مهرجان مسقط.. وقفة ومراجعات

اختتمت مساء أمس الاول فعاليات مهرجان مسقط في دورته الرابعة عشرة، بعد نسبة إقبال مرتفعة ويبقى السؤال الذي يتكرر كل سنة بشأن هذه المناسبة، ما الذي أضافته وهل هناك ثمة جديد؟ وما المطلوب للدورات المقبلة؟

من المعروف أن التجارب تختمر وتتطور بمرور الوقت لكنها في الوقت نفسه تحتاج إلى مراجعات مستمرة بحيث تكون في الصورة الفضلى. أيضا من الضروري الانتباه إلى أن تطور أي تجربة أو عمل لا يحدث دون وجود حيثيات تدعو لذلك من توفر الإرادة والاجتهاد المستمر والبرمجة، فالنقلات النوعية في عالم اليوم لا تحدث بمجرد الصدف، بل يسبقها الوعي التام بالخطوة المقبلة والتخطيط الجاد لها.

خلال سنوات طويلة شكل مهرجان مسقط واحة يستظل بها الكثيرون من السلطنة وخارجها، وأوجد نوعا من التغيير في الخارطة السياحية خاصة بعد إضافة عناصر جديدة مشوقة متمثلة في البعد الرياضي كما في طواف عُمان للدراجات الهوائية والذي يلقى المتابعة الكبيرة على مستوى العالم.

كذلك ساهم المهرجان في إيجاد نوع من الثقافة النوعية بالتراث العماني والموروثات وغيرها من الأفكار التي تخدم معرفة الأجيال الجديدة بماضي الأجداد وما كان عليه مجد عمان في الأمس من حيث الحياة والمهن والصناعات وغيرها كما يتجلى ذلك بوضوح في القرية التراثية، ويتقاطع مع ذلك التعريف بالتراث العالمي من خلال القرية الدولية التي تقدم صورة مصغرة للعديد من الدول الشقيقة والصديقة.

كل هذه الملامح جيدة وتصب في أهداف المهرجان الاستراتيجية، لكن في الوقت نفسه فإننا نحتاج وباستمرار إلى التجديد والتحديث الذي يجعل هذا الحدث أكثر جاذبية بحيث لا يفقد بريقه مع مرور السنوات، وهذا يتطلب وجود لجنة مراجعة تقوم على دراسة مكامن القوة والضعف في المهرجان، بحيث نطور النواحي الإيجابية ونقلل من العناصر السلبية، كذلك لابد من إعادة التفكير في مجمل الأنشطة والفعاليات بتقييم علمي والاعتماد كذلك على الاستطلاعات وهي خطوة موجودة مسبقا نأمل أن يؤخذ بها في التحليل لتحقيق النتائج الأمثل في السنوات القادمة.

وفيما يتعلق بفكرة النجاح فإنه لا يقاس بمجرد عدد الزوار فحسب، بل بمدى التفاعل والاستفادة من الحدث نفسه وما تم عرضه من فعاليات.. وانعكاسات ذلك على المجتمع المحلي في السلطنة، لأن أي نشاط يقوم منبتا عن الصالح العام لن يكون جديرا بالاستمرار. وهذا يؤخذ بعين الاعتبار في المراجعات وجرد الحساب السنوي الذي إذا تم بشكل دوري ودقيق وفي شكل حلقات عمل مفتوحة النقاش سوف يؤدي حتما إلى تطوير متعدد الوجهات بمشاركة العديد من الأطراف التي لها مصلحة في أن يكتسب هذا الحدث بريقه ويحقق عوائده المادية والمعنوية.

إن ما تحقق خلال السنين الماضية يستحق الإشادة كجهد منظور، وتبقى العبرة في تلمس الآفاق الجديدة والانطلاق بالعقل نحو المزيد من الابتكار والترقية التي تمكن الجمهور من التعايش مع الأفضل، في هذا الحدث الذي يجسد خارطة رائعة في إنعاش الحراك الاقتصادي والسياحي والثقافي.