إذا كانت الدقة والالتزام التام بالمواعيد المحددة هو من السمات الدالة على الرقي والجدية والعمل المنظم، وذلك على أي مستوى من مستويات الأداء، وفي أي مكان أيضا، فإنه من المؤكد أن تفضل حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ــــ حفظه الله ورعاه ـــ، بإصدار المرسوم السلطاني السامي رقم «1/ 2014» بإصدار الموازنة العامة للدولة لعام 2014، والعمل بها مع أول أيام العام الجديد، هو مؤشر بالغ الدلالة، خاصة أن الالتزام بذلك هو التزام دائم ومتواصل، برغم ما هو معروف من أن وضع وإقرار الموازنة العامة للدولة، والخطوات التي تمر بها من مجلس الوزراء إلى مجلسي الدولة والشورى، إلى مجلس الوزراء مرة أخرى، تمهيدًا لرفعها إلى المقام السامي لإصدار المرسوم الخاص بها، هي خطوات عديدة ومتتابعة وتحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد والتنسيق على مستويات عديدة. وعلى ذلك فإن هذا الأمر يقدم في الواقع نموذجًا للنجاح في تخطيط وإنجاز مثل هذه الموازنة التي تعد بمثابة خريطة العمل والأداء على مستوى الدولة خلال عام 2014، وهو نموذج من المهم والضروري الاقتداء به في كل المجالات وعلى كافة المستويات أيضًا لأنه ببساطة بمثابة تطبيق للإدارة الناجحة، كما ينبغي.
وبينما يعقد معالي درويش بن إسماعيل البلوشي الوزير المسؤول عن الشؤون المالية مؤتمرًا صحفيًا اليوم من أجل الإعلان عن تفاصيل الموازنة العامة للدولة لهذا العام، فإنه يمكن القول إن حجم الإنفاق العام فيها، هو حجم إنفاق قياسي، إذ أنه يصل إلى 13 مليار و500 مليون ريال عماني (أي ما يعادل نحو 35.1 مليار دولار أمريكي) ويزيد حجم الإنفاق العام هذا العام بنسبة 5% تقريبًا عن ما كان عليه في موازنة عام 2013. وفي الوقت الذي تواصل فيه الحكومة العمل من أجل تنفيذ مجموعة من المشروعات الكبيرة، إنتاجية وخدمية، في الدقم وصحار وصلالة ومسقط والبريمي ونزوى وصور، وتوفير أفضل مستوى معيشة ممكن للمواطن العماني، بما في ذلك توحيد جدول الدرجات والرواتب للعاملين العمانيين المدنيين في الجهاز الإداري للدولة، فإنه من المؤكد أن مسؤولية التنفيذ وعمليات الإنتاج الفعلي تقع على عاتق العاملين في كل المواقع وكل المستويات، في الحكومة والقطاع الخاص، وكلما زاد الإنتاج وتطورت جودته ازدهر الاقتصاد وعادت الفائدة على المواطن. ومن ثم فإننا نحتاج إلى مزيد من العمل والعطاء والإنتاج، في كل المجالات ودون استثناء، حتى نضيف إلى ما حققته وتحققه مسيرة النهضة المباركة بقيادة جلالة السلطان المعظم – حفظه الله ورعاه -، وحتى نحافظ عليه أيضًا.
وبينما يحرص جلالة القائد المفدى على تهيئة أفضل مناخ ممكن لتحقيق مزيد من التقارب والتفهم المتبادل بين الأشقاء والأصدقاء، في المنطقة ومن حولها، من أجل تحقيق صالح كل دول وشعوب المنطقة، الآن وفي المستقبل، فإن الجهود الطيبة والمثمرة للسلطنة تحظى بالكثير من التقدير والامتنان والفهم الصحيح أيضًا، لدى الأشقاء والأصدقاء، الذين يثقون في أن السلطنة لم تكن أبدًا مهمومة بذاتها، ولكنها كانت دومًا معنية بأمن واستقرار محيطها وأشقائها وأصدقائها، والاتصالات والتحركات السياسية والدبلوماسية تقول الكثير.
ويعود الفضل في ذلك لحكمة جلالته وبعد نظره، ـــ أبقاه الله ـــ ذخرًا وسندا لعمان وللسلام والأمن والاستقرار في المنطقة وحولها أيضًا.