الوجبات السريعة ..لذة قاتلة !

جاذبية الإعلانات وضيق الوقت يؤديان إليها –

كتبت: خلود زيد الكمزارية –

اختلفت الحياة المعيشية داخل الأسرة، فلم يعد طهي المنزل مغريا للكثير من الشباب والفتيات، ومهما تنوع الطعام بكل ما لذ وطاب يبقى للوجبات السريعة نكهة أخرى بالنسبة لهم، بل أصبح من النادر أن ترى منزلا لا تقف عنده سيارة توصيل الوجبات السريعة في ساعات متأخرة من الليل؛ مما جعل بعضنا يقول: نحن نكتسب عادات سيئة كثيرة، وأمراضاً مختلفة، بسبب تلك الوجبات التي ضررها أكبر من نفعها، وغالبا ما تتصف بجودة أقل وهي مشبعة بالدهون والزيوت. فما الذي أدى إلى هذا التغيير ؟ وكيف ينظر إليها كبار السن والشباب؟ وما مبررات انتشارها في البيوت ؟ أسئلة كثيرة حول هذا الموضوع حاولنا الإجابة عليها خلال السطور التالية:

في البداية يقول “ أسامة الكمزاري “: لا يمر يوم واحد دون أن يطلب من المطعم، فهو يحب الوجبات السريعة رغم علمه بخطورتها على صحته، ولكنه يفضل وجبات المطاعم لأنه يجد فيها مذاقا مختلفا ومميزا عن الوجبات المنزلية.أما “حصة أحمد” فتعتبر المطعم هو المنزل الذي تلجأ إليه حينما تشعر بالجوع ، فهي تطلب الوجبات السريعة يوميا ومن مختلف المطاعم وفي فترات مختلفة خاصة في فترة المساء وتقول: إن السبب الرئيسي يعود إلى الكسل!

وتكشف “علياء الشحية” وهي معلمة لغة انجليزية وأم لطفلتين انها تتناول الوجبات السريعة من المطاعم مرة في الشهر تقريبا وتفضل الأكلات البحرية ومطاعم البيتزا وتقول: لا ضير من أكل المطاعم لما فيه من طعم مميز، ولكنها تحرص على عدم تعويد أطفالها على الوجبات السريعة إلا في حالات معينة لكسر الروتين.

ظروف عملية

وتشير “علياء الشحية” إلى أن ظروف العمل قد تكون السبب في الاقبال الزائد على المطاعم فهي تطلب وجبة سريعة من المطعم عندما تكون منشغلة بالعمل.

أما “ محمد سليمان “ فإنه يطلب بشكل اسبوعي من مطاعم السندويتشات والفطائر والحلويات وخاصة في العشاء وغالبا ما يكون ذلك حينما يكون خارج المنزل، بسبب العمل والسبب في ذلك يعود الى طبيعة العمل وسرعة الحصول على الوجبات من المطاعم دون اي جهد ؛ ولأنه في فترة العمل يكون منغمسا في عمله وبالتالي تصبح الوجبات السريعة هي الحل الأنسب له.

ويضيف قائلا: “ لا يقارن تناولي للوجبات السريعة بتناول أبنائي لها أبدا ، فهم يفضلون أكل المطاعم على الطعام المنزلي ، رغم انزعاجي من الطلب الزائد من المطاعم إلا أن الأمر أصبح عاديا يوما بعد يوم”.

ضيق الوقت

وتعتبر “ عذاري إبراهيم” ان ضيق الوقت الذي تمر به الاسرة غالبا من أهم أسباب اللجوء إلى الأطعمة السريعة، فهي أسرع ما يمكن أن تسد الجوع، إلى جانب نكهتها اللذيذة ورائحتها المميزة، التي تجبر الجائع على تناولها .

وتضيف: “ حينما كنت طالبة ادرس في الجامعة كنت ألجأ الى تناول وجبات المطاعم حينما أكون تحت ضغط دراسي وليس لدي الوقت الكافي لطهي الطعام بنفسي.

قريبا من هذا الكلام تقول “عائشة الجزمية” : إن ضيق الوقت هو الذي يضطر طلبة الجامعات لطلب وجبات سريعة من المطاعم .

