتكرر المواجهة بين المنتخبين الصيني والسعودي اللذين وقعا في مجموعة واحدة أيضا في التصفيات وفازت السعودية ذهابا وتعادلا إيابا.
ووقعت الصين أيضا مع أوزبكستان في مجموعة واحدة في نهائيات آسيا 2007 وحققت الثانية فوزا سهلا بثلاثية نظيفة كما وقعا في المجموعة ذاتها عام 2011 وتعادلا 2-2.
نجح منتخب الصين في التأهل إلى نهائيات كأس آسيا 2015 في أستراليا بعدما انتظر حتى نهاية مباريات الجولة الأخيرة من التصفيات.
وتبدو استعدادات المنتخب الصيني لنهائيات استراليا واعدة إذ لم يذق طعم الهزيمة سوى مرة واحدة في 11 مباراة منذ يونيو الماضي بقيادة مدربه الفرنسي الن بيران الذي استلم المهمة قبيل الجولة الأخيرة من التصفيات أمام العراق، حيث تأهلت الصين رغم الخسارة 1-3.
سجل متواضع
لا تملك الصين سجلا حافلا في كأس آسيا التي بدأت المشاركة فيها عام 1976، لكنها ظهرت، وإن لم تحرز اللقب، في المراكز الأولى في مشاركاتها حتى الآن.
ويبقى أفضل إنجاز للمارد الصيني في النهائيات تأهله إلى المباراة النهائية في البطولة الثامنة في سنغافورة عام 1984 لكنه خسر أمام السعودية صفر-2، ونهائي بطولة 2004 على أرضه قبل أن يخسر أمام اليابان 1-3.
وكانت الصين طرفا في أول مباراة كرة قدم دولية بين منتخبين آسيويين، وخسرت فيها أمام الفلبين عام 1913، فشكلت منعطفا نحو بداية تطور الكرة الصينية مع الوقت برغم الإمكانات المتواضعة المتاحة في حينها.
وتعود أبرز إنجازات الصين إلى سنوات بعيدة وتحديدا إلى عام 1936 بتأهلها إلى نهائيات دورة الألعاب الأولمبية في برلين، حيث خسرت فيها في الدور الأول أمام بريطانيا صفر-2.
ومنذ ذلك التاريخ، غابت الصين عن الساحة العالمية إلى أن ظهرت مجددا عام 1976 الذي شهد أول مشاركة لها في كأس آسيا بعد سنتين مباشرة من انتسابها إلى الاتحاد الآسيوي.
ولعبت الصين في نهائيات 1976 في إيران ضمن المجموعة الأولى وحلت فيها ثانية خلف الكويت بعد خسارتها أمامها وتعادلها مع ماليزيا 1-1، لكن بدايتها المتواضعة لم تسعفها في تخطي الدور نصف النهائي فخرجت أمام أصحاب الأرض بخسارتها صفر-2، إلا أنها حلت ثالثة بفوزها على العراق 1-صفر.
وفي المشاركة الثانية في الكويت عام 1980، خرجت الصين من الدور الأول بعد خسارتها أمام كوريا الشمالية 1-2 وسوريا صفر-1، وفوزها على بنغلادش 6-صفر، وتعادلها مع إيران 2-2.
وبلغت الصين الذروة في نهائيات 1984 في سنغافورة حين حلت وصيفة بعد أن تصدرت المجموعة الثانية في الدور الأول بفوزها على سنغافورة 2-صفر والهند 3-صفر والإمارات 5-صفر، وخسرت أمام إيران صفر-2. وفي نصف النهائي فازت على الكويت 1-صفر، ثم خسرت في النهائي أمام السعودية صفر-2.
وفي الدورة التاسعة في قطر عام 1988، حلت الصين ثانية في المجموعة الثانية ضمن الدور الأول بعد فوزها على سوريا 3-صفر والبحرين 1-صفر، وتعادلها مع الكويت 2-2، وخسارتها أمام السعودية صفر-1. وفي نصف النهائي، خسرت أمام كوريا الجنوبية 1-2 في الوقت الإضافي بعد تعادلهما في الوقت الأصلي 1-1 ثم تعادلت مع إيران سلبا وحلت رابعة بعد إجراء القرعة.
وأحرزت الصين المركز الثالث في الدورة العاشرة عام 1992 في اليابان. في الدور الأول، حلت ثانية في المجموعة الثانية خلف السعودية بعد تعادلها معها 1-1، ومع تايلاند صفر-صفر، وفوزها على قطر 2-1. وفي نصف النهائي، خسرت أمام أصحاب الأرض 2-3، ثم فازت على الإمارات بركلات الترجيح 4-3 بعد تعادلهما 1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي في مباراة تحديد المركز الثالث.
ومع اتساع رقعة المشاركة في النهائيات الآسيوية حيث بلغ العدد 12 منتخبا في الدورة الحادية عشرة في الإمارات عام 1996، لم تتمكن الصين من تخطي الدور ربع النهائي وخرجت على يد منتخب السعودية (3-4) الذي توج باللقب لاحقا. وكانت الصين حلت ثانية في المجموعة الرابعة ضمن الدور الأول خلف اليابان بعد خسارتها أمام أوزبكستان صفر-2 واليابان صفر-1، وفوزها على سوريا 3-صفر.
ولم يكن طريق منتخب الصين إلى نهائيات الدورة الثانية عشرة في لبنان 2000 صعبا على الإطلاق، وظهر فعلا في التصفيات ماردا تليق نتائجه الساحقة باسمه مستفيدا من ضعف منتخبات مجموعته فسحق الفلبين 8-صفر وغوام 19-صفر قبل أن ينهي التصفيات بفوز عادي على فيتنام 2-صفر.
