صادق حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه – أمس على الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2015 وفق المرسوم السلطاني السامي رقم واحد لتصدر في موعدها المحدد من كل سنة كما هو معتاد في تقليد يعكس الدقة والالتزام ويحفز الكل لأداء واجبه بالطريقة ذاتها في التخطيط والعمل على إنجاز كل أمر في نصابه وموعده.
وإذا كان العالم يمر بظروف مدركة للجميع في الجانب الاقتصادي بوجه خاص من حيث الانخفاض الكبير لأسعار النفط في الأسواق العالمية وبغض النظر عن الأسباب والمسببات، فإن المعالجة التي انتهجتها حكومة السلطنة في هذا الإطار جاءت حكيمة وموضوعية لم تقم على ردود الأفعال ولا على التأثر بالمتغيرات الآنية، إنما انتهجت الأسلوب المعروف في الاتزان والتريث والمعالجة الواقعية والعلمية، وهو أسلوب منهجي طالما أكد عليه وحرص على تنفيذه سلطان البلاد المفدى – أعزه الله -.
إن انعكاسات الواقع الدولي وما حدث من تأثر كبير للعديد من الدول بالإضافة إلى اختلاط المشهد بالتفاعلات السياسية على الصعيد الإقليمي والدولي، كل ذلك تعاملت معه السلطنة بالنظرة العقلانية لتمضي فيما ظلت تؤكد عليه بسياسة التنمية الإنسانية منذ بواكير النهضة العمانية المباركة، بالتركيز على المواطن بوصفه مفردة وجوهر البناء والتنمية وتعزيز القدرات التي تصنع التطلعات لحياة أفضل ومستقبل مشرق.
ولهذا فإن المخرجات والحلول التي جاءت بها الميزانية كانت قد وضعت كل هذه العوامل في الاعتبار، وهي تنظر إلى المواطن في المقام الأول حيث تظل معيشته وحقوقه خطا أحمر لا مساس به، فالجوانب الاجتماعية حافظت عليها الموازنة بحيث لا يضار أحد، في الوقت الذي تم التأكيد على تعزيز الحلول البديلة سواء على المسار الآني أو المستقبل الأبعد، وذلك بالمضي في تنويع مصادر الدخل الوطني وابتكار الفرص الأكثر ديمومة لاقتصاد مستقبلي يواكب هذا العصر المتسارع ولغة المعرفة والمعلومات والأرقام.
إن المعالجة التي تمت كانت حكيمة وهادئة وموضوعية، وبسلاسة كان مشروع الموازنة قد عبر الجهات التشريعية وتم الأخذ بمرئيات مجلسي الشورى والدولة، في إطار ديمقراطية الرأي وتغليب مصلحة المواطنين عبر ممثليهم من الشعب، ليكون الآن الدور والمسؤولية أمام الجهات التنفيذية لتقوم بواجبها، ونحن واثقون أن الخطوات التي تتسم بها مرحلة التنفيذ سوف تمضي بالقدر نفسه من المسؤولية والإخلاص والقدرة على القفز من محيط التحديات الآنية إلى الاستشراف المستقبلي للأفق البعيد وما يخدم مصالح الوطن والمواطنين.
وفي مقابل ذلك فإنه ليس جديدا التأكيد على واجب كل منا في القيام بدوره الوطني في العمل بأقصى طاقات العطاء والإنتاج والإخلاص، ما يُمِّكن دولاب العمل من الدوران بعجلة قصوى ومتزنة في الوقت نفسه، وأن نسلح أنفسنا بالمزيد من المعارف والمهارات في ظل تمسكنا بقيمنا الأصيلة والسمحة.
وفي مطلع عام جديد نهنئ جلالة السلطان المعظم – حفظه الله ورعاه – وكل أهل عمان بهذه المناسبة السعيدة وهي تتزامن مع الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف، ونسأل الله أن يعود جلالته إلى أرض الوطن في أقرب وقت محفوفا بعناية الله ورعايته، وأن يكون هذا العام عام خير وبركة ورخاء لعمان.