وتلاحظ أن فئة الشباب هم اكثر الفئات اقبالا على تناول هذه الوجبات السريعة وخاصة طلاب الجامعات والكليات بسبب الضغط الدراسي ، كذلك بالنسبة للموظفين فضغط العمل المستمر احد العوامل الرئيسية للعزوف عن تناول طعام المنزل.

وتذكر “اسماء ابراهيم” أنه لا يمر يوم واحد دون أن تكون سيارة المطعم أمام منزلهم رغم انزعاج والديها بسبب الطلب الزائد من المطاعم.

وترى أن طلاب الجامعات والمغتربين هم اكثر الفئات اقبالا على المطاعم علما بأن اسماء طالبة جامعية وترى في طلب وجبات المطاعم الحل لعدم وجود الوقت الكافي لصنع الطعام وبسبب عدم توفر الادوات اللازمة للطهي في الجامعات ؛ مما يدفع بعض الطالبات لطلب الطعام من المطاعم. كما تضيف أنها تفضل تقديم وجبات المطاعم للضيوف أكثر من تقديم الطعام المنزلي لهم لأنه اسهل وأسرع.


“برستيج” الجيل الجديد

واعتبرت سوسن العريمية أن الوجبات السريعة دخلت ضمن نطاق “برستيج” الجيل الجديد .

وتقول:” خير دليل على ذلك هو الانستجرام ، حيث يلتقط الواحد منا صورة لطعامه ويضعه في حسابه منتظرا اللايكات ، كما ان المطاعم العالمية اصبح لديها مصمم طعام يقوم بتصميم الوجبة البسيطة كالبرجر مثلا لمدة لا تتعدى الساعة لأجل الجذب ليس إلا.

ويقول “ علي الكمزاري”: “ أصور وجبتي قبل أن أبدأ في الأكل ، فالتصوير هو هوايتي وخاصة تلك المأكولات اللذيذة التي تقدمها المطاعم ؛ إذ تتنافس الشركات في تقديم الوجبة الأكثر جاذبية وأرى أن معظم الشباب قد اتجهوا نحو هذا الجانب إذ لا تخلو مواقع التواصل الاجتماعي من هذه الصور التي تعتبر نوع من الترويج لتناول هذه الوجبات ولكن دون التفكير في الجانب السلبي لها”.

واعتبرت “شيخة المعمرية” خريجة خدمة اجتماعية أن هناك العديد من الأسباب التي تجعل الإقبال على المطاعم كثيفا من جميع الفئات وتتمثل هذه الأسباب في المنكهات الغذائية والاشكال الجميلة التي تتخذها الوجبات السريعة وهي تجتذب الناس بكثرة والتي تلعب وسائل الدعاية والاعلان دورا في الترويج لها، كما تتمثل الأسباب في سرعة الحياة والتطورات الاجتماعية ، حيث إن لوسائل التواصل الاجتماعي الدور الكبير في زيادة الاقبال على المطاعم من اجل المظاهر الاجتماعية والتقاط الصور وارسالها عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

وترى شيخة أنه من المهم في تربية الأبناء أن نعودهم على ثقافة الغذاء المنزلي من الصغر، وعدم تعويدهم على الوجبات السريعة مؤكدة أن الطلب الزائد على هذه المطاعم سيسبب زيادة في نسبة الامراض بسبب احتواء مأكولاتها على الدهون الملونات الغذائية والمواد الحافظة بشكل كبير وهي تعرض الجسم للإصابة بأمراض مزمنة كالسكري والسمنة والسرطان.

سعرات حرارية

وتشرح “وسام جمال علي” أخصائية تغذية سلبيات الوجباب السريعة فتقول: “الوجبات السريعة تحتوي على سعرات حرارية عالية جدا ودهون مشبعة يصعب حرقها لذلك فإن أكل المنزل أكثر أمانا ونظافة.

لكنها ترى أن الإقبال على المطاعم يأتي من ضيق الوقت والانشغال بالعمل أو المذاكرة وهنا يكون الطلب من المطاعم أسهل. كما أنه في المطاعم يتم الاهتمام بتزيين الأكل وتقديمه بشكل جذاب وبالتالي جذب الناس إليه، أما البيت فالتزيين يكون فقط في المناسبات”.

عادات مندثرة

وتشير”مروى العريمية” خريجة خدمة اجتماعية الى أن ثقافