النقاط الأربع تشكّل «ضمانات تنفيذ» مخرجات الحوار الوطني -
صنعاء- عمان- جمال مجاهد -
قال رئيس المجلس الأعلى لأحزاب التحالف الوطني الديمقراطي اليمني الدكتور قاسم سلام إن هناك نوعين من الحروب التي تدور الآن في اليمن، فهناك أعمال التقطعات والاعتداء على المعسكرات وقتل الضباط والأفراد وهذا يمكن تصنيفه ضمن عمليات الإرهاب ويجب القضاء عليه لأنه تسبب في إزهاق الأرواح وإقلاق السكينة العامة وتعطيل المشاريع الاستثمارية والتنموية، وأياً كان مصدر هذه العمليات أو من يقف خلفها فهي أعمال مدانة، أما الحروب الأخرى فهي في هذا الظرف بالذات والهدف من تحرّكها بهذه القوة وبهذا الاندفاع عرقلة مؤتمر الحوار الوطني الشامل ومخرجاته وتعطيل قرارات الرئيس عبد ربه منصور هادي للحيلولة دون أن يواصل مشروعه التحديثي.
وأوضح سلام وهو أمين عام “حزب البعث العربي الاشتراكي القومي” في تصريحات خاصة لـ “عمان” أن مخرجات الحوار أصبحت مشروعاً سُلّم لرئيس منتخب بالتوافق ولأن المشروع قد سُلّم للرئيس توافقنا عليه جميعاً فلزاماً علينا أن نقف بجانبه ونسانده لإنجاح المشروع وقيادة سفينة البلد وإيصالها إلى بر الأمان.
وأضاف “هؤلاء الذين نزلوا للساحات ونسمع بالانفجارات هنا وهناك لا يريدون الأمن والاستقرار وهذه الأعمال تتقاطع كلياً مع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمّنة وقراري مجلس الأمن التي تؤكد على أمن واستقرار ووحدة اليمن والتعامل مع هذه الأعمال التي تتم خارج سلطات الدولة والقوانين النافذة يتطلب من كافة شركاء الحوار وشركاء المرحلة سواءً الموقّعين على المبادرة الخليجية وآليتها أو الذين لم يوقّعوا ولكنهم شاركوا في مؤتمر الحوار وأصبحوا ضمنياً ملتزمين بالمبادرة الخليجية وقراري مجلس الأمن رقمي 2014 و2051، وبالتالي عليهم جميعاً الالتزام بتنفيذ مخرجات الحوار وإزالة أي عوامل للتوتر قد تعيق تنفيذ مخرجات الحوار وهذا يوجب على كافة الشركاء تسمية كل من يخرج على النظام والقانون بتلك الأعمال”.
ودعا سلام الأطراف السياسية إلى الإسهام الجاد في البرامج والخطط التي يضعها الرئيس لتنفيذ مخرجات الحوار بدءاً بالإعداد بصياغة الدستور ثم الاستفتاء عليه والتهيئة للانتخابات البرلمانية والرئاسية.
وقال “في تصوري أنه كلما كان هناك طموحات شخصية وطموحات أسرية ومناطقية وطموحات تاريخية فإن ذلك من المعوقات الأساسية أمام الرئيس هادي وأمام مخرجات الحوار، ولذا لا بد على رئيس الجمهورية أن يتحرك سريعاً وفقاً للدستور الحالي والقوانين النافذة لمواجهة هذه الأعمال، وبإمكانه طلب مساندة الدول الراعية للمبادرة الخليجية وطلب مجلس الأمن لمساندته والوقوف معه لتجاوز تلك التحديات ومن يثبت أنه يقف خلف تلك الأعمال”.
حروب وصراعات
واعتبر سلام الذي يتولى حقيبة “السياحة” في حكومة الوفاق الوطني أن “استمرار الحروب في صعدة وغيرها من المحافظات ليس في صالح اليمن، النزوح من صعدة ليس في صالح اليمن، لأنك قد تنزع فتيل الأزمة من هنا فتشتعل في مكان آخر، ولذلك يجب تحديد المخطئ بشكل دقيق وتطبيق القانون عليه لأننا الآن بصدد ترسيخ نظام مرتكز على أسس وقواعد الدولة المدنية الحديثة التي يتساوى فيها الجميع”.
