حق لنزوى أن تكون عاصمة الإسلام وتخت العرب –
نزوى – سيف بن زاهر العبري –
تتجه الأنظار اليوم نحو مدينة نزوى مزدانة بتاج فخرها باختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2015م، بما تعنيه الكلمة من دلالات مهمة باختيارها رمز عمان الديني والثقافي في المحفل الإسلامي، وتأكيدا للدور العماني منذ القدم في نشر الإسلام، منذ أن دخل أهلها الإسلام طواعية. فتحظى نزوى بهذه المكانة الدينية المهمة للكثير من الاعتبارات منها: أنها مدينة العلم والعلماء، فهي بيضة الإسلام وتخت العرب، كما كانت عاصمة لعمان قديما. وتحتفي نزوى بالعاصمة الثقافية الإسلامية على مستوى الوطن العربي إلى جانب مدينة ألماتي بكازاخستان على مستوى الدول الآسيوية، ومدينة كوتونو في البنين على مستوى الدول الإفريقية.
وكان لاحتضان نزوى عاصمة الثقافية الإسلامية لعام 2015م أصداء واسعة، أكد من خلالها عدد من المهتمين بهذه المناسبة أهمية المكانة العريقة لمدينة نزوى، وما تعنيه هذه المناسبة من أهمية.
فقال الشيخ ابراهيم بن سعيد بن أحمد النبهاني: نزوى الممتدة جذورها ثقافة وحضارة، ضاربة في عمق التاريخ، تتلألأ درة نادرة ونجمة لامعة في كبد السماء. فقد ساهمت نزوى «بيضة الإسلام» بكل ريادة في صناعة الحضارة الإسلامية، وحققت حضورا مميزا في ذاكرة المؤرخين سواء من الجانب الاقليمي او العالمي، ونزوى تحتضن الشهباء التي كتب عنها المؤرخون بكل فخر واعتزاز، الشهباء التي أرسيت قواعدها لإرساء معنى الحضارة والتاريخ. وأن تكون مدينة نزوى عاصمة للثقافة الإسلامية على مستوى الدول العربية ما هي الا اضافة في سطور تاريخ نزوى العريق، وحق لنزوى ان تتفرد بأنظار العالم وبذلك يزداد العدد البشري العارف بمدينة نزوى في أصقاع المعمورة. كما أن نزوى جاءت من اجمل عشر مدن في العالم لتكون اضافة جديده ترفع من هامات أبنائها خاصة، والعمانيين عامة. لذا لابد أن تكون هناك نظرة مميزة من جانب الجهات الحكومية للإبقاء على مدينة نزوى في قمة الهرم التاريخي والحضاري، وبالتالي سوف يضيف اختيار مدينة نزوى عاصمة الثقافة الإسلامية الكثير للجانب الاقتصادي خاصة قطاع السياحة والسابرين أعماق التاريخ، فهنيئا لعمان الحبيبة نزوى عاصمة للثقافة الإسلامية وهنيئا لأبناء نزوى.
نزوى عاصمة إسلامية
وقال خميس بن عامر بن علي أمبوسعيدي: نزوى أساسا عاصمة إسلامية وليس فحسب عاصمة للثقافة الإسلامية، فقد تبوأت مكانة رفيعة منذ أن دخل أهلها الإسلام طواعية، ولن نستطيع أن نوفي لها حقها مهما عبرت الكلمات وقيل عنها من الصفات، ولن نكون أكثر وصفا مما قال عنها العلماء والأئمة والمؤرخون والمفكرون والأدباء، فاللسان يعجز عن وصفها بما يمكن أن يليق بها، وزادها شرفا وتألقا عما هي عليه الآن في العصر الحديث حين حظيت بمكانة رفيعة، وشرفت بأن اختيرت كعاصمة للثقافة الإسلامية كأهم مدينة عمانية تحظى بهذا التتويج الإسلامي، وحظيت بذلك لما لها من مكانة تاريخية عريقة على مر الأزمان، وليس أجل من ذلك تلكم القامة الكبيرة بقلعتها الشهباء وأبراجها وحصونها وحاراتها وأزقتها وكل ما تحويه من وصف حقيقي.
