في زاوية أقلام كتب عادل عبد الرحمن ،مقالا بعنوان اللاجئون والدول المضيفة جاء فيه: اللاجئون الفلسطينيون قضيتهم لا تنحصر بأمر عودتهم إلى ديارهم، التي طردوا منها، إنما طاردتهم، وما زالت تطاردهم مجموعة من العناوين تاريخيا، منها: لقمة عيشهم، ومسكنهم، وبقاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين أو إنهائها، العلاقة مع الدولة المضيفة لهم خاصة العربية منها، البطالة المنتشرة في صفوفهم، المجازر، التي ترتكب ضدهم من إسرائيل والدول المضيفة، حماية مخيماتهم المؤقتة من قوى الشر المتربصة بهم…. إلخ.
غير إن الموضوع، الذي يطرح بين الفينة والأخرى كلما توترت المواقف، وارتفع منسوب الحل السياسي ولو لفظيا، هو موضوع التعويض، الذي تريده الدول المضيفة عن إقامة اللاجئين على ارض هذه الدولة أو تلك. وكأن تلك الدول خسرت بوجود أبناء الشعب الفلسطيني على أراضيها!
بالتأكيد من حق الدول الشقيقة والصديقة، أن تحقق مكاسب لموازناتها من القوى الدولية حتى لو كان الأمر يتعلق بموضوع اللاجئين الفلسطينيين. لكن المنطق القومي والإنساني يقول، انه في حالات الحروب والمصائب هنا أو هناك يستطيع العربي من هذا البلد أو ذاك أن يلجأ لأراضي الدول الشقيقة بما لا يؤثر على الوضع الأمني والاقتصادي سلبا، ومن حق الدول المضيفة، أن تستفيد من الدعم المالي والاغاثي من الدول الغنية الشقيقة والصديقة ووكالات الغوث الأممية. لكن ليس للحد، الذي يؤثر على حقوق ومصالح هؤلاء أو أولئك من اللاجئين العرب.
وإذا توقف المرء أمام موضوع اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية المختلفة، فإنهم أولا كانوا نتاج مؤامرة شارك فيها أهل النظام العربي الرسمي قبل وأثناء وبعد نكبة عام 1948؛ ثانيا على فرض أنهم كانوا في البداية عبئا على هذه الدولة أو تلك، غير أنهم بمواصلة العيش على أراضي الدول المستضيفة لهم، كانوا رافعة لاقتصاد تلك الدول، وساهموا بطاقاتهم البشرية والمالية وخبراتهم وكفاءاتهم المتعددة في نهضة الدول، التي عاشوا بين ظهرانية شعوبها الشقيقة؛ ثالثا بعض الدول ارتكز اقتصادها على الاقتصاد الفلسطيني، حيث تم اتخاذ سلسلة من الإجراءات والحوافز لنقل المصالح والأموال الفلسطينية لمدن وشعاب تلك الدول. رابعا حتى النكبات اللاحقة، التي طالت أبناء الشعب العربي الفلسطيني في المهاجر والشتات، كانت نعيما ووفرا اقتصاديا على العديد من الدول العربية.
إذاً على الدول المضيفة عندما تطرح موضوع التعويضات، إن تدقق في هذا الجانب جيدا جدا، وألا تنسى نفسها كثيرا، وتبقي عيونها مفتوحة، ولا تضع رأسها في الرمال لتتناسى الخدمات الجليلة، التي قدمها اللاجئون الفلسطينيون لها ولاقتصادها.
كما إن الضرورة تملي التوقف عن طرح هذا الموضوع، لاسيما وان أفق الحل السياسي مازال بعيدا، وبالتالي لا يجوز الخلاف على “جلد الدب قبل اصطياده !” وان كان من الضروري البحث في موضوع تعويض اللاجئين عن معاناتهم واستثمار أراضيهم وأملاكهم وسرقتها ونهبها من قبل المستعمرين الصهاينة، فإن التركيز يفترض أن يتم على حقوق اللاجئين الفلسطينيين، وليس تعويض الدول، ليس هذا فحسب، بل على الدول، التي استفادت من الفلسطينيين في نهضتها أن تدفع تعويضا لهم عن تلك النهضة، التي ساهموا بها في اقتصادياتها.
القيادة والشعب العربي الفلسطيني لا يمكن أن يبخلوا على أشقائهم العرب، أيا كانت جنسياتهم وبلدانهم بكل ما يفيد تطور تلك الدول والشعوب، لان ذلك يصب في المصالح العربية المشتركة، وسيحرص الفلسطينيون على الوقوف إلى جانب الأشقاء على امتداد الوطن العربي، ولن يبخلوا بما يملكون على أشقائهم، ولكن على الأشقاء أن يتريثوا قليلا في طرح موضوع التعويضات، وان ينظروا لمصالح أشقائهم الفلسطينيين بالنظرة ذاتها، التي ينظرونها لمصالحهم.