وقال “أنظر إلى الدعوات المناطقية التي تنادي بأقاليم محلية سلطان المهرة أطل من جديد ليطالب بإقليم المهرة وهو في قرارة نفسه ينظر إلى أن هذا إرث تاريخي بعد أن كان قد طواه النسيان وحضرموت هي الأخرى كطرفي معادلة بين الكثيري والقعيطي وكذلك العوذلي والعولقي والواحدي والعبدلي في لحج والفضلي في أبين. كل هؤلاء وغيرهم ينتظرون متى تحين الفرصة خاصةً إذا ضعفت الدولة المركزية وضعف جيشها واقتصادها. ولذلك فالتفكير في إقليمين في الجنوب أعطى فرصة لإحياء الجروح وإيقاظ المصالح وتقليب المواجع وفتح ثغرة لكمائن جديدة تنفجر وتتسع ساحتها، وبالتالي تدخل اليمن في حروب جنوبي جنوبي إما قبائل أو أسر أو سلاطين وتدخل الشمال في نفس الدوامة من الصراعات المتلاحقة. أنظر إلى ما سمي بإقليم صنعاء الذي يمتد من صعدة مروراً بعمران وصنعاء وصولاً إلى ذمار وهذا معروف في فترات تاريخية سابقة بأن هناك من يؤمن بكرسي الزيدية وبأن مركز الزيدية في صعدة التي تأسست في خولان بن عامر متصلاً بكرسي الزيدية في ذمار وإن كنت أنا شخصياً لا أؤمن ولا أقيس بمقياس لا طائفي ولا ثأري وإنما أقيس بمقياس مستقبلي يضمّد الجراح ويوحّد الناس على كلمة سواء يكون مسجدها واحداً ومصلحتها واحدة ومستقبلها وجيلها واحداً حتى نتخلص من الصراعات القائمة بدليل ما يحصل اليوم من حروب تمتد من صعدة إلى صنعاء وتحصد الآلاف الذين أعتبرهم أنا شهداء، ولذلك علينا أن لا نتسرع وأنا على يقين من أن الرئيس هادي يدرك هذه المخاوف ولن يسمح إلا بما يخدم أمن ووحدة واستقرار اليمن خاصةً وأن العالم أيد خطوته ووعده بمزيد من الدعم في المستقبل وكذلك نحن نقف إلى جانبه فيما يخدم أمن واستقرار ووحدة اليمن”.
ولفت سلام إلى أن “الأقاليم التي يجري الحديث عنها تضعنا أمام تساؤلات هل ستكون على حدود ما قبل الوحدة دون تداخل بين المحافظات، ولذلك لا بد أن تكون أقاليم متداخلة كما كان عليه الحال في دولة قتبان التي تمتد من ميناء المخا وتعز وصولاً إلى بيحان في شبوة وعاصمتها ميفعة، وبهذا التداخل لا يستطيع أحد الفصل بين الإطار الجغرافي لهذا الإقليم شريطة استقرار البنية التحتية على أسس موضوعية علمية واقعية بآفاقه الاستراتيجية. هذا مثال فقط لكيفية ضمان نجاح تقسيم اليمن إلى أقاليم بحيث نضمن في المستقبل وأد أي نزعات أو مشاريع تفكيكية أو انفصالية”. ورأى أن على النظام القادم أن يعمل على تحقيق ثلاث نقاط الأولى المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية والتي تطالب بجبر الضرر بما فيها إعادة الحقوق، والمرحلة الثانية تنفيذ النقاط العشرين والإحدى عشرة المتعلقة بالقضية الجنوبية، ثم الالتزام بها في الحوار.
واعتبر سلام أن هذه النقاط والخطوات “بحاجة إلى جهد كبير وأموال كبيرة لتنفيذها، وهنا فقط نكون قد انتصرنا على الظلم وتجاوزنا الفراغ والخلل ووضعنا أسساً جديدة لمرحلة أفضل خالية من استجرار الماضي وعقد الانتقام التي ما زالت في مخيلة البعض الذي يريد إعادتنا للوراء”.
