في زاوية آراء كتب هاني حبيب مقالا بعنوان: رؤية إسرائيلية لمستقبل الأوضاع المصرية!! جاء فيه: بين وقت وآخر، تصدر مراكز البحث الإسرائيلية، دراسات ومقالات تتعلق بالأمن الإسرائيلي بشكل خاص برؤية إستراتيجية، ومن أهم مراكز البحث هذه “معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي” المتخصص بدراسة التهديدات الأمنية غير التقليدية كسباق التسلح والأمن الإقليمي والإرهاب والعلاقات الإسرائيلية الفلسطينية والصراعات في منطقة الشرق الأوسط وتأثيراتها المحتملة على الدولة العبرية.
في الآونة الأخيرة، تركزت العديد من دراسات هذا المعهد على الوضع المصري تحديداً، وإن كان الأمر المصري دائماً يشغل حيزاً مهما في دراسات هذا المعهد، فإن ذلك يعود إلى رؤية صحيحة تشير إلى أن التحولات المصرية، ستؤثر أكثر من غيرها من التحولات على المنطقة برمتها، وتؤثر هذه التحولات تأثيراً مباشراً على الصراع العربي ـ الإسرائيلي على كافة الملفات خاصة الملف الفلسطيني.
بداية العام الماضي، أصدر المعهد دراسة تفصيلية عن الوضع المصري بعد الاستفتاء على الدستور في عهد مرسي ـ الإخوان، وتعقب خبراء المعهد ردود الفعل على المصادقة على هذا الدستور، واصدر دراسة بحثية أكدت أن المصادقة على الدستور تمت عن طريق الخداع والتحايل والتزوير، وإن هذه المصادقة قد عمقت الأزمة داخل المجتمع المصري وأدت إلى انقسامه عمودياً بين إسلاميين وعلمانيين وبين الليبراليين والراديكاليين، بين الريف والمدينة.. ورسم المعهد صورة قاتمة جداً تعكس حقيقة هذا التطور بوصول جماعة الإخوان إلى حكم مصر.. إلاّ أن الدراسة فشلت كما تبين فيما بعد في استشراف ما يحدث وحدث في مصر، إذ أشارت الدراسة، إلى أن العناصر الداخلية لن تنجح في إيجاد مناخ يعيد الحياة إلى طبيعتها وستستمر الانشقاقات والفوضى، ما يحفز “قوى خارجية” للتدخل حفاظاً على استقرار مصر الذي هو مصلحة لهذه القوى. هذا ما توصلت إليه دراسة المعهد قبل عام تقريباً.
ما حدث في مصر، خلال العام الماضي، أو بين استفتاءين على دستورين، أكد أن المقدمات الصحيحة التي أشار إليها المعهد في دراسة لم تؤد إلى نتائج صحيحة، ذلك أن الصدام بين حكم عشيرة الإخوان والشعب المصري، تم حسمه من خلال ثورة شعبية في 30 يونيو الماضي، وان الأمر لم يتطلب “قوى خارجية” بل مساندة القوات المسلحة واستجابتها للمطالب الشعبية.
قبل أيام قليلة، أصدر المعهد ذاته، دراسة جديدة حول الوضع المصري، أشار فيها إلى أن الإخوان المسلمين الذين قاتلوا للوصول إلى السلطة خلال عقود طويلة، لم يعرفوا كيف يستغلون هذه الفرصة النادرة، نتيجة لفقدان الكفاءة والحكمة الأمر الذي سارع في سقوطهم. وبعد سرد مطول عن الأوضاع السياسية والاقتصادية والسياحية والاجتماعية في مصر بعد سقوط “الجماعة” تتوصل الدراسة إلى أن مفتاح المستقبل المصري، مرهون بما تقرره جماعة الإخوان المسلمين تحديداً، خاصة إذا قررت الجماعة استمرار الإرهاب والعنف، الأمر الذي يجبر الجيش ليس على التدخل الدائم فحسب، بل على الإمساك بالسلطة لسنوات طويلة، وهذه إشارة من قبل المعهد بشكل غير مباشر، إن وصول الجيش إلى السلطة عبر المشير السيسي، قد يؤدي إلى الخروج على الدستور، أو استمرار القادة العسكريين بالحكم بعد انتهاء ولايتي السيسي وفقاً للدستور المصري الجديد.
لكن الدراسة، لم تصل إلى نتيجة أو حل للوضع في مصر، كما فعلت قبل عام، لكنها أشارت إلى أن عدم الاستقرار في مصر، يعتبر مكسباً إسرائيلياً، بامتياز، لكن إسرائيل ليست المستفيدة الوحيدة من هذا الأمر. ويستعرض التحليل الدور الروسي المحتمل، باعتبار أن روسيا ستستفيد من حالة العداء المتزايدة للولايات المتحدة لصالح استعادة دورها في المنطقة.
استفادة إسرائيل من عدم استقرار الأوضاع في مصر، له ما يبرره، ذلك أن إنهاك الجيش المصري، وربما توريطه كأداة داخلية لمواجهة الإرهاب، وانشغال القوات المسلحة المصرية، بالبعد “القطري” نتيجة للتوترات المتصاعدة، إنما هو مكسب إسرائيلي بحت، خاصة وأن مصر ستضطر إلى الانشغال بوضعها الداخلي عوضاً عن قيامها بدورها القومي، خاصة فيما يتعلق بدعم الموقف الفلسطيني.
أهمية الدراسات التي تصدر عن معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، تعود إلى أن طاقم المعهد الأساسي، مرتبط بأجهزة المخابرات الإسرائيلية، إذ يرأس هذا الطاقم الجنرال عاموس يدلين الذي كان رئيساً لقسم الاستخبارات العسكرية، وبات على مقربة شديدة من مصادر المعلومات.
وفي السياق، فإن المعهد أصدر دراسة جديدة، مفادها أن العملية التفاوضية على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، لن تصل إلى أي حل، وبالتالي، فإن المعهد وضع دراسة عبارة عن “خطة سلام” أحادية الجانب، تنسحب إسرائيل وفقها من 85 بالمائة من الضفة الغربية، والإبقاء على “الجدار الحدودي” كحدود فاصلة!!.