رماد – صدى الأشجان

Abdullah-al-mamari

عبدالله المعمري -

تمتزج ألوان الحياة في قلوبنا أكثر من امتزاجها في أعيننا حينما نرى الأشياء من حولنا، ذلك أن القلب هو مكمن الإحساس والشعور، وهو محرك ما يمكن أن نكون عليه في هذه الحياة وفق معطيات الفطرة الربانية التي خُلقنا عليها، بعيدا عن تلك الصفات البشعة التي هي في حقيقتها مجرد أخطاء قد نرتكبها بمحض إرادتنا أو نقع فيها جراء ما يجرنا إليه الآخرون ممن حولنا.

ما أشبه هذا الامتزاج في ألوان الحياة بامتزاج الحرير مع الديباج لتشكل معا ثوب السعادة الحقيقية في الحياة الدنيا مع ما يمكن أن يحتويه هذا الثوب من صفات إنسانية حقيقية نحتاج إليها في زماننا هذا أكثر من غيره، كتلك الطيبة والصدق الذي يبني جسور التواصل مع الآخرين مشفوعة بالحب والأخوة والصداقة التي جميعها جواهر ترصع تاج الوجود.

ذات يوم كنت احلم بارتداء هذا الثوب، ثوب السعادة، وكم دعوت رب الخلق سبحانه بأن اكتسي هذا الثوب في حياتي التي هي أشبه بتلك الغابة الكثيفة التي تغطي نور الشمس عن الوصول إلى أعماقي.

ومع سنوات العمر التي مضت وأنا ألح في الدعاء، حتى تحقق ذات يوم ما كنت أتمنى، فاكتسيت ثوب السعادة الذي يجمع في خيوطه رقة الحرير وعقدا من الديباج بألوان زاهية تسر الناظرين. كنت اشعر حينها بأني أملك الدنيا بما وسعت، والحياة بما رحبت والصفات الإنسانية بكل ما يمكن أن تجتمع فيه البشرية في زماني.

إنه ثوب شكل احتواء الروح بالقلب والعقل بالمنطق، إنه ثوب أوجد للابتسامة مكانا وللطيبة موضعا وللحنان مسارا وللتقدم طريقا وللأمنيات أحلاما لا تنتهي. فما أجمل الحرير حينما يمتزج مع الديباج انه جمال امتزاج الروح مع جسد الآخر، امتزاج تمنيت أن يطول ويستمر مع كل نبضة من نبضات هذا القلب، ولا تزال أمنية استمراريته في ذاتي متواصلة حتى هذه اللحظة، فكلما تلمست امتزاج الحرير مع الديباج كلما تذكرت امتزاج الروح مع الجسد.