كتب – سعود الغنبوصي –
رعى معالي يحيى بن سعيد بن عبد الله الجابري رئيس مجلس إدارة هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم مساء امس الاول بفندق كراون بلازا الاحتفال بتدشين الإصدار مسقط الفخر لمؤلفه الدكتور عبدلله بن عباس بن احمد والذي يأتي تزامنا مع احتفالات البلاد بالعيد الوطني الرابع والاربعين المجيد .
واستعرض المؤلف في كلمته خلال الحفل الرؤية السديدة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله في جعل السلطنة دولة عصرية وأن يكون لمسقط الحديثة وهي نتاج رؤيتة جلالته السامية شخصيا في ان يكون لهذه المدينة ذات العمق التاريخي حاضرها الوضاء ومستقبلها المشرق وأن تتبوأ مكانتها بين العواصم الرائدة في العالم ومحافظة على اصالتها ومستشرقة غدها المأمول بكل ثقة واقتدار.
وتناول الكتاب في ابوابه (موعد مع التاريخ) حول المدن كائنات حية واصل كلمة مسقط والاستحقاق التاريخي وقد استبشرت بالخير والبشرى لتكون مدينة الحداثة والانوار وعاصمة للبلاد تحمل في ذلك مضامين عديدة على وحدة الهدف والمصير لانسان عمان ولتصبح المدينة الضاربة بجذورها في تربة الحضارة الانسانية بتاريخ مجيد حيث إن عجلة التغيير في العهد الجديد حولتها في ظرف وجيز من حال إلى حال . والتي تمنح حبها للجميع بلا استثناء وتغمرهم بالعطف والبهجة وهم يعيشون على روعتها وحسنها كيف لا وهي عاصمة الامبراطورية العمانية .
وتضمن الكتاب دلالات اختيار مسقط كعاصمة لعمان والتحول الكبير منذ اختيار جلالة السلطان ليعلن فيها ولايته للحكم والذي شكل تاريخا فاصلا لعمان اجمعها فهو بالدرجة نفسها شكل تاريخا مركزيا ومهما لمسقط حيث شهدت في ولادة حقيقية حررتها من قيود كثيرة كانت تثقلها في الماضي وتمنعها من مسايرة العصر بان تدخل في عمق الحداثة في الوقت الذي تحافظ في على نهجها الحضاري وعراقتها.
مستعرضا نصيب مسقط في حصص التنمية ببناء عاصمة لها تفردها وخصوصيتها والذي لم يأتِ خصما على المحافظات الاخرى في البلاد غير انها وباعتبارها المركز السياسي والاقتصادي فقد حظيت بالنصيب الاوفر في تأسيس المدن العمانية والذي يرجع الى الامتداد الجغرافي المتعاظم مع التوسع السكاني بحث اصبحت مدينة جاذبة وسريعة النمو.
كما استعرض الكتاب الجذور العميقة لمسقط حيث كانت مكانا ينضج بالحياة حيث كان الانسان قد استوطن فيها بدءا من الالفية العاشرة قبل الميلاد في منطقة الوطية وذلك ما اشارت له الكشوفات الاثرية لعدد من الادوات الحجرية التي تنتمي لما يعرف بالعصر الحجري والتي اشتملت على ادوات حجرية وقطع الفخار بالاضافة إلى مواقد للنار وبعض الادوات الصوانية الحادة والمسننة على شكل مكاشط وانصال وسهام وبعض النقوض الصخرية التي تعبر عن اساليب الصيد وطرق مقاومة الحيوانات المفترسة اضافة الى اكتشافات اخرى بمستوطنة رأس الحمراء من حلي نسائية مصنوعة من الصدف بالاضافة إلى بعض الفؤوس الحجرية والمطارق والازاميل وصنارات الصيد. حيث تشكل هذه الاوات بشكل عام على تلاحم البر والبحر في تاريخ المدينة. فاذا كان بعضها مصنوع من الحجارة وصخور الجبال فان البعض الآخر صنع من ثرروات البحر.
واستعرض الكتاب كذلك عددا من الرحالة والكتاب الذين قدمو إلى مسقط مثل النمساوية ايدا لورا بفايفير التي عرفت بجولاتها في الشرق الاوسط واوروبا وبقية دول العالم وقد دونت انطباعاتها وملاحظاتها عن مسقط التي زارتها في مايوم 1848 حيث كتبت في كتاب لها باسم ( رحلة حول العالم تقوم بها امرأة ) : النساء في مسقط يرتدين نوعا من القناع مصنوع من القماش الازرق تمسكة المشبكات او السلك الحديدي وهو لا يلمس الوجه وهذا القناع مقصوص بين الجبهتين والانف وبالتالي يمكن رؤية اكثر من العينين وألا يضعن هذا القناع إلا عندما يبتعدن عن المنزل.
