في زاوية حديث القدس كتبت الصحيفة مقالا بعنوان: لا مجال لأي ضغط على الفلسطينيين جاء فيه: التقارير التي تتحدث عن ضغوط محتملة قد تمارسها الولايات المتحدة على الجانب الفلسطيني في المفاوضات التي ترعاها واشنطن بين إسرائيل والفلسطينيين لن تعود بأي جدوى، ولن تثمر عن أي تغيير في المواقف الفلسطينية الثابتة من القضايا موضوع التفاوض، وعلى رأسها ضرورة التوصل إلى اتفاق شامل وجدول زمني لتنفيذه.
ولا مجال لأي تغيير في المواقف الفلسطينية، لأن الجانب الفلسطيني قدم كل التنازلات في السابق، وأثبت مرونة قياسية في التجاوب مع الطروحات والمبادرات العربية والدولية التي وقفت منها إسرائيل موقف التحفظ على أقل تقدير، والرفض القاطع في كثير من الحالات.
محور المواقف الفلسطينية هو مرجعيات الشرعية الدولية التي نصت صراحة، ودون مواربة، وبموافقة دول العالم كلها، بما فيها الولايات المتحدة، على انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي المحتلة عام ١٩٦٧، وهذا ما ورد في قراري مجلس الأمن ٢٤٢ و٣٣٨. فالسلام العادل الذي دعت إليه تلك المرجعيات لا يمكن تحقيقه ما دامت إسرائيل تحتل ولو شبر واحد من الأراضي الفلسطينية، إلا إذا تمت مبادلته بما يماثله في المساحة والأهمية من الأراضي الواقعة داخل الخط الأخضر، وبتوافق بين الجانبين.
ومن هنا فإن إصرار الجانب الفلسطيني على حدود العام ١٩٦٧ كأساس لمفاوضات الجلاء عن الأراضي المحتلة، هو مجرد تحصيل حاصل وليس شرطا مسبقا. والأراضي التي يطالب الفلسطينيون بالانسحاب منها هي أراض محتلة بمفهوم القانون الدولي، وليست أراضي متنازعا عليها كما تزعم إسرائيل انسجاما مع أطماعها الاحتلالية والاستيطانية.
والقدس مدينة تم احتلالها مع محيطها في الضفة الغربية عام ١٩٦٧، وبالتالي فإن القرارين الصادرين عن مجلس الأمن ينطبقان عليها بنفس القدر الذي ينطبقان فيه على امتدادها في الضفة الغربية، وليس هناك من سند للتعامل معها بطريقة مختلفة وفقا للادعاءات الإسرائيلية.
وفي الأساس، فإن الاستيطان مرفوض ومدان دوليا باعتباره العقبة الكبرى أمام السلام. ومن غير الممكن للفلسطينيين التعايش مع الاستيطان، أو ابتلاع وجوده بين ظهرانيهم شوكة في حلوقهم، وعائقا أمام التواصل والاتصال بين أراضي الدولة الفلسطينية العتيدة.
أما قضية اللاجئين وحقهم في العودة لديارهم أو التعويض لمن لا يريد ممارسة هذا الحق، فهو حق لا ينقضي بالتقادم، ولا يمكن لأي مسئول فلسطيني من أي مستوى كان التنازل عن هذا الحق، أو المساومة بخصوصه. ويكفي أن قبلت منظمة التحرير الفلسطينية وجود إسرائيل في حدود ١٩٦٧، أي على ٧٨ في المائة من أرض فلسطين التاريخية، وهذا القبول هو، بحد ذاته، أكثر التنازلات إيلاما في التاريخ الفلسطيني المعاصر. ولم يبق، والحالة هذه، ما يمكن للفلسطينيين التنازل عنه أو التفريط فيه. وهذه هي الحقيقة التي يتوجب على كافة الأطراف الدولية، دون استثناء الولايات المتحدة راعية المفاوضات الراهنة، إدراكها ووضعها في الاعتبار على الدوام.