بخيت كيرداس الشحري -
هكذا هي ظفار في كل مواسمها لا تخلو من الزوار فهي أم المواسم الجميلة فلا خوف ولا هم يحزنون إن أوشك خريفنا بغيومه ورذاذه على الرحيل فلنا موسم آخر يخلفه من اجمل ما يكون وقد يكون بالنسبة لأهل ظفار الاروع لأن موسم الصرب ترتبط به عادات جميلة مبهجة ومخزون جميل من الذكريات لأبناء الريف والمدينة قديماً ومازال موسم (الصرب) الذي يأتي بعد الخريف يحمل طابع الذكريات الجميلة واشراقة الشمس بعد غياب موسم بأشعتها الذهبية على السهول الخضراء والقمم والشعاب تشكل لوحة فنية رائعة الجمال، فالنسيم العليل تتهادى معه الاغصان لتعانق أغضان مثيلها والفراشات تكون على موعد مع زهورها والنحل يلثم تلك الزهرة وأخرى تناديه لتهديه رحيقاً، اصوات النانا يتردد صداها بين كل جنبات أوديتنا الواسعة الظليلة وعلى الروابي والتلال إما من حادي الابل أو صوت راعٍ لأغنامه منهمكة تأخذ حصتها مما خلفه لها الخريف واليوم بدت شمسنا تسطع بين الحين والآخر وبدت تجفف الارض و تعطي النبات ضوءًا ليتنفس وتهدينا نسيماً عليلا..
هذه هي ظفار ايها الزائر جنةٌ خصنا الله بها في هذا الركن الغالي من عمان، اجزع فيها كيفما تشاء ودع عيناك تجول حيثما يصل مدى بصرك فلن ترى إلا لون أخضر ولون آخر أزرق يفصل بينهما شريط فضي اللون ذو رملة ناعمة فذاك شاطئ بحر العرب الهادر بأمواجه في موسم الخريف لا يهدأ ولا تستكين أمواجه إلا مع دخول موسم الصرب، جميلة هي أرضي غيومها حجبت عني حرارة الشمس وحمت عشباً اخضراً يانعاً من الاصفرار مدة من الزمن، وضبابها لفنا بوشاحه واهدانا نسماته الباردة مع رذاذ مطر خفيف لا يجرف ولا يُخيف ويجعل الافئدة في نشوة وبهجة.
هذه أرضي التي أهدتني يقيناً أنها الاجمل بين مثيلاتها بخواصها وصفات اهلها وما علينا إلا نحمد الله على ما انعم به ونشكره على آلائه ونعمائه وان نعمل ونجتهد على ان تبقى هذه الارض حاضنة للود والوفاء والسماحة، والمُثل العُليا في الاخلاق والخصال الحميدة ولابد أن نحفظ الجميل لأهلها ومن عليها زائرين او مقيمين الذين التزموا بأدبياتها وان ندعوا الله العلي القدير بأن يحفظها عزيزةً مصانة هادئة وادعة معطاءة للخير مناعة للإثم والعدوان وان يحفظ مؤسس نهضتها الحديثة ورائد شعلتها المضيئة وحامل رايتها الخفاقة في كل سارية من سرايا المجد والعز.