جدوى المبادرات الاقتصادية

issues1

يوسف بن حمد -

تتبنى العديد من دول العالم بعض المبادرات الرامية لتوفير خدمة ما، أو إنشاء كيان لم يكن موجوداً من قبل، وذلك بغرض التغلب على بعض المعوقات، وتحقيق أهداف متسقة مع الأهداف الاستراتيجية للدولة.

وفي هذا الإطار، فإن مبادرة “القيمة المحلية المضافة” التى تبنتها وزارة النفط والغاز تستحق كل الإشادة، حيث إن النظام المشترك لتسجيل المُوَردين هو مشروع وطني من شأنه أن يعود بالنفع على جميع الموردين المحليين والدوليين الراغبين في الدخول في أعمال تجارية مع مختلف الأطراف العاملة في مجال النفط والغاز بالسلطنة بالإضافة إلى وزارة النفط والغاز.

من المعلوم أن “مبادرة القيمة المحلية المضافة” تهدف بصفة عامة إلى زيادة استخدام السلع والخدمات المنتجة محلياً بواسطة شركات محلية، الأمر الذى من شأنه أن يساعد بشكل مباشر في تعزيز قدرات المؤسسات الوطنية المنتجة، بما فيها القطاع الخاص، من خلال زيادة الطلب على ما ينتج محليا من مثل هذه المؤسسات، وبالتالي يسهم في دعم أوضاع ميزان مدفوعات السلطنة.

وبشكل عام، هناك ضرورة لتدخل الحكومات لضبط مسار التنمية بما يتفق مع ظروفها المحلية، ويتمثل ذلك من خلال البرامج والسياسات التى تتبناها بغرض تحقيق التنمية المستدامة المرتكزة على إيجاد المزيد من فرص العمل للمواطنين وتنويع القاعدة الاقتصادية للبلاد بحيث يكون القطاع الخاص هو محورها.

ستتطلب المرحلة القادمة إحداث نقلة نوعية في مختلف نظم وآليات إدارة المبادرات الاقتصادية المختلفة التي تسعى إلى استدامة تنمية الاقتصاد العماني وتعزيز قدرات القطاع الخاص، نحو فرص عمل أو توفير التمويل أو النهوض بالمؤسسات الصغيرة أو تسهيل الإجراءات وغيرها من المبادرات .

إن زيادة تفعيل سياسات النهوض بأنشطة القطاعات الانتاجية المختلفة للقطاع الخاص لتمكينه من الاستفادة من الظروف المواتية محليا والاندماج المدروس مع الاقتصاد العالمي تمكنه بالتالي من قيادة التنمية فى البلاد. وهنا ، تشير التجارب الدولية الناجحة إلى أن القطاع الخاص يستجيب للمبادرات والبرامج الحكومية التى تهدف إلى تعزيز قدراته ووضعه التنافسي، وخاصة أن الحكومات تعتبر المحرك الرئيسي للنشاط الاقتصادي سواء من خلال مصروفاتها الجارية ودعمها للسلع والخدمات، أو من خلال مصروفاتها الرأسمالية على إنشاء مشاريع البنية الأساسية مثل الطرق والموانئ والمطارت وغيرها. ولاشك في أن القطاع الخاص يستفيد بشكل مباشر من هذه المصروفات التي تؤدي إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات فضلا عن حصوله على مدخلات إنتاج مدعَّمة مثل الكهرباء والوقود، الأمر الذى يحفز القطاع الخاص للاستجابة لذلك.

إن مسار الأنشطة الاقتصادية يتحدد من خلال الأخذ بخطوات وبرامج محددة ، تكون فيها الحكومات ـــ وخاصة فى الدول النفطية ـــ هي صاحبة التأثير الأكبر من خلال تبنيها برامج معينة. بيد أن نجاح “مبادرة القيمة المحلية المضافة” وغيرها من المبادرات الاقتصادية التي ستنعكس إيجابا على المدى المتوسط والطويل في هيكل الاقتصاد الوطني يتوقف على أمرين أساسيين، الأول هو ضرورة تطبيقها علي مستوى واسع قادر على إحداث التأثير المطلوب على مسار الاقتصاد بحيث لا يكون قاصراً على قطاع معين أو مشروع معين، مع وجود إطار تشريعي مناسب يضمن التطبيق الصحيح. أما الأمر الثاني فهو إدارة هذه المبادرات من قِبل كادر متخصص في تنفيذ البرامج ذات الصلة، وأن يكون لديه فهم عميق بكيفية تطبيق مثل هذه المبادرات وسبل نجاحها في العديد من دول العالم.