أوكرانيا ترفض محادثات سلام جديدة مع المتمردين –
عواصم – (د ب أ – أ ف ب): اتهمت موسكو أمس مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا المنتشرين في أوكرانيا بدعم كييف فعليا في النزاع بين القوات الحكومية والانفصاليين المقربين من روسيا.وأبدت وزارة الخارجية الروسية في بيان «قلقها ازاء طريقة عمل البعثة الخاصة للمراقبة في أوكرانيا التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا».
وقالت «لدينا انطباع بأن كل جهودها لا هدف لها سوى تقديم المساعدة والدعم لطرف واحد في النزاع، السلطات الرسمية في كييف».
وتابع البيان أن مراقبي المنظمة في أوكرانيا يقدمون في تقاريرهم «معلومات مفصلة» عن تحركات قوات المتمردين في منطقتي دونيتسك ولوغانسك شرق أوكرانيا «لكنهم يتجاهلون المعلومات عن الاستعدادات العسكرية والقوات الهجومية للجيش الأوكراني».
وأضاف «انهم لا يشيرون أيضا الى الانتهاكات العديدة من قبل العسكريين الأوكرانيين ليس لاتفاق مينسك فحسب (حول وقف اطلاق النار الموقع في الخامس من سبتمبر) بل معايير القانون الانساني الدولي».
وتابع ان «سياسة ادارة البعثة هذه لا تؤدي سوى الى تقويض الثقة في نشاطاتها».
ودعت موسكو المراقبين الى أن يتذكروا أن الهدف الرئيسي المحدد في ولايتهم هو «المساهمة في خفض التوتر واحلال السلام والاستقرار والأمن» في أوكرانيا.
من جهته قال وزير الدفاع البريطاني مايكل فولون أمس إن الزيادة الحادة في عدد الطلعات التي تنفذها طائرات الجيش الروسي فوق شمال أوروبا تشكل مصدر قلق «خطير للغاية».
وقال فولون للصحفيين في أوسلو: «لقد زاد هذا النشاط، وهو أمر استفزازي، إنه أمر غير قانوني وخطير للغاية».
وفي واشنطن، أشارت مسؤولة أمريكية إلى زيادة عدد طلعات الجيش الروسي في الأمريكيتين.
وكان فولون واحدا من ثمانية وزراء دفاع ومسؤولين آخرين من 12 دولة في شمال أوروبا وبريطانيا يجتمعون في العاصمة النرويجية لعقد محادثات عسكرية تستغرق يومين.
وذكر وزير دفاع إستونيا سفين ميكسر أنه في أعقاب الصراع في أوكرانيا وضم روسيا لشبه جزيرة القرم مطلع العام الجاري «تم تقليص وقت التحذير لأي صراع مستقبلي إلى الصفر تقريبا».
وكانت طائرات حلف شمال الأطلسي (ناتو) قد اعترضت طائرات روسية لنحو 100 مرة هذا العام، أي بمقدار ثلاثة أضعاف معدل عام 2013، طبقا لأرقام صدرت مؤخرا من جانب التحالف العسكري.
وقالت وزيرة الدفاع النرويجية إيناه إريكسن سورايده إنه بينما لم تشعر النرويج بـ «تهديد عسكري مباشر» من جانب روسيا، فإن أوسلو قد لاحظت مهام طيران أطول مسافة وأحيانا تتضمن عددا أكبر من الطائرات.
وكانت الشبكة الأوروبية للقيادة، وهي مؤسسة بحثية مقرها لندن، قد نشرت تقريرا مطلع الأسبوع الجاري سجلت فيه نحو 40 واقعة خلال الثمانية أشهر الماضية يتورط فيها الجيش الروسي، وحدث بعضها في البحر الأسود وقبالة كندا والولايات المتحدة.
وأشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية جين ساكي إلى تنامي الطلعات الجوية الروسية حول الأمريكيتين خلال الأشهر القلائل الماضية.
وقالت ساكي إن الولايات المتحدة تدرك الحاجة إلى التدريبات العسكرية الروتينية «لكننا لا نرى بيئة أمنية تتطلب مثل هذا النشاط».
وحضر اجتماع أوسلو وزراء دفاع النرويج وبريطانيا والدنمارك واستونيا وفنلندا ولاتفيا وليتوانيا والسويد، كما شارك نائب وزير الدفاع البولندي فضلا عن مسؤولين كبار من ألمانيا وأيسلندا وهولندا.
من جهته حذر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بأن روسيا قد تواجه عقوبات جديدة اذا لم تعمل على ايجاد حل للنزاع في أوكرانيا، معتبرا أن تحركات موسكو «غير مقبولة».
وقال كاميرون في كلمة ألقاها أمام البرلمان في كانبرا أن العقوبات التي فرضها الغربيون على روسيا حتى الان انعكست على الاقتصاد الروسي.
وقال كاميرون لاحقا للصحفيين ان «تحركات روسيا في أوكرانيا غير مقبولة»، قبيل توجهه الى بريزبين لحضور قمة رؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين التي سيشارك فيها أيضا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال «اذا وافقت روسيا على اتباع نهج ايجابي حيال حرية أوكرانيا ومسؤوليتها، فقد يتم الغاء هذه العقوبات».
وأضاف «أما اذا واصلت روسيا دفع الأمور الى الاسوأ، فقد تزداد هذه العقوبات..المسألة بهذه البساطة».
وأكدت روسيا أول أمس انها لم ترسل قوات الى شرق أوكرانيا الانفصالي الموالي لها.
