
عبدالله المعمري -
يختبئون وراء الجدران، ثم يفاجئونك بوجودهم على حين غفلة، يضحكون ويمرحون، ثم يرحلون، وما هي إلا أيام ثم يعودون إليك، وهم يحملون لك هدايا مغلفة بورق ذهبي، وعليها أشرطة حمراء يزينون بها الهدايا، وحينما تفتحها تفاجأ بأنها فارغة، مكررين ضحكاتهم العالية معك، ثم ينصرفون. وتمضي بغيابهم الأيام حتى يفاجئوك بأن يضعوا لك كأسا به عصير التوت، ويثرون به حبات دقيقة متناهية الصغر يوهمونك بأنها حبيبات السكر، ليضيفوا إلى الكأس نكهة من الحلوى والفائدة الغذائية، ويصرون عليك بشرب ذلك الكأس، الذي سرعان ما يتحول إلى سم قاتل، حينها فقط يكشفون عن أقنعتهم، بل ويروون لك تفاصيل اللعبة، لعبة الموت التي ينهون بها حياتك.
فمفاجأتهم لك ما هي إلا بداية اللعبة للظهور في حياتك، وما هداياهم سوى حلقات متصلة ببعضها البعض تشكل لك طمس الحقيقة بالوهم، أما كأس عصير التوت، وحبيبات السكر، ما هي إلا مجاراة لك للوقوع في الفخ، حتى أصبحت بعد شربه متهالكا، لا تقوى على الحراك، حينها فقط تتبدل ضحكاتهم إلى قهقهة عالية يخالطها غلظة في الصوت مع ترديد كلمات تفجر الصخر من شدة الحقد و الضغينة التي تكنها لك قلوبهم قبل ألسنتهم وأيديهم.
ليتك انتبهت لتفاصيل اللعبة التي أردوك بها قتيلا منذ البداية، حتى تحمي نفسك منهم، وتقف على ما كانوا يخبئونه لك من مؤامرة، فها أنت الآن مجرد جثة ملقاة في طريق الهاوية، لا أنت استطعت النجاة، ولا استكان بك الموت.