النقاط الأربع
وأكّد سلام أن النقاط الأربع التي تضمّنها بيان هيئة رئاسة مؤتمر الحوار الوطني الشامل هي ترجمة عملية للمبادرة الخليجية وقراري مجلس الأمن، كما أنها ترجمة لكل الضمانات التي وردت في مخرجات الحوار هي أربع نقاط حيوية.
وأوضح “ولذلك أستطيع التأكيد أن النقاط الأربع هي أم الضمانات لتنفيذ مخرجات الحوار ولكن هل هذه النقاط بحاجة الى ضمانات أخرى تساندها وفق ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار وبناء على ذلك اعتبر أن النقاط الأربع التي وردت في البيان هي مرتكز حيوي لنقلة نوعية نحو مستقبل آمن إذا التزم الجميع بتنفيذها، أما إذا لم يلتزموا بها فمعنى ذلك أننا سنواجه كارثة تتمثل بالتنصل عن مؤتمر الحوار وكل مخرجاته”.
لافتاً إلى أن النقاط الأربع تنص على أن “مخرجات المؤتمر ووثائقه كافةً والتي ستشكل محددات للدستور القادم لا يمكن لها أن تتعارض مع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومبادئها العامة ومع قراري مجلس الأمن 2014 و2051، وأن مخرجات المؤتمر ووثائقه كافةً لن تؤسس لأية كيانات شطرية أو طائفية تهدد وحدة اليمن وأمنه واستقراره وبأنها ستضمن حلاً عادلاً وشاملاً للقضية الجنوبية في إطار دولة موحدة على أساس اتحادي وديمقراطي وفق مبادئ العدل والقانون والمواطنة المتساوية، وأن مخرجات المؤتمر ووثائقه كافةً تهدف إلى معالجة مظالم ضحايا الصراعات السياسية كافةً، وفي حدود إمكانيات الدولة وفي إطار مبادئ العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، وضرورة تضمين الدستور الجديد نصوص قاطعة تصون وحدة اليمن وهويته أرضاً وإنساناً وتمنع أية دعاوى تخل بذلك”.
وقال “أما إذا بدأنا بعملية التصعيد أو زرع الألغام فإن البيان الرئاسي بنقاطه الأربع سيستهدف، وبالتالي ستستهدف المبادرة الخليجية وقراري مجلس الأمن مباشرةً إلى جانب استهداف قضايا الوفاق الجوهرية التي تحققت في مؤتمر الحوار وأصبحت ملكاً للشعب ولم تعد ملكاً للمتحاورين والرئيس عبد ربه منصور هادي هو المعني بتنفيذها نيابةً عن الشعب، وعلى الجميع وخاصةً النخب أن تنصاع لقراراته المدعومة من رعاة المبادرة ومجلس الأمن الذي جاء إلى اليمن واجتمع كإشارة واضحة لدعم الرئيس هادي”.
لجنة الأقاليم
وفي معرض رده على سؤال حول قرار هادي بتشكيل لجنة تحديد الأقاليم أجاب سلام “أقول إن على أية لجنة يتم تشكيلها أن يكون همها الأول والأخير هو الحفاظ على اليمن الواحد الموحد، ثم كيف نجعل من هذا اليمن إدارة تنمو وتتطور وتتكامل مع بعضها البعض لإيجاد تنمية مستدامة لليمن ومستقبل الأجيال ومن ثم تبدأ بالنزول إلى الميدان بكل مكوناتها من جغرافيين واقتصاديين وسياسيين وعسكريين وأمنيين وتاريخيين لوضع دراسة التقسيمات الإدارية ميدانياً والخروج بوضع خارطة يقدمونها للرئيس عبد ربه منصور هادي خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر ولا تقل عن خمسة إلى ثلاثة أشهر، وفي هذه الحالة فلا شك أن قرارات الرئيس هادي في عملية تقسيم الأقاليم مبنية على أسس علمية وليس على أساس تمني أو مراضاة البعض أو كبح جماح تطلعات البعض الآخر أو هروباً إلى الأمام، ولذلك أقول إن على اللجنة التي شكلت لإنشاء وتحديد الأقاليم أن تعمل بمهنية عالية بعيداً عن الارتجال والتسرع أو التهاون، لأن ذلك سيخلق أمراضاً سرطانية لليمن كله في المستقبل القريب وليس البعيد فحسب”.