◄ دعوة الوزارة لاستثناء صغار المقاولين من بنوده
◄ التجارة المستترة تحدٍ كبيرٍ للمؤسسات الصغيرة
◄ الكوادر الوطنية لا تجد تشجيعًا للبقاء في القطاع
◄ المُطالبة بفرض غرامات على مشغلي العمالة السائبة
◄ 61.5% من سجلات الدرجتين الثالثة والرابعة لا يعمل بها عُمانيون
أثار إعلان وزارة القوى العاملة عن إيقاف معاملات أية منشأة خاصة لا يوجد بها قوى عاملة وطنية؛ اعتبارًا من مطلع مارس الجاري، ردود أفعال ساخطة، وضجة كبيرة بين أصحاب تلك المؤسسات وبعض الاقتصاديين الذين طالبوا الوزارة بإعادة النظر في تطبيقه؛ كونه في نهاية المطاف يتسبب في قطع أرزاق الناس، ويؤدي إلى إغلاق الكثير من المؤسسات الصغيرة على حد تعبيرهم.
الرؤية - سمية النبهانية
الإعلان جاء -كما تقول الوزارة- انطلاقاً من حرصها على تنظيم سوق العمل، وإيجاد فرص عمل للمواطنين بالقطاع الخاص.. مؤكدة أنها اعتبارًا من الأول من مارس لن تستقبل أي معاملة من أي منشأة في القطاع الخاص لا يوجد بها قوى عاملة وطنية.. مشيرة إلى أن تنفيذ هذا الإجراء سيكون حسب الدرجات؛ حيث سيبدأ التطبيق مع الشركات ذات الدرجات الممتازة والعالمية والاستشارية ابتداء من الأول من مارس.
كما سيتم تطبيق القرار على الشركات ذات الدرجة الأولى في الأول من أبريل، والثانية في الأول من مايو، بينما سيتم تطبيق القرار على الشركات ذات الدرجتين الثالثة والرابعة ابتداءً من الأول من يونيو.
وكان معالي عبدلله البكري وزير القوى العاملة، قد قال في مؤتمر صحفي سلط الضوء على جهود الوزارة في تنظيم سوق العمل، الأسبوع الماضي: لقد اتخذنا إجراءات لمحاولة تحديد الجاد من غير الجاد؛ فمن غير المُنصف أن نتعامل مع مواطن لديه سجل تجاري واحد وعدد محدود من العمال الوافدين، ونعامله بنفس المعاملة مع مواطن آخر يمتلك 20 سجلا تجاريا وعددًا كبيرًا من العمال وليس لهم مقر أو عنوان.
وقد تم الإعلان مؤخرا عن عدم استقبال معاملات من الشركات مختلفة الدرجات، والتي لا تحتوي على عمالة وطنية ليبدأ التطبيق من مارس إلى مايو؛ حيث سيتم تطبيقه في كل شهر على مجموعة من الشركات حسب الفئات وحين نتحدث عن الشركات الصغيرة والمتوسطة ذات الدرجات الثانية والثالثة والرابعة، فإن المستهدفين هم متعددو السجلات ممن لديهم أنشطة متعددة وعمالة مُسرَّحة.
أما المواطنون ممن لديهم سجلات وعمالة وطنية في حدها الأدنى وعمالة وافدة تحت إدارة رب العمل العماني، فإن مُختلف الجهات من ضمنها الوزارة داعمة لهذه المؤسسات. كما أن الوزارة تقوم حاليا بمراجعة بعض الإجراءات الأخيرة التي اتخذت مع بعض الجهات المختلفة بهدف تشجيع القوى العاملة الوطنية في حال رغبتها في التفرغ وإدارة أعمالها فلا يُمنع أن تكون له قوى عاملة وافدة في الحدود المسموح بها.