وكانت أوكرانيا أعلنت في اليوم السابق أنها تستعد للمعركة ردا على حشد قوات روسية في شرق أوكرانيا وهو ما أكده الحلف الأطلسي ما يبعث مخاوف من اندلاع حرب مفتوحة بعد هدنة هشة أقرت قبل شهرين.
وصرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية جنيفر بساكي الاربعاء الماضي أن واشنطن «تواصل العمل» مع الاتحاد الأوروبي تحسبا لفرض عقوبات جديدة محتملة على روسيا.
من جهتها صرحت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل أن الاتحاد الأوروبي الذي سيبحث المسألة في 17 نوفمبر لا يعتزم فرض عقوبات جديدة على روسيا باستثناء احتمال اضافة اسماء على قائمة المسؤولين الأوكرانيين الموالين لروسيا الخاضعين لعقوبات.
وتتهم كييف والغربيون موسكو بالوقوف وراء تدهور الوضع في شرق أوكرانيا حيث يشهد وقف اطلاق النار الذي أعلن في مطلع سبتمبر انتهاكات يومية وتجاوز عدد الضحايا أربعة الاف شخص منذ بدء أعمال العنف في ابريل.
في شأن ذي صلة ذكر جهاز الأمن الأوكراني أمس أن الحكومة استبعدت اجراء محادثات سلام جديدة مع المتمردين الموالين لروسيا الذين يقاتلون من أجل حكم ذاتي في شرق أوكرانيا.
وقال ماركيان لوبكيفسكي المستشار الأمني في كييف: لن يكون هناك (محادثات) مينسك 2، نظرا لأنه لم يتم الوفاء بالاتفاقات الناتجة عن مينسك 1، بحسب وسائل الإعلام المحلية.
ووقعت أوكرانيا وروسيا وقادة الانفصاليين بروتوكولا لوقف اطلاق النار في سبتمبر الماضي في مينسك ببيلاروس ولكن القتال تواصل بدون انقطاع تقريبا.
واتهم كل جانب الاخر بانتهاك الاتفاق.
قالت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل التي ألقت باللائمة على المتمردين لانتهاك المعاهدة ودعت إلى فرض المزيد من العقوبات ضد قيادتهم، إنها سوف تناقش الأزمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قمة العشرين التي تعقد غدا في استراليا.
ومن ناحية اخرى، من المنتظر ان يعقد الانفصاليون في مدينة دونيتسك التي يسيطرون عليها اجتماعهم البرلماني الأول منذ إجراء الانتخابات في الثاني من نوفمبر.
ووصفت كييف والحكومات الغربية انتخابات المتمردين بأنها غير قانونية.
وذكرت وكالة أنباء ايتار تاس الروسية أن النواب سوف ينتخبون رئيس البرلمان.
إلى ذلك اعلنت السلطات الأوكرانية ان طفلة في الخامسة من العمر قتلت أمس بقذيفة هاون في منطقة لوغانسك الانفصالية الموالية لروسيا، متهمة المتمردين بإطلاق هذه القذيفة.
وقال الناطق العسكري الأوكراني اندري ليسينكو ان «مقاتلي جمهورية لوغانسك المعلنة من جانب واحد تمركزوا في سلوفيانوسيربسك وأطلقوا قذيفة هاون على قرية تريوخيزبينكا مما أدى الى مقتل طفلة في الخامسة من العمر واصابة والدتها بجروح خطيرة».
وتقع قرية تريوخيزبينكا تحت سيطرة قوات كييف وتبعد كيلومترين عن مواقع المتمردين.
وقال حاكم لوغانسك الموالي لكييف غينادي موسكال ان الفتاة قتلت عندما كانت متوجهة مع والدتها الى مركز طبي.
وأضاف أن «واحدة من القذائف انفجرت بالقرب منها».
وتابع أن العسكريين يحاولون تنظيم نقل الأم الى المستشفى.
واكد موسكال ان «تريوخيزبينكا واحدة من الاهداف الدائمة للمتمردين الذين تبعد مواقعهم كيلومترين عن القرية»، مشيرا الى انهم «يعرفون أنه بقي فيها مدنيون لكنهم يطلقون صواريخ من قاذفات غراد».
في سياق آخر أعلنت روسيا عن اعطاء فرنسا مهلة حتى نهاية نوفمبر الجاري لتسليمها أول حاملة مروحيات من طراز «ميسترال» قبل أن تبدأ في اتخاذ الاجراءات القانونية.
ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» عن مسؤول بارز في العاصمة الروسية موسكو قوله أمس: «نحن نستعد لسيناريوهات مختلفة. سننتظر حتى نهاية الشهر الجاري ثم سنقوم بتقديم شكاوى».
وأضاف أن الخبراء يقومون حاليا بتقييم الخسائر المحتملة نتيجة عدم تنفيذ الصفقة الخاصة بتسليم حاملة المروحيات «ميسترال» إلى روسيا.
كان الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند قد هدد في الشهر الماضي بتعليق تسليم حاملتي المروحيات بسبب تدخل روسيا في أوكرانيا، على حد قوله وهوما نفته موسكو.
يشار الى أن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان قد أعلن في السادس من الشهر الجاري أن باريس ستقوم بتوريد حاملة مروحيات من طراز «ميسترال» إلى روسيا في أقرب وقت، دون أن يحدد الموعد.
يذكر أن فرنسا وروسيا وقعتا في يونيو 2011، على اتفاقية تبلغ قيمتها 2ر1 مليار يورو (5ر1 مليار دولار) بشأن حاملتي مروحيات من طراز «ميسترال» . ومن المقرر أن تتسلم روسيا الحاملة الأولى نهاية الشهر الجاري، والثانية في 2015.