ايضا ممن سجلوا تأملاتهم عن مسقط في مطلع القرن العشرين حيث مر بهام عمام 1900 الفرنسي بيار لوتي من الاكاديمية الفرنسية وقد وصف مسقط بالمدينة التي تبدو بيضاء من بعيد وانها كانت فصلا من الشوارع الصغيرة المغطاة حيث كان يخيم شبه ظلام تحت تسقيفات منخفضة في الداخل.
إضافة إلى وجه مسقط في لوحات المصورين والرسامين ففي رسم لمركب قرب ميناء مسقط رسمه وليم دانيل اثناء زيارته لمسقط سنة 1793م يصور مركب ( الغراب) التي كانت تمثل نوعا من السفن الحربية وقد استخدمها البرتغاليون في الحروب وهي من السفن الخفيفة الحركة . حيث يشير البعض إلى أن مسقط تعتبر من اكثر المدن العربية الشرقية التي حظيت بتدوين الحياة فيها وتسجيل الاحداث سواء للوقائع المتعلقة بما يجري داخل المدينة ومعمارها وبحرها والميناء وسفنها وغيرها من المشاهد اليومية اوحياة البحارة بشكل خاص التي مثلت اهام للكثير من الرسامين بوصف مسقط كانت محطة رئيسية في الملاحة البحرية على مدى قرون. إضافة إلى المعالم الاثرية الشاهدة على التاريخ كقلعتي الجلالي والميراني وحصن مطرح وبيت المقحم في بوشر.
وتناول الكتاب جانبا آخر من صورة مسقط التي تدل على جذورها العميقة والاهتمام الخارجي بها مذ فترات مبكرة في الإعلام الخارجي وهي الصحافة لا سيما في الغرب حيث استعرض دارسة موجزة عن صورة عمان في الصحافة الامريكية في القرن التاسع عشر التي اكدت ان اسم مسقط كان هو الاشهر في ذلك القرن في الادبيات العربية كرحلة احمد بن النعمان اول سفيرر عماني وعربي يصل لاى نيويورك على متن السفينة سلطانة.
إضافة إلى استعراض الاوضاع الاقتصادية قبل النهضة من حيث المواصلات والاتصالات ولحمة حول مطار بيت الفلج والكهرباء والإنارة والتعليم والاخدمات الصحية والادارة والمؤسسات قبل عام 1970م.
ومسقط في عهد النهضة المباركة وكيفية الرؤى الاولية لتطوير مسقط وتطوير الميناء الذي كان الركيزة على نوافذ المدينة على العالم الخارجي بإعلان العزلة التي كانت تعيشها البلاد وافتتاح المطار الجديد وجمع الخدمات والوزارات والتوسع الافقي والسكاني في مسقط وشبكات الطرق الحديثة التي سهلت من الحركة والتنقل والتي تتوسع باطراد .
والتركيبة الادارية لولايات محافظة مسقط وتغيير المسمى من العاصمة إلى مسقط في سنة 1988م. مرورا بالمتاحف الحديثة والبعد الحضاري والتنمية الاجتماعية وسمات الحداثة التي تواكب الحياة الجديدة وتتالف مع الموروث.
وتتطرق الكتاب إلى كيفية نشوء النظام البلدي المعاصر وتأصيلة في السلطنة والعمل المؤسسي وتشريعات العمل البلدي والنهوض الحضاري الذي يواكب المراحل المتقدمة والمتسارعة في نقلة حضارية نوعية. وتطور الية المجلس البلدي والتشريعات في مسقط. اضافة الى استعراض تجربة الكاتب مع العمل البلدي وفلسفة العمل مع قطاع واسع من الجمهور.
إضافة إلى ولادة مهرجان مسقط الذي تشكل على مدى سنوات والذي اصبح من علامات مسقط في الداخل والخارج والذي ارتبط بتاريخ المدينة والتحولات ومتطلبات المجتمع الجديد والنظرة التخطيطيية الشاملة وقضايا العمارة. وتميز الكتاب بعرض عدد من الرسومات والصور من ذاكرة المؤلف التي تحكي تطور هذه المدينة على مدى التاريخ وفي عهد النهضة المباركة.