شركات جادة
وتابع معاليه قائلا: إن ارتفاع أعداد القوى العاملة الوافدة في المؤسسات ذات الدرجة الثالثة والرابعة يؤثر على أعمال الشركات الجادة من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ لذا فإن الإجراءات التي تصدرها الوزارة تهدف في نهاية الأمر إلى مساعدة الشركات الجادة ولأجل ذلك فإنه قبل أن يتم اتخاذ القرارات فهناك حزمة من الإجراءات اتخذت سابقا كنظام التقاعد واحتساب نسب التعمين في هذه الشركات، إلا أنه من الصعب التفريق بين الشركات الجادة وبين التجارة المستترة، فنحن نتعامل مع 100 ألف شركة في الدرجة الرابعة. وما تقوم به الوزارة الآن هو المحافظة على الشركات الصغيرة والمتوسطة الجادة وليس عرقلة لأعمالها، ونحن نعمل الآن مع الجهات المختصة لإيجاد التسهيلات لهم.
وردًّا على القرار، قال المقاول راشد المنجي صاحب مؤسسة صغيرة ومتوسطة: بالطبع أنا ضد هذا القرار، فأنا متفرغ لهذا العمل منذ 6 سنوات وأقوم بكل الأعمال سواءً كانت الإدارية أو ما يخص المقاوﻻت من نقل وشراء وغيرها، ولله الحمد لم تردنا أي ملاحظات من أي جهة حكومية؛ فبالنسبة لشركتي وبما أنني متفرغ لها فليس من الضروري أن أقوم بتوظيف مواطن عماني خاصة، وأنني لست بحاجة للوظائف الإدارية من سكرتير أو مندوب أو كاتب وغيرها.
ويرى المنجي أن للقرار آثارًا مُتعددة؛ حيث إنه ينعكس على المجتمع خصوصاً الشباب المقبلين على البناء من ناحية عدم توافر المقاول الوطني والذي يُكرِّس كل وقته وجهده لهذا النشاط.
كما أنه ونتيجة للقرار، فسيترك المقاولون أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة العمل في القطاع، بعد ضغوطات عديدة متمثلة في قرارات متعددة من وزارة القوى العاملة والتي تؤثر على القطاع. وسيؤدي القرار في السنوات القادمة إلى تقلص عدد العمال العمانيين مثلما يحصل حالياً بشركته للبحث عن وظيفة في القطاع الحكومي.. وأضاف بأنه يتمنى من القوى العاملة مراجعة قرارها قبل أن يتسبَّبوا في قطع أرزاق الناس وإغلاق الكثير من المؤسسات الصغيرة.
وأشار إلى أن القرار الذي يبدأ تطبيقه في مارس الجاري، وتم تعميمه على كافات الشركات المحلية والأجنبية بكافة درجاتها المسجلة من الدرجة الممتازة إلى شركات الناس "الغلابة" -قاصدا الدرجة الرابعة- لا يعرف من المستفيد منه.. وأضاف: لو قلنا على سبيل المثال هناك شركة أو مؤسسة محلية درجة رابعة يملكها مواطن؛ سواء كان باحثًا عن عمل أو موظفًا بسيطًا أينما كان يعمل ويحاول ويسعى لطلب رزقه وتحسين دخله في أي نشاط تجاري مناسب لظروفه المادية، ومن ثم تقوم القوى العاملة بإلزامه بتوظيف مواطن عماني وبراتب لا يقل عن 325 ريالًا، والتأمين عليه في التأمينات الاجتماعية ودفع الاستقطاع الشهري للتأمينات.. فهل يُعقل أن يقوم صاحب المنشأة الصغيرة بصرف ما يجنيه من مال لتوفير راتب وتأمين لباحث عن عمل.
ويرى المنجي أن قرارات الوزارة تتنافى مع الدعم المعنوي للشركات الصغيرة والمتوسطة.. مشيرا إلى أن هناك تخبطًا في القرارات من قبل وزارة القوى العاملة وخلط الحابل بالنابل مع إعطاء الشركات الكبيرة البطاقة الخضراء التي تسمح لها باستقدام أعداد هائلة من الأجانب بعد استيفائها لشروط الوزارة بنسبة التعمين، بينما تكون وظائف التعمين في هذه الشركات للسائقين والحراس وعمال النظافة والقليل من الوظائف المكتبية مع التهميش للتعمين في الوظائف العليا.
