المرأة العمانية وضعف التمثيل في الشورى .. هل تصلح «الكوتا النسائية» كحل بديل ؟

سُعـــاد العلويــة ــ عاتكة البطاشية. –

من الأشياء التي لفتت أنظار الجميع في انتخابات مجلس الشورى السابقة العدد القليل من الأسماء النسائية التي تقدمت للترشح ومع ذلك حصلت المرأة العمانية على مقعد واحد فقط. الأمر الذي قد يثير استغرابا بعض الشيء في الوقت الذي فتح فيه المجال على مصراعيه أمام المرأة للمشاركة في الكثير من المجالات.


ويبدو ملاحظا أيضا أن المجتمع لايزال يعزف عن التصويت للمرأة عوضا عن الرجل، فهل نستطيع القول أن المرأة العمانية تجاوزت حاجز العائلة بخروجها للترشّح فاصطدمت بجدار التصويت؟.

(مرايا) يناقش جملة من الأسباب والحلول المقترحة في هذا الشأن. ولنبدأ بموضوع (الكوتا النسائية)


ففي استطلاع للرأي أجريناه حول فاعلية نظام الكوتا النسائية الذي يقتضي تخصيص نسبة من مقاعد مجلس الشورى لضمان وصول المرأة إلى موقعها التشريعي كحل مؤقت ريثما تثبت للمجتمع قدراتها وأهليتها للمشاركة في المجلس إزاء الغياب الذي شهدته عن مقاعد المجلس طيلة ثلاث فترات، ثم خرجت بمقعد واحد في الفترة الحالية، كان رأي أغلب الشريحة التي تم سؤالها عن ذلك مؤيدا لتطبيق هذا النظام لفاعليته بينما رأت شريحة أقل عددا أنه ليس حلا لأنه غير منصف والمرأة بجدارتها تستطيع الوصول دون الحاجة إلى استثناءات.

وهنا تقول سالمة بنت نصيب الفارسية – المديرة المساعدة للتخطيط والإحصاء بتعليمية جنوب الشرقية – : بالرغم من أنني ضد تطبيق نظام الكوتا النسائية في انتخابات مجلس الشورى؛ لأنه لا يحقق مبدأ المساواة في الفرص وستحصل المرأة من خلاله على مقعد بأفضلية عن الرجل. إلا أننا وفي الوقت الراهن بحاجة لتطبيقه؛ لأن المجتمع لا يؤمن بعد بدور المرأة وربما نظام (الكوتا) سيشجع المجتمع مستقبلا على اختيار المرأة عندما يرى دورها واضحا في المجلس.


وتضيف عائشة بنت عبدالله العلوية – المديرة العامة للإسكان الاجتماعي بوزارة الإسكان:- نحن كنساء محظوظات في السلطنة ، فالمشاركة في مجلس الشورى مقدمه لنا على طبق من ذهب وعلينا أن نجتهد ونخلص كي نصل. وقد يكون نظام الكوتا جيدا كحل مؤقت لهيمنة الرجال على المجلس؛ وذلك إلى حين عودة ثقة المجتمع في المرأة.


أزمة ثقة


ويقول إبراهيم بن عبدالرزاق البلوشي: إذا كانت المرأة ليست لديها القدرة على إقناع المرأة بترشيحها، فهذا يعني أن هنالك خللا في فاعلية المرأة في المجتمع، فهي إن كانت فاعلة اجتماعيا انتخبتها النساء على الأقل، ولم نسمع حتى الآن عن مترشحات لهن دور اجتماعي فاعل في المجتمع.

وتشاطره الرأي وفاء العريمية – طالبة جامعية – قائلة : نعم ثمة أزمة ثقة من كافة شرائح المجتمع تجاه فاعلية المرأة في مجلس الشورى وقدراتها وخاصة ثقة المرأة في قرينتها المرأة وقد يكون هذا لسببين رئيسيين : أولهما غيرة المرأة من المرأة فهي بالتالي لن تمنحها صوتها، والأمر الآخر أنها خلقت معتمدة على الرجل بالفطرة وهذا أمر من الصعب تغييره سريعا مهما أجبرتها الظروف على تولي مسؤولياتها بنفسها.

