علي بن خلفان الحبسي –
mudhabi@gmail.com –
العبث بالممتلكات والمرافق العامة مسلسل حلقاته لازالت متواصلة، فبالرغم من التوعية المستمرة التي تبذلها بلدية مسقط أو البلديات في مختلف ولايات السلطنة للحد من هذه الظواهر، إلا أنها للأسف هذه السلوكيات ما زالت موجودة وتأخذ منحنيات أخرى، ويتصدرهذه السلوكيات الكتابة على الجدران خاصة في الأماكن العامة، فتجد حكما وعبارات هنا وهناك، وعناوين شتى تذخر بها الجدران ودورات المياه وفي الأسواق والحدائق وغيرها، والبعض يتفنن بوضع إعلانات تجارية للإعلان عن بيع أرض أو غيره مشوها بذلك المنظر العام للمكان. التشويه أخذ منحنى آخر فتطور من الكتابة حتى وصل إلى درجة الحفر والنقش في الجدران، فطال هذا العبث بعض المعالم التاريخية والأثرية في السلطنة من أبراج وقلاع وحصون وغيرها من معالم بُذل فيها الغالي والرخيص من أجل عمارتها، وهي تعتبر نموذجا لتاريخ عريق موغل في القدم، وفي الأخير يأتي هؤلاء العابثون، وبكل سهولة وبدون أدنى مسؤولية أو ضمير لتنقش فيها ذكرياتها وأرقام هواتفها وقلوبها التي لا تحمل أدنى غيرة على مثل هذه المقدرات الوطنية، لأنه إذا بالإمكان إصلاح الجدران الحديثة فمن الصعوبة أن تعاد جدران أثرية ومبان لحالتها السابقة إذا ما تعرضت لمثل هذا التشويه الذي يعد تشويها للتاريخ وطمس هويته واعتداء سافرعليه.بعض الأيادي من عبثها وصلت لمرافق تاريخية في قمم الجبال، وكم تأملت تلك الخطوط العابثة والكتابات في أحد المواقع التاريخية في قمة برج على احد الطرق العامة مستغربا، ماهي الأهداف من ورائها لأن يقوم هذا العابث بتسلق هذا الجبل الشاهق، ويحمل في يده علبة صبغ ليكتب بها في هذا المعلم الأثري ذكريات فلان وعلان وغيرها! انه الجهل بالشيء بعينه، لذا لا بد للجميع من التكاتف من أجل التصدي لهذا العبث، لأنه ليس من المنطق أن تقف الجهات المختصة بعين الرقيب على كل معلم وكل جدار لتراقب عن كثب العبث في هذه المرافق، وإنما يأتي ذلك من خلال التوعية وردع العابثين في هذه المرافق إذا ما وقعوا في فخ هذه الممارسات والسلوكيات المرفوضة تماما من مجتمعنا، فهذا السلوك يعتبر صفة غير حميدة وينقل عن المجتمع صورة غير حضارية، فالراغبون في الرسم والكتابة توجد هناك عشرات الدفاتر والمذكرات من خلالها يمكن التعبير عن شعورهم من خلالها، ويجب أن لا تكون هذه الجدران والمرافق ضحية لهم، ونأمل أن لا تكون هذه المرافق دفاتر للمجانين مستقبلا.
العبث عموما لم يقتصر على الكتابة بل شمل التكسير والتخريب للكثير من المرافق الخدمية في السلطنة، فالكثير من هذه المرافق خاصة الموجودة في الأماكن العامة تئن من وطأة من أصابها من دمار، والله يكون في عون أصحاب الجدران.