داليا علي –
juststart72@yahoo.com –
الغربة لا تعني أقطارا أخرى، الغربة أن تتغير مبادئك من أجلهم، وتخجل أن تصارحهم بعيوبهم وتتكلم بلسان حالهم ليرضوا عنك.
الغربة أن تتقمصهم وتحاول كل يوم أن تتجنب مواجهة مرآة ذاتك كل صباح، كي لا تلقي عليك روحك تحية الصباح وهي آسفة عليك.
الغربة أن تتقبل هزائمك في ساحة معاركهم وتكمل بصحبتهم الحياة كعبد قبل بشروط سيده لمجرد أنك لا تعرف قيمة نفسك.الغربة أن تتجرع الذل كل يوم قانعاً بأنك لا تستحق سوى تلك الحياة بدونيتها، وأنك مهما بذلت من مساع لن تستحق أفضل من تلك الهزيمة النفسية.
الغربة ألا تكتفي بخسارتك لأحلامك ولأحقيتك في الأفضل، وتضطر لأن تؤثر بيأسك على من حولك، فتحملهم معك في رحلة الخسائر والإحباط. الغربة أن تقبل بدونية العيش، ولا ترى من اليوم سوى نصفة المظلم لأنك تخشى مواجهة نور الشمس، وتتجنب رؤية من سبقوك في درب كنت يوماً أحد العابرين عليه ولكنك لم تقوَ على اللحاق بهم، فتحيا ما تبقى لك من عمر مختبئ في خجلك.الغربة أن تخسر نفسك وتقبع روحك بين قضبان النهاية مع أول عائق تواجهه، بينما هناك من بدأوا بنفس ضغوطك لكنهم آمنوا أن الصعاب التي استسلمتَ لها ما هي سوى معاناة الناجحين قبل الوصول إلى القمة.
الغربة هي أن ننهي نحن بأيدينا سلسة نجاحاتنا قبل أن تبدأ ونعلن انسحابنا من الحياة دون أدنى محاولة تذكر لمجرد أننا لم نتحمل سخرية البعض أو نظرات الشامتين، أو نشعر ببعض الخوف الوهمي الذي تركناه حتى أكلنا. الغربة هي أن نظن أننا على صواب وأن الآخرين هم المخطئون، بينما يرانا الآخرون مجموعة من العقد النفسية التي يصعب الفكاك منها. الغربة هي أن نظل نهرب من مواجهة الحقائق لمجرد أنها مؤلمة ظناً منا أن الهروب سيعفينا من مواجهتها في نهاية الطريق لكنها أول ما نصطدم به في نهاية الممر.
لا تغتربوا عن أنفسكم وأزيلوا ستائر اليأس فالشمس مشتاقة للنفاذ داخل صدوركم بعد طول غياب، لن تخسروا الكثير لو سمحتم لشعاعها بالعبور، فهو يعرف طريقه اليكم، فقط أزيحوا الستائر.