طرابلس - رويترز
فوق أرض متربة خارج العاصمة الليبية طرابلس يسير مجندون شبان يرددون شعارات للجيش الليبي الجديد الذي تأمل القوى الغربية في أن يتمكن من كبح جماح المسلحين الذين يهددون بإغراق البلاد في خضم الفوضى.
ورغم أحذيتهم الجديدة وزيهم المهندم يحتاج المجندون في الجيش الليبي ما هو أكثر من التدريبات لمواجهة أفراد الميليشيات والمقاتلين الإسلاميين والخصومات السياسية التي يكابدها البلد العضو في أوبك.
وبعد عامين من الإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي على أيدي معارضين مسلحين دعمتهم ضربات جوية لحلف شمال الأطلسي تعيش ليبيا أسيرة للمقاتلين المتمردين الذين يستعرضون عضلاتهم العسكرية الآن لإجبار الدولة على الخضوع لمطالبهم ويحاصرون حقول النفط ويتنازعون على غنائم ما بعد الإطاحة بالقذافي.
ولأن الجيش الليبي لا يزال في مرحلة إعادة البناء تحرص القوى الغربية على وقف الفوضى في ليبيا المورد الرئيسي للنفط إلى أوروبا ومنع انتشار الأسلحة غير المشروعة في أنحاء شمال أفريقيا.
والشهر الماضي وقف رئيس الوزراء الليبي علي زيدان في لندن إلى جوار وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره البريطاني وليام هيج وهما يتعهدان بدعم حكومته. وقبل بضعة أسابيع اختطف مسلحون زيدان نفسه من فندق في طرابلس لكنهم أطلقوا سراحه بعد فترة قصيرة.
ويتفق الجميع على أن ليبيا في حاجة إلى المساعدة. لكن بعد أربعة عقود من حكم القذافي تتضافر عشوائية صنع القرار وضعف القيادة والفوضى المزمنة لعرقلة التعاون.
ويعوق الصراع بين المعسكرين الليبرالي والإسلامي في المؤتمر الوطني العام (البرلمان) وحلفائهما المسلحين جهود الغرب لتحقيق الاستقرار في بلد اعتبر تدخل حلف شمال الأطلسي فيه نموذجا قبل عامين.
يقول توفيق الشهيبي القيادي في تحالف القوى الوطنية "ما سيحدث بعد ذلك يتوقف على الضغوط الخارجية. إذا لم نتوصل لتسوية ستضيع ليبيا من أيدينا." وتابع "إذا ما اعتقدنا أنه في مقدورنا بناء بلادنا دون مساعدة خارجية سنفشل."
وخضع الجيش الليبي الجديد بالفعل للاختبار. وقتلت أسوأ اشتباكات تشهدها طرابلس منذ 2011 أكثر من 40 شخصا الشهر الماضي مما أجبر الميليشيات التي تتمتع بوضع شبه قانوني على الانسحاب من العاصمة لتترك الجيش الوليد ينظم دوريات أمنية بمفرده.
وفي بنغازي - حيث هاجم مسلحون إسلاميون القنصلية الأمريكية العام الماضي وقتلوا أربعة أمريكيين بينهم السفير- تتصدى القوات الخاصة الليبية لنفس الجماعة المتشددة التي تحملها واشنطن مسؤولية الهجوم الذي وقع في سبتمبر أيلول 2012.
وتقود تركيا وإيطاليا وبريطانيا جهود تدريب نحو 8000 جندي وشرطي على مهارات من أساسيات المشاة إلى الطب الشرعي. ويتخرج مجندون آخرون في برامج بالأردن.
لكن الدعم العسكري الغربي لا يزال في مهده. ويكافح الجيش ليحدد عدد أفراده ومن بينهم المجندون الجدد والجنود الذين ينتمون لحقبة القذافي ورجال الميليشيات الذين دخلوا في صفوفه.
وكما هو الحال في بلدان أخرى حيث أطاحت ثورات الربيع العربي بزعماء الحكم الشمولي يعقد المسار الفوضوي الذي تسلكه ليبيا بعد القذافي جهود الغرب.
فقد وصل المؤتمر الوطني العام إلى طريق مسدود بسبب الصراع بين تحالف القوى الوطنية المرتبط في الأغلب بأفراد ميليشيات من الزنتان وحزب العدالة والبناء وهو جناح جماعة الأخوان المسلمين الذي تربطه صلات بمقاتلين من مصراتة وطرابلس.
وتعمقت النزاعات بين وزارتي الداخلية والدفاع حيث أعيد دمج مقاتلين سابقين بينهم متشددون إسلاميون يتقاضون رواتبهم من الحكومة في محاولة لإدخالهم إلى حظيرة الدولة.
وقال دبلوماسي غربي "يمكننا أن نتولى بناء القدرات والتدريب وتقديم المشورة لكن في نهاية المطاف ما لم يحل الليبيون المشكلة السياسية الرئيسية فكل هذا لا معنى له. يحتاجون إلى التوصل إلى نوع من التوافق الوطني بشأن نوع الدولة التي يريدونها."
ويسبب المقاتلون السابقون المتاعب للحكومة المركزية منذ سقوط طرابلس في أغسطس آب 2011 حين دخلها مقاتلون من مدن أخرى وانقسموا إلى ميليشيات متناحرة.
وهذا العام استولى قادة ميليشيات سابقون في الشرق وقبائل في الغرب على خطوط أنابيب للغاز وموانئ وحقول نفط وأوقفوا الشحنات للمطالبة بحقوق.
ويقول مسؤولون إنه لمواجهة هذه الميليشيات أرسل الجيش 5000 جندي للتدريب في الخارج بينما يتدرب 10 آلاف في الداخل. وذكر دبلوماسي أن 3000 جندي على الأقل ينتشرون في طرابلس بعد انسحاب الميليشيات الشهر الماضي وتنتشر وحدات القوات الخاصة في بنغازي.
وتدرب إيطاليا وتركيا قوات الشرطة. وستبدأ بريطانيا اعتبارا من أوائل العام المقبل تدريب 2000 من قوات المشاة وستنظم معظم برامج التدريب في الخارج.


