مسلسل «عشق النساء» .. قصص واقعية بمتخيل سردي درامي

ضحى عبدالرؤوف المل –

يعالج المسلسل اللبناني (عشق النساء) الخجل الاجتماعي من التفاوت الطبقي بين ابناء المجتمع الواحد، والمشاكل الاسرية التي تتسبب في فروقات مختلفة، مما يؤثر على العلاقات الزوجية التي بدأت بالحب والشغف دون الانتباه الى التغيرات المؤدية الى ايجاد انفصامات داخلية بين الزوج والزوجة ونسيان الحب. بل وحتى نسيان العائلة وواجباتها كفريد المستهتر بنفسه اولا وبالاخرين، لكن ما نتربى على مبادئه واسسه لا يمكن نسيانه او بتره ما لم ندرك أننا ضمن مجتمع واحد جماله بتنوعه.انفصامات داخلية في دراما جمعت قصصا اجتماعية محبوكة واقعيا بمتخيل سردي ودرامي يبدأ من مفهوم البكوية المتعالية المتعدية على المفهوم الانساني العام. فغادة وفريد والمعاناة بين الطبقية ومهنة التمريض والعمل للاكتفاء الذاتي والإبقاء على احترام الذات، لكن المشاهد مع “ غادة يزيك “ و” فريد” لم تخل من عنف اسري او العنف الموجه ضد المرأة العاملة والمنتجة ، المتمسكة بعائلتها متناسية نفسها والاهتمام بالمرأة الداخلية التي نسيتها في خضم متاعبها مع زوجها.

وقد أبدعت “ ورد الخال” في تقمصها شخصية “ غادة” المعتادة على توليد النساء، ومنح الحياة لاطفال تطل وجوههم على وجه غادة الهاربة من زوجها وعنفه ولعبه للقمار معتمدا على ارث عائلته المفقود، ولكنه الارث الاجتماعي لابن البيك. كما الارث الاجتماعي الذي انتقل الى غادة من الأم والتولع بالولادة ورؤية الاطفال في لحظاتهم الاولى. لتتصاعد الاحداث ضمن الطموح والهروب والبناء والعودة الى تحقيق الحياة الفاضلة بعيدا عن زوج مستهتر تلاعب بعواطفها اكثر من مرة، فهل يمكن تخطي المعاناة عند المرأة دون سلبيات او ايجابيات غير متوقعة؟

مشهد في الحلقة الثالثة جمع بين “ ورد الخال” و” باسل خياط” وقصة العدل في الحياة او بالاحرى معنى الحياة وتناقضها ، فالصداقة وعشرة العمر والوفاء لم تنطبق على موضوعية المشهد ولغة العيون الموحية بعمق الحب بينهما التي استطاع التقاط تفاصيلها المخرج “ فيليب اسمر “ مع براعة ممثلين مشهود لهم بتمثيل فني وتقنية مؤثرة توحي بمصداقية وواقع المشهد الذي انهاه المخرج “ فيليب اسمر” بضمة لامرأة تحتاج لصدر حنون يشعرها بالمحبة والامان ليتساءل المشاهد عند الحلقة الثالثة هل يبدأ الحب من لحظة المعاناة؟

استطاعت المؤلفة “ منى طايع” حبك شخوصها، وقصصهم المختلفة متخذة من الواقع المتخيل منحى سردي للحياة التي نلمس تفاصيلها عبر وجوه استطاعت خلق وجودية للعمل الدرامي والوقائع الحياتية الغير غريبة على المتلقي ، بمختلف انواعه الاجتماعية المقنعة من عادل الى غادة والقرار الصح او الخطأ الذي نرافق نتائجه خلال الحلقات الاخرى وصولا الى سمير وجيهان وقصة الحب المترادفة مع قصة غادة وزوجها المتعالي والتعالي الاخر والبحث عن المال، وبأنانية تريد الجمع بمن تحب وبالمال للمحافظة اجتماعيا على مستوى العائلة البكوية او( بيت يزبك بكوات) .

لعبت الموسيقى التصويرية “ لفادي مارديني” دورها في احداث تأثيرات درامية اضافية تبث الحزن بدراما سمعية اخرى، بمستويات منخفضة مع الصوت كخلفية مؤثرة . كاننا نستمع الى قصائد الحياة مع تغيرات في الالات الموسيقية تبعا للمواقف والمشاهد خصوصا عند التعرف على الصديقة “ ناي عبدالله” التي فتحت بيتها لورد الخال واللقاء الاول مع عادل وناي عبدالله والايحاء ببداية علاقة من طرف واحد، وجلسة منطقية للنقاش بعودة زوجين تتناقض بينهما التفاصيل الحياتية بين سلبي وايجابي، والمفاهيم القانونية التي لا تعرف الحقائق الانسانية كما ينبغي لانها تحقق القوانين تبعا للمواد القانونية وللبراهين ، فهل تثير “ منى طايع “ مشاكل المرأة العربية باسلوب درامي رومانسي يلمس اوجاع المرأة بقساوة الواقع وحقيقته الذي لا يرحم المرأة الحنون والمجبولة على العاطفة مثل “ بوب “ المتخرج كجراح بمساعدة زوجته الممرضة ايضا التي تسانده في تحقيق طموحاته المهنية كطبيب جراح دون ان تفكر بنفسها ، فالحب بينهما لم يتعرض لانتكاسة الحياة لانها ارادات الهروب من الحقائق المؤلمة لها واراسخة في نفسها، وهو من طلب منها الاجهاض دون التفكير بمشاعر الامومة واحتياجاتها .

رؤية اخراجية نسجها باسلوبه المخرج” فيليب أسمر “ وبناء المشهد من قريب وبعيد وضمن انتقالات منطقية بصريا اغلبها في التصوير الخارجي وجمالية اللقطات المفتوحة على الضوء وجمالية المنظر . كما تلاعب بخيوط النص الدرامي وجماليته مع الحبكة الاخراجية المتنقلة ما بين قصة وقصة، وتوترات بما يضمن معها ربط المشاهد بالحبكة المؤثرة والربط المشهدي بين ابنتها وزوجها اي موت فريد والحيرة بين الضحك والبكاء والمأساة المريحة لامراة ما زادها الزواج الا ارهاقا ومتاعبا ، اضافة الى الصديقات ومشاكلهن المتعددة. فالضوء الاساسي على “ غادة “ وزوجها و” عادل مطر” والثانوي لا يقل اهمية من حيث “ ناي عبدالله” و” عادل كرم” و” بوب “ و” امل” وحتى “ جيهان” و” سمير “ والحصول على كل شىء في الحياة.

صوت “ جاد خليفة” رافق الجينيريك السريالي بكلمات اختزلت الحلقات “ شو صار بعد العمر يتغير احساسنا تصير الدني تشتي زعل يتغير كل شي براسنا كل شي كان وهم وصدقته احساسي ما بعمري فقدته “ لان المحبة والحنان احاسيس تجمع بين معنين يمنح كل منهما الامان للمرأة ، هذا ما تبحث عنه المرأة في الحياة او بالاحرى هذا ما تطلبه من الرجل بنسبة كبيرة عند النساء، فالعشق بدايته المحبة والحنان ونهايته فقدان الأمان، فهل استطاعت الاغنية منح العمل نكهة حزينة بموسيقاها وكلماتها وصوت جاد المتآلف مع اللحن ؟

المسلسل من بطولة : ورد الخال ، باسل خياط، نادين نسيب نجيم، ميس حمدان، طوني عيسى، جوي خوري وتأليف منى طايع واخراج فيليب اسمر