محمد بن أحمد الشيزاوي -
shfafiah@yahoo.com -
تواجه عملية نقل أنشطة الاستيراد والتصدير من ميناء السلطان قابوس إلى ميناء صحار والتي اكتملت مع نهاية الشهر الماضي العديد من التحديات والصعوبات التي كانت واضحة منذ عدة أشهر إلا أنها لم تجد حلولا حقيقية حتى الآن، ومن المستبعد أن تجد حلولا جذرية في ظل ضبابية مفهوم نقل أنشطة الاستيراد والتصدير من ميناء إلى آخر لدى العديد من المسؤولين في القطاعين العام والخاص وخاصة ميناء صحار وبلدية صحار وغرفة تجارة وصناعة عمان وكثير من الموردين والتجار الذين لم يهيئوا أنفسهم لهذه النقلة الكبيرة رغم صدور الأوامر السامية – بذلك قبل أكثر من ثلاث سنوات من الآن أي في يوليو من عام 2011.
ولعلّ السبب الرئيسي لهذا الضبابية أن وزارة النقل والاتصالات ركزت كثيرا في خطاباتها الإعلامية على كلمتي (الاستيراد والتصدير)، وعلى هذا ظن الكثيرون أن المسألة هي نقل نشاطين من ميناء يقع بمحافظة مسقط إلى ميناء آخر يقع بمحافظة شمال الباطنة وأنه يمكن التعامل مع النشاطين بكل سلاسة رغم وجود حوالي 250 كيلومترا تفصل بين الميناءين.
غير أننا عندما نمعن النظر في هذه الخطوة نجد أن الأمر ليس مجرد نقل نشاطي الاستيراد والتصدير من ميناء السلطان قابوس إلى ميناء صحار وإنما تحويل مختلف الأنشطة غير النفطية المتعلقة بالتجارة الخارجية والداخلية للسلطنة إلى ولاية صحار، وهذا من وجهة نظرنا يقتضي تهيئة ولاية صحار بشكل خاص ومحافظة شمال الباطنة بشكل عام لهذا التحوّل التاريخي، وهذه النقلة لا تقتصر فقط على تهيئة ميناء صحار للتعامل مع مئات السفن التي سوف تأتي إلى الميناء شهريا وتمكينه من مناولة مختلف الحاويات التي تأتي إلى الميناء، وإنما تمتد كذلك لتشمل جميع الأنشطة المتعلقة بالتجارة الداخلية والخارجية للسلطنة والتي تتضمن على سبيل المثال لا الحصر: تهيئة الطرق الرئيسية التي تربط ولاية صحار بمختلف محافظات السلطنة خاصة طريق الباطنة – مسقط وما يضمه من دوارات تشهد ازدحاما وكثافة مرورية عالية تضطر قائدي المركبات إلى الانتظار أكثر من 15 دقيقة عند بعض هذه الدوارات وهذا فيه هدر كبير للوقت ويسبب خسائر اقتصادية متعددة إضافة إلى أنه يرفع الضغوطات التي يواجهها قائدو المركبات والتي قد تؤدي إلى حوادث فظيعة لا قدر الله.
وهناك أمر آخر لا يقل أهمية من مسألة الطرق والتأخر غير المبرر في انتظار السفن بميناء صحار وتفريغ الحاويات وهو نقل البضائع إلى محافظة مسقط أو ولاية بركاء حيث توجد مخازن الشركات المستوردة وكان من المفترض أن تقوم الشركات بإنشاء مخازن لها بولايتي صحار ولوى حتى تتمكن من التعامل بسلاسة مع البضائع التي تستوردها بدلا من نقلها إلى محافظة مسقط ثم إعادة توزيعها إلى محافظات السلطنة الأخرى وهذا سيساهم في توفير الكثير من الوقت أمام الشركات كما أنه سيقلل تأثير الشاحنات على طريق الباطنة العام وتقليص الفترة التي يقطعها مستخدمو الطريق.
بالاضافة إلى هذا فإنه من المستغرب أن تكون مكاتب الشركات في مسقط والحركة التجارية في صحار، كما أنه من المستغرب أيضا أن تنقل الحركة التجارية من ميناء السلطان قابوس إلى ميناء صحار دون أن يكون هناك اهتمام بنقل الموظفين العاملين بمؤسسة خدمات الموانئ التي تدير ميناء السلطان قابوس والذين يبلغ عددهم حوالي 650 موظفا من بينهم 400 موظف عماني أو دمج المؤسسة وهي شركة مساهمة عامة تمتلك الحكومة 35% من أسهمها في شركة ميناء صحار، ولا أدري ما هو المانع القانوني من دمج الشركتين في الوقت الذي نتطلع فيه إلى تأسيس شركات ذات كيانات كبيرة وقادرة على المنافسة عوضا عن إشراك المستثمرين الأجانب في إدارة مرافقنا الحيوية؟، بالاضافة إلى أن التعامل مع تشغيل ميناء سياحي يختلف عن التعامل مع ميناء تجاري، وحتى لو تم توفير وظائف للعاملين العمانيين في ميناء السلطان قابوس في مواقع أخرى إلا أننا في الوقت نفسه سوف نهدر الخبرات التي تكونت لديهم خلال السنوات الماضية.
إن التغلب على التحديات التي تواجه مسألة نقل أنشطة الاستيراد والتصدير من مسقط إلى صحار تتطلب نظرة شاملة لهذا التحول التاريخي وتضافر جهود مختلف الجهات الحكومية والخاصة بحيث تنظر إلى المسألة على أنها إيجاد مدينة تجارية رئيسية جديدة ستكون لها إسهاماتها الكبيرة في تعزيز التبادل التجاري بين السلطنة ومختلف دول العالم وهذا يتطلب إعطاء الموضوع اهتماما أكبر مما ناله في السنوات الثلاث الماضية، ومن خلال هذه النظرة الشاملة نستطيع التغلب على المشاكل التي يواجهها ميناء صحار حاليا.