وبيَّن المنجي بأن العديد من القرارات والقوانين المستحدثة لا تصلهم في توقيتها بل تصل إليهم متأخرة، ويُشترط تطبيقها بشكل مباشر كقرار كشف حسابات العمالة الوافدة والذي تم إصداره العام الماضي لضمان التصدي للتجارة المستترة، ورغم أهميّة هذا القرار وما يحمله من جوانب إيجابيّة في حماية أصحاب العمل والعمال، إلا أنه وجب تطبيقه بشكل مباشر مما يتسبب في ضغط كبير على رجال الأعمال والبنوك على حد سواء؛ حيث إنّ آلاف العمال سابقًا كانوا يأخذون رواتبهم بشكل مباشر وليس عن طريق البنك.
وتابع بأنّ التجارة المستترة تعد من التحديات التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ حيث إن العمالة الوافدة أصحاب هذه التجارة يعرضون أسعارًا زهيدة مقارنة بما يعرضه التجار الحقيقيون بما يؤثر على جودة العمل من خلال استخدامهم لمواد بناء رخيصة وعدم القيام بالاستشارات المناسبة.. مضيفًا بأن عددًا كبيرًا من المواطنين يلجأون إليهم بفضل ما يعرضونه من أسعار أقل.
وزاد المنجي بأن بعض هذه الشركات أصبحت مطالبة بدفع ضرائب بينما نجدها حتى الآن لم تستطع معالجة التحديات التي تواجهها.. موضحا أن الكوادر الوطنية لا تجد أي تشجيع للبقاء والاستمرار في هذا القطاع.. وناشد المنجي وزارة القوى العاملة بأن تستثني نشاط المقاوﻻت من هذا الإعلان بالنسبة للشركات المتوسطة والصغيرة، والتي ﻻ يتعدى عدد عمالها الـ60 عاملًا حتى لا يلجأ جانب كبير من المقاولين إلى إحلال نشاط المقاولين المتفرغين لهذا العمل لتسجل أسمائهم في الباحثين عن عمل.. موضحا أن القرار من المفترض أن يطبق على الشركات الكبيرة، والتى بها وظائف عليا كما تبدأ خطط التعمين من الوظائف العليا وليس من وظيفة بنَّاء أو نجار.
واقترح بدائل أخرى للتصدي للتجارة المستترة والعمالة السائبة منها تعزيز دور فريق التفتيش المشترك ليكون دوره بشكل يومي وفي كل الأماكن والشوارع والأسواق وفرض غرامات مالية وعقوبة السجن على كل من يقوم بتشغيل العمالة السائبة، ويجب أن تكون الغرامه في حدود 5000 ريال، وأن يتم نشر هذه العقوبات في الصحف المحلية بشكل يومي على مدار أسبوع، إضافة إلى تقنين صلاحيات رب العمل.
وأوضحت الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن وزارة القوى العاملة، بأن القوى العاملة الوافدة التاركة لأعمالها خلال السنوات الثلاث الأخيرة (عدد تراكمي) بلغ 30.957 عاملاً وعاملة من العاملين بفئة الأعمال التجارية بالقطاع الخاص موزعين حتى نهاية 2013م حسب القطاعات الاقتصادية: في الإنشاءات 18.771 عاملاً.
وتراكمت ظاهرة "تعدد السجلات التجارية" التي تؤثر على توزيع وتنظيم القوى العاملة في سوق العمل بالقطاع الخاص وانعكاساتها على وضع سوق العمل وتوزيع القوى العاملة الوطنية والوافدة؛ حيث تم رصد مجموعة من الحالات لتعدد السجلات التجارية بلغ عددها 48.203 سجلات تجارية؛ حيث تبين أن أعداداً كبيرة من هذه المنشآت في قطاع الإنشاءات وما نسبته 61.5% بالدرجات الثالثة والرابعة، ونسبة كبيرة منها لا يعمل بها أية أعداد من القوى الوطنية؛ مما تنعكس آثاره بشكل غير إيجابي على الجهود المبذولة من أجل تنمية وتعزيز الدور المهم للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في مجالات التشغيل والتنمية وتوفير فرص العمل للقوى العاملة الوطنية.