وفي النهائيات في لبنان، كان أداء منتخب الصين جيدا في الدور الأول إذ تعادل مع كوريا الجنوبية 2-2 ثم فاز على أندونيسيا 4-صفر وتعادل مع الكويت صفر-صفر، وضمن مركزه في نصف النهائي بعد أن تخطى قطر بسهولة 3-1، ثم كان ندا عنيدا لنظيره الياباني لكنه خسر أمامه بصعوبة 2-3، ثم خسر المارد الصيني أمام كوريا الجنوبية صفر-1 في مباراة تحديد المركز الثالث.
وعلى أرضه وبين جمهوره عام 2004، كان المنتخب الصيني قاب قوسين أو أدنى من اللقب الأول لكنه خسر أمام اليابان 1-3 في مباراة القمة.
في الدور الأول، تعادلت الصين مع البحرين 2-2، ومع قطر 1-1، وفازت على أندونيسيا 3-1، وتحسنت عروضها بعد ذلك ففازت على العراق 3-صفر ثم تخطت إيران في نصف النهائي بركلات الترجيح 4-3 بعد تعادلهما في الوقتين الأصلي والإضافي 1-1.وفي نهائيات 2007، وقعت الصين في المجموعة الثالثة التي أقيمت في كوالالمبور، فبدأت مشوارها بفوز كاسح على ماليزيا 5-1، ثم تعادلت مع إيران 2-2، وودعت من الدور الأول بخسارة قاسية أمام أوزبكستان صفر-3.
ولم يكن الوضع أفضل في نهائيات 2011 حيث ودعت من الدور الأول رغم فوزها على الكويت 2-صفر في مباراتها الأولى، وذلك لأنها خسرت مباراتها التالية أمام قطر صفر-2 ثم تعادلت مع أوزبكستان 2-2 لتحل في النهاية ثالثة خلف الأخيرة والبلد المضيف.
بيران الحذر في طموحاته الصينية
يعول المنتخب الصيني على خبرة مدربه الجديد الفرنسي الآن بيران لكي يبلغ الدور الثاني من البطولة القارية للمرة الأولى منذ اكثر من عقد من الزمن وتحديدا منذ نهائيات 2004 على ارضه حين وصل إلى المباراة النهائية.
ويمكن للصينيين التفاؤل بعض الشيء بعد أن وضعهم جوانججو ايفرجراند بقيادة المدرب الإيطالي الفذ مارتشيلو ليبي على خارطة الألقاب الآسيوية بتتويجه بطلا لمسابقة دوري أبطال آسيا العام الماضي.
وسيحل المنتخب الصيني في استراليا مع 7 من لاعبي جوانججو ايفرجراند بينهم قائد «التنين» جي جينج، اللاعب الوحيد في تشكيلة الـ23 لاعبا الذي يتجاوز الثلاثين من عمره (34 عاما)، والمهاجم لين جوان (28 عاما) الذي ساهم بقيادة فريقه ليكون أول فريق صيني يتوج بلقب دوري أبطال آسيا بتغلبه في النهائي على اف سي سول الكوري الجنوبي بفضل فارق الأهداف التي سجلها خارج ملعبه (2-2 ذهابا في سول و1-1 أيابا).
لكن المدرب الفرنسي البالغ من العمر 58 عاما الذي استلم منصبه في فبراير الماضي، لا يبالغ في تفاؤله عشية النهائيات من حظوظ فريقه في المنافسة على اللقب القاري، قائلا: «لسنا مرشحين، ولا نملك أفضل الفرص للمنافسة على اللقب».
وحجزت الصين بطاقتها إلى النهائيات الآسيوية بصعوبة بالغة وتقدمت على لبنان بفارق الأهداف فقط إثر ركلة جزاء متأخرة في المباراة التي فازت فيها على العراق 3-1 في مارس الماضي.
وتابع بيران «آمل أن تسهم الجهود التي بذلها اللاعبون في الأشهر القليلة الماضية من الإعداد وروح الفريق الواحد لهذه المجموعة في تخطي الدور الأول».
وقد تعاقد الاتحاد الصيني مع بيران خلفا للأسباني خوسيه أنطونيو كاماتشو، على أمل الاستفادة من خبرته التدريبية الكبيرة التي بدأت عام 1993 مع تروا قبل الانتقال إلى مرسيليا (2002-2004) ثم العين الإماراتي (2004) وبورتسموث الإنجليزي (2005) وسوشو الذي أحرز معه لقب الكأس الفرنسية (2006-2007) وليون الذي توج معه بلقب الدوري والكأس مرة واحدة (2007-2008) وسانت أتيان (2008-2009).
ثم بدأ بيران رحلته القطرية عام 2010 حيت تنقل بين الخور (2010-2012) والمنتخب القطري الأولمبي (2012-2013) والغرافة (2012-2013) وأم صلال (2013).
وسيكون جي جينج، أفضل لاعب آسيوي لعام 2013، مركز الثقل الذي يعول عليه بيران خصوصا أن لاعب الوسط القائد يتمتع بخبرة كبيرة نتيجة احترافه لثلاثة مواسم في صفوف تشارلتون اثلتيك الإنجليزي (من 2007 حتى 2009) وموسما مع سلتيك الاسكتلندي (2009-2010) قبل أن ينضم إلى جوانججو عام 2010 ويتوج معه بلقب الدوري أربع مرات والكأس وكأس السوبر وكأس الرابطة مرة واحدة إضافة بالطبع إلى دوري أبطال آسيا.