الاستقلال – عام جديد!

في زاوية رأي الاستقلال كتبت الصحيفة مقالا بعنوان: عام جديد!، جاء فيه: كان العام 2014 فلسطينيا وعربيا الأصعب والأكثر ألما فالآمال كانت معقودة على تحول كبير تتجاوز فيه فلسطين والأمة العربية تداعيات الربيع العربي وحالة التفكك والانقسام، لكن ذلك لم يحدث وزادت معاناة الفلسطينيين والشعوب العربية وبات هم الناس البحث عن الأمن والنجاة من الموت وليس التعليم والصحة وتطوير الاقتصاد فالخراب يضرب في كل مكان بينما الدول الأخرى التي لم يقع فيها الربيع بقيت عاملا سلبيا في استمرار حالة العنف في المجتمعات العربية بدعمها للمجموعات المسلحة المشاركة فيه.

فلسطينيا كان منتصف العام الماضي بارقة أمل لم تتحقق بالتوقيع على اتفاق المصالحة بين فتح وحماس وتشكيل حكومة الوفاق حيث لم تقلع حتى الآن وبقيت عمليا حالة الانقسام قائمة مع ازدياد وتيرة المناكفات والاتهامات المتبادلة في وقت تزداد معاناة الناس جراء الحصار والحرب العدوانية على قطاع غزة، والأكثر سوءا أن نهاية العام في الأيام الماضية شهدت مزيدا من الافتراق والإشارات على أن حالة الانقسام ستبقى كما هي ولن تنجح حكومة الوفاق في تقديم حلول لمعضلات غزة غير المنتهية والمتزايدة.

العام 2014 شهد العدوان الثالث على قطاع غزة بحرب عدوانية أوقعت دماراً واسعاً بتدمير طال عشرات آلاف البيوت والمصانع والشوارع والأراضي الزراعية وسقوط 2200 شهيد و12 ألف مصاب وأمام هذه الجرائم لم يحرك المجتمع الدولي ساكنا لمحاسبة المجرم وتقديمه للمحاكمة الأمر الذي يشجعه على التمادي في العدوان وتكراره، فيما الموقف العربي كان متخاذلا وصامتا ما أعطى دفعا أكبر للعدوان الصهيوني حيث لم تتحرك أية عاصمة عربية ضد الكيان الصهيوني في المؤسسات الدولية لملاحقته ومحاسبته على جرائمه ضد الشعب الفلسطيني.

غزة بعد الحرب تعيش أوضاعا أكثر قسوة وصعوبة فالحصار اشتد والأعمار شبه متوقف وعشرات آلاف الناس يعيشون في خيام وبيوت مستأجرة والاقتصاد يتدهور ويولد بطالة تجاوزت الستين في المائة وأسر مستورة لا تكاد تجد ما يسد رمق أطفالها، أي أن غزة تعيش كارثة حقيقية لا يلتفت لها احد وهي نتاج الاحتلال والعدوان في المقام الأول إلا أن استمرار تعطل عمل حكومة التوافق والقيام بواجباتها يلعب دورا أساسيا في هذه الحالة المأساوية ودون توافق حقيقي وانتهاء للتجاذب والانقسام لن يكون بالإمكان تجنب مزيد من سوء الأوضاع مع كل التداعيات الأكثر سوءا.

أحوال غزة في العام الجديد يجب أن تتغير وتتداعى كل القوى من أجل إنقاذها وتقديم الدعم والعون لها وذلك مسؤولية الجميع دون استثناء احد لان غير ذلك يعني أن كل الأطراف الخارجية ستزيد الضغط على غزة وتضاعف معاناتها، فالشعب الفلسطيني الذي يعيش حالة من الغضب جراء سوء أوضاعه يطالب وينادي الجميع العمل من أجل رفع كل أشكال القهر التي تفرض عليه كي يتفرغ لمواجهة الاحتلال بعد أن بات المشهد الداخلي يستنزف جهدا ووقتا كبيرا من جهد الشعب الفلسطيني، والمستفيد من كل ذلك هو الكيان الصهيوني الذي يوظف تداعيات المشهد الداخلي ليمعن في التهويد والاستيطان والمس بالمسجد الأقصى، عدا أن عذابات الأسرى وأوضاعهم الصعبة التي شهدت مزيدا من التدهور هذا الشهر تتطلب إعادة النظر في كل المواقف الداخلية والتوجه نحو نهج جديد يحمل الفلسطينيين على التركيز على قضيتهم المركزية.