ولسالمة بنت نصيب الفارسية رأي مخالف حيث تقول: المسألة ليست عدم ثقة في المرأة، بل عدم الثقة في قدراتها وهذا يعود إلى النظرة العامة لها والفكرة السائدة عن دور المجلس . فالناخب مازال يعتقد أن دور المجلس خدمي فقط يسعى أعضاؤه من خلاله للمطالبة بمشاريع لولاياتهم، وهذا الدور يتناسب مع الرجل أكثر من المرأة؛ فالرجل هو من ينزل للشارع ويلتمس حاجات الولاية من مشاريع. والدور الخدمي هو دور حركي غالبا لذلك تجد الناخبة أن الرجل هو الأقدر.


وتضيف عائشة بنت عبدالله العلوية: لا أعتقد أن هناك أزمة ثقة بين المرأة وأختها المرأة حتى تمتنع عن التصويت لها بل على العكس، خاصة في الفترة الحالية حيث لمست شخصيا أن المرأة ترى في مثيلتها المرأة قدرة واستحقاقا أكبر من الرجل لتمثيلها في مجلس الشورى . كما أنني أرى أن هناك نقصا في ترسيخ فهم المرأة ووعيها السياسي وعدم قدرتها في المرحلة الحالية على ممارسة الاستقلال السياسي في هذا الجانب وأنا شخصيا عرفت من نساء أنهن لا يستطعن اتخاذ القرار إلا بالرجوع إلى أزواجهن هذا على صعيد التصويت.

وأعود لأؤكد أن المرأة العمانية بحاجة إلى أن تتمكن من استخدام الأدوات الحقوقية التي منحت إياها وأن تستخدمها باستقلالية بعيدا عن أية مؤثرات، حيث يجب أن تقف المرأة أمام استمارة التصويت وتختار بثقة مَن تراه جديرا بتمثيل المجتمع لأنه ببساطة ليس ثمة من يراها أو يراقبها وهي تفعل ذلك.


عوائق الوصول


ماهي الأسباب التي تحول دون حصول المرأة على مقاعد أكثر في المجلس ؟

تقول عائشة العلوية: إن هذا سؤال على درجة كبيرة من الأهمية؛ المرأة تدخل المنافسة كما نلاحظ جميعا وهناك خبرات ومؤهلات جيده للكثير من المنافسات إلا أنها تفشل في الوصول ولاحظنا أن هناك ثلاث دورات برلمانية خلت من امرأة والدورة الحالية يوجد بها امرأة واحدة، والسبب بسيط ومعروف وهو ظاهرة شراء الأصوات حيث يدخل الرجال بموازنات جيدة ويضخون أموالا تيسر لهم الحصول على حصة كبيرة من الناخبين، والأمر هذا ترتب عليه تشويه دور المجلس.

إضافة إلى أن هناك عزوفا من فئة كبيرة عن التصويت وهي فئة الشباب التي تمثل الهرم السكاني في السلطنة، ووزارة الداخلية يجب أن يكون لها موقف في هذا ويجب أن تنظم برامج إرشادية واسعة للمجتمع وأن تستخدم وسائط الوسائل الاجتماعية مثل تويتر والواتساب والفيس بوك لإعادة الثقة بالمجلس ولحث فئة الشباب على المشاركة في الانتخابات وعدم التعاون مع من يشتري الأصوات وضرورة الاستقلال في ممارسة هذا الحق السياسي.


وترى سالمة بنت نصيب الفارسية : إنه من أسباب عدم حصول المرأة على مقاعد في المجلس هو أن المرأة كانت أمام منافسة غير عادلة؛ فعلى الرغم من أنها تمتلك مؤهلات وصفات شخصية ومهنية إلا أننا نعيش في مجتمع الأولوية فيه للرجل وهذا يعتمد على ثقافة المجتمع؛ فنحن نعيش في مجتمع عاداته وتقاليده لم تتعود على دور المرأة القيادي والسياسي وهو دور سيفرضه وعي المجتمع وتطوره الثقافي الذي يتطور مع الأيام ويتقبل مشاركة المرأة وفقا لدورها الاجتماعي والمجتمعي بشكل عام.

ولذلك فعندما يصل الفكر والوعي الصحيح للناخب بأن دور مجلس الشورى تشريعي ورقابي بالإضافة لدوره الخدمي، عندها سيعمل الناخب سواء كان ذكرا أو أنثى على اختيار المترشح وفقا لكفاءته وقدرته على أداء دوره وإيصال صوت المواطن ورأيه في التشريعات ومتابعة ومراقبة تنفيذه وبالتالي ستكون المقارنة هنا وفقا للقدرة في الرأي والمشورة وليس المطالبة بخدمات.


ماذا يجب على المرأة أن تفعل؟

تجيب هدى البطاشية (ماجستير العلوم ) قائلة : إن الحجة ليست في وصول المرأة للمجلس من عدمه، بل في أن تمثل منتخبيها والنسوة خاصة خير تمثيل. فالمرأة تثق في قرارات الرجل أكثر وقد يكون ضعف اجتيازها يعود إلى تراكمات لتجارب سابقة مع مترشحات سابقات.

وترى سالمة بنت نصيب الفارسية أن الرغبة الأكيدة لدى المترشحة هي المفتاح الأول للوصول ووجود رؤية حقيقية للترشح وبالتالي صياغتها من خلال خطة واضحة وخطوات منظمة للوصول للناخب في كل مكان وزمان.

وعلى المرأة أن لا تيأس فهي لم تترشح إلا لهدف سامٍ سعت إليه لتكون صوت أخيها وأختها من الولاية. وبعيدا عن الامتيازات التي يحصل عليها عضو المجلس فأنا أرى أن دور المجلس تطوعي أكثر من كونه منصبا والمرأة بطبيعتها أكثر عطاء في الأعمال التطوعية.

وتقول عائشة العلوية: على المرأة أن لا تيأس من الوصول إلى الشرائح المثقفة والواعية، وأن تستعد لخوض الانتخابات من خلال برنامج انتخابي عملي وواضح ويلبي رغبات الناخبين. إضافة إلى أن تعمل بشكل منظم من خلال الإعداد الجيد والكافي لمشوار التأهل وأن ترفع شعار المنافسة الشريفة.


ــ هل المجلس بحاجة إلى نساء؟

ترد جوخه بنت سعيد البروانية (أخصائية علاج طبيعي) على هذا السؤال فتقول: كون المجتمع يشمل كلا الجنسين الذكر والأنثى فلابد من وجودهما أيضاً في المجلس فهناك أمور قد لا يفهمها الرجل والعكس صحيح…فلكل فئة احتياجاتها التي لا يستوعبها سواها، وبالتالي من أجل مجتمع متكامل متفاهم لا بد من أن يشتمل المجلس على من يمثل كلا منهما بشرط أن تكون المترشحات للمجلس ذوات كفاءة لتفهم احتياجات نساء المجتمع.

وتقول سالمة بنت نصيب الفارسية: بالتأكيد؛ فمثلما قال صاحب الجلالة ــ حفظه الله ورعاه ــ : “ إن الوطن لا يحلق من دون المرأة ، فالوطن كالطائر الذي يعتمد على جناحيه في التحليق” ونظرة المرأة للأمور تختلف عن الرجل. المرأة اهتماماتها وتفكيرها مختلف لذلك فإن وجودها في المجلس يغطّي جوانب يغفل أو يتغافل عنها الرجل.


وتضيف: ليس للمرأة أهداف تجاه منصب كبير بعكس الرجل، وهذا الجانب تؤكده دراسات وتشير إلى أن تفكير الرجل شمولي في حين أن المرأة تهتم بالتفاصيل ولديها القدرة على الإلمام بجوانب كثيرة في وقت واحد. وهناك الكثير من الاختلافات بين شخصية الرجل والمرأة؛ لذلك فإن دورهما تكاملي، ووجود المرأة ضرورة حتمية وحاجة ماسّة ليكتمل النقص في الأداء والدور والنشاط في المجلس.

وتعتقد عائشة بنت عبدالله العلوية أنه طالما أن الإرادة السياسية لجلالة السلطان ـ أبقاه الله ــ لم تفرق بين المرأة والرجل ولم تمايز بينهما بل أعطتهما الحقوق بالتساوي، وهو ما يؤكد عليه جلالة السلطان بضرورة أن تشارك المرأة إلى جانب الرجل في مسيرة التنمية والبناء فإن عمق البصيرة والحكمة التي يرسم بها جلالة السلطان نهضة عمان تحتم أن تتواجد المرأة تحت قبة البرلمان وأن تقول رأيها في السياسات والخطط، وتنقل احتياجات وتطلعات مجتمعها لتضعها أمام الحكومة فيكون لها ما للرجل من عطاء ومساهمة سياسية.

وتشاطرها وفاء العريمية الرأي قائلة: نعم المجلس بحاجة إلى أكثر من امرأة؛ ذلك أن النساء أيضا لهن نظرتهن الخاصة للأمور وهي تختلف عن نظرة الرجل وجميع النساء لديهن عاطفة وعقل راجح ودهاء (ولم يصعب على بلقيس أن تكون ملكة لسبأ).