الأيام: الإرهاب يعبر السويس.. غرباً!

في زاوية أطراف النهار، كتب حسن البطل مقالا بعنوان: الإرهاب يعبر السويس.. غرباً! جاء فيه: مريم، ابنة أخي، أخبرتني من القاهرة بما لم يفاجئني كثيراً. هي فلسطينية سورية لجأت إلى ديار مصر مع زوجها المهندس الفلسطيني السوري هرباً من الفوضى السورية الطاغية.

لم تحصل مريم على إقامة بعد، خلاف معظم اللاجئين السوريين. من الأسباب التي فاجأتها أن عامة الشعب المصري يجهل أن الفلسطينيين منتشرون خارج فلسطين (مناطق السلطة وإسرائيل).

مصر، المضيافة تاريخيا،أيام وسنوات الاضطراب والحروب الأهلية والفوضى في بلاد الشام خلال القرن التاسع عشر،الذين لجؤوا منها إلى مصر وزرعوا بذور الصحافة والمطبوعات فيها، لم تعد كذلك مع فوضى “الربيع العربي”، وخصوصا إزاء الفلسطينيين. لماذا؟

أخبرتني أمي، رحمها الله، أن عامة المصريين كانوا يعتبرون كل سكان شمالي قطاع غزة “شوام” أي سوريين، كما كان سكان دول أمريكا اللاتينية ينعتون كل المهاجرين من بلاد الشام على أنهم “أتراك”!

هذا سبب “تاريخي” يضاف إلى أسباب راهنة، فمصر المحروسة – المستقرة إبان الاضطراب الشامي في القرن التاسع عشر، أضحت من دول فوضى الربيع العربي، التي رفعت “الإخوان” إلى الحكم، عاماً ثم انتفضت عليهم.

لا يجهل المصريون أن “الإخوان” صعدوا إلى حكم غزة قبل الربيع العربي هذا، وأنهم يحكمون غزة حتى بعد أن خسر الإخوان – الحركة الأم الحكم في بلاد النيل. غزة هي صداع لمصر وإسرائيل والسلطة الفلسطينية لأسباب مختلفة. يعنينا الصداع المصري من غزة بعد طي صفحة حكم الرئيس الإخواني، حيث صارت سيناء، درع مصر، بطنها الأمني الرخو، ومنطقة مواجهة مسلحة بين الجيش المصري والحركات المسلحة الإرهابية.

سنرى في عملية التفجير “الانتحاري” في المنصورة علامة خطيرة على انتقال “الإرهاب” من شبه جزيرة سيناء إلى قلب مصر، لأن جماعة “أنصار بيت المقدس” تبنّت العملية… وكل ما له علاقة بهذه الجماعة يرتبط آلياً، في البال المصري، بفلسطين والفلسطينيين، أي بالعلاقة المفترضة بين إخوان غزة “حماس” بهذه الجماعة. “حماس” هي الإخوان، وهي غزة، وغزة هي الفلسطينيون؟!

حتى الآن، كانت المواجهات المسلحة بين النظام الجديد في مصر والمعارضة المسلحة تكاد تقتصر على مدن مصر.

الجديد هو عملية “انتحارية” أولى في مدينة مصرية، أي انتقال مثل هذه العمليات من العراق إلى سورية ولبنان، بعد أن انحسرت العمليات هذه التي رافقت الانتفاضة الثانية في إسرائيل، وصار هذا النمط من الإرهاب العشوائي منسوبا للفلسطينيين لدى الرأي العام العالمي.

الجماهير المصرية الغاضبة من التفجير “الانتحاري” في المنصورة صبت غضبها على الإخوان، الذين تبرؤوا من المسؤولية، وبما أن هناك علاقة فكرية بين إخوان غزة والحركة المصرية الأم، وصارت العلاقة سياسية خلال حكم الإخوان، فإن بعض رشاش الغضب سيتجه إلى غزة والفلسطينيين بعامة.. للأسف!

جاءت عملية المنصورة، بينما تتحدث إسرائيل عن تصاعد “الإرهاب” الفلسطيني “الشعبي” منه و”الفردي” من حيث المبادرة .. والآن، بعد المحاولة التفجيرية الفاشلة في حافلة بمدينة “بيت – يام” ستتحدث إسرائيل عن عودة “الإرهاب” الفصائلي، ما دامت حركتا “حماس” و”الجهاد” سارعتا إلى الإشادة بعملية هواة فاشلة، من غير المستبعد أن تكون من تدبير أجهزة الأمن الإسرائيلية؟!

عبور الإرهاب قناة السويس غرباً إلى مدن مصر سيؤجج الانقسام في الشارع المصري، وسيلقي بظلاله، سلباً وإيجاباً، على خطوات “خارطة الطريق” لعودة الاستقرار إلى بلاد النيل، وعلى الأغلب ستشتد المواجهات المسلحة في سيناء، وتتشدد مصر في حملتها لإغلاق الأنفاق. وعلى معبر رفح.

“داعش” و”النصرة” في العراق وسورية، وفي مصر هناك “أنصار بيت المقدس”، ويدفع الفلسطينيون وقضيتهم ثمناً جانبياً من فوضى الربيع العربي… كما من المفاوضات؟!