مدينة التاريخ والعلم والتراث
سليمان بن مسعود بن سليمان الراشدي نقل صورة من شهادته على مكانة نزوى قديما وحديثا قائلا: تستحق مدينة نزوى أن تظهر بالمظهر اللائق بها أمام أنظار العالم الإسلامي والعالم أجمع وبما يعيد لشرايينها كافة دورها الحضاري والتنموي الذي تتسنمه من قديم الزمان، فآن الأوان لنفض غبار القعود والتفرج من الجميع واستبدال ميدان العمل الدؤوب بها لإظهارها وصقل بريقها الحضاري الذي لم يخفت يوما ما، فتشهد ولاية نزوى- التي تتبوأ مكانة مرموقة في التاريخ العماني قديمه وحديثه، كما كانت عاصمة لعمان يوما ما- كغيرها من ولايات عماننا الغالية في هذا العصر المجيد مرحلة متسارعة من التطور المستمر في مختلف مجالات الحياة، حيث تقف المنجزات بها قديمها وحديثها شاهد عيان على أصالتها وأهميتها الحضارية وحق لها فهي، (مدينة التاريخ والعلم والتراث، وقلعة الأصالة والمجد الأثيل الشامخ) كما وصفها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم، وألبسها- حفظه الله ورعاه وعافاه- لباس الفخار إذ قال في خطابه بمناسبة العيد الوطني الرابع والعشرين المجيد حين احتفى على ترابها بعام التراث: (.. مدينة نزوى العامرة التي كان لها دور بارز في مسيرة الحضارة العمانية لا يزال يتألق نورا وضياء، ورفعة وجلالا. لقد كانت نزوى معقل القادة والعظماء، وموئل العلماء والفقهاء، ومرتاد الشعراء والأدباء. فأعظم بها من مدينة لها في قلوب العمانيين منزلة عالية، ومكانة سامية، وقدر جليل. واذا كان قد مر على هذه المدينة العريقة حين من الدهر كاد يطمرها غباره، الا أنها اليوم تتبدى من جديد في قشيب زينتها، زاهية بتليد مفاخرها، زاهرة بطريف أمجادها ومنجزاتها التي تحققت على مدى السنوات القليلة الماضية… إن الاحتفال بالعيد الوطني الرابع والعشرين لنهضة عمان الحديثة، في هذه المدينة العريقة، انما هو تمجيد وتجديد لدورها الحضاري والفكري في حياة هذا الوطن العظيم الغالي الذي يعمل بكل طاقاته وامكاناته من أجل مستقبل أفضل تتحول فيه، بعون الله، كل الآمال والطموحات إلى واقع مشهود ماثل للعيان لا يحتاج إلى دليل أو برهان). وفي الكلام الموجز الحكيم لجلالته- حفظه الله ورعاه- ما يغني عن زيادة في الوصف لهذه المدينة العريقة التي قدمت الكثير من الفعل والتراث الثقافي والديني للعالم الإسلامي والعالم أجمع.
طرق جديدة لتقديم التراث الثقافي
وتساءل سليمان الراشدي عن سبب اختيار العام الميلادي ليكون بوتقة الاحتفال بالعواصم الثقافية الإسلامية، ألم يكن الأجدر اختيار السنة الهجرية وهي خاصية تتفرد بها الأمة الإسلامية؟، وعطفا على ما سبق حول مكانة نزوى وما تتم مناقشته حول تنويع مصادر الدخل والاهتمام بالجانب السياحي فإنه ربما يكون هذا العام فرصة سانحة لاستكشاف طرق جديدة لتقديم التراث الثقافي لنزوى خاصة والسلطنة عامة للعالم أجمع، بما تحويه من مكنونات دينية وثقافية وحضارية في بوتقة جذب السياحة داخليا وخارجيا عبر فعاليات تراثية مبتكرة يسوق لها داخليا وخارجيا، أو عبر مسابقات بين المشتغلين في هذا المجال لمن يقدم قيمة تراثية جديدة تضفي جذبا للسياح، وقد تم تصنيف مدينة نزوى ضمن أفضل 10 مدن جاذبة للسياحة في العالم لعام 2015م، فماذا أعددنا جمعيا للمحافظة على هذه المكانة وتحسينها واستثمارها بالشكل المناسب؟.
ومع الجهود المخلصة المقدرة التي تبذل من قبل الجهات المختصة لإبراز هذه المدينة بما يليق بها في عامها الثقافي فإننا نأمل أن ننظر للجانب الآخر من المجتمع العماني عامة والنزوي خاصة ونسائله عما ينوي تقديمه لهذه المدينة إبرازا لها وللسلطنة وما تحويه من مكنونات؛ فما الدور الذي ينوي أبناء الولاية والمسؤولون فيها القيام به وتقديمه بهذه المناسبة؟. فماذا أعدت الفرق المسرحية والرياضية والثقافية؟ وماذا أعدت مؤسسات المجتمع المدني كالنادي الثقافي وجمعية الصحفيين العمانية وجمعية الكتاب والأدباء، والمسرح.. الخ؟ وإن كان هناك ما ستقدمه فما هو؟ وما هي آلية العمل والتنسيق حتى تتوافق مع بقية الفعاليات؟ أسئلة تطرح نفسها بما يعكس الحالة النرجسية التي يعيشها كثير من المواطنين بأن لدينا ولدينا ولكن لا نرى- إلا قليلا- مبادرات سواء أكانت فردية أم مؤسساتية قابلة للديمومة أو الإكمال عليها. كما نأمل أن يتم استغلال وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الأخرى بطرق إبداعية في سبيل التعريف بهذه المدينة العريقة خلال هذه السنة ثم تحدد مدينة أخرى من مدن السلطنة لتكون محور الاهتمام حتى تكتمل المنظومة بما يليق ومكانة هذا البلد العريق إنسانا وفكرا. إن مثل هذه المناسبات التي تتباعد في حصولها تكون فرصة اقتناصها محصورة فإن لم تتم الاستفادة منها بأقصى حد ممكن فإنها ستتوارى وستحتاج لجهد مضاعف للحصول عليها مرة أخرى لذا كان من الأجدر بيان أطر استدامة مثل هذه المناسبات ولو داخليا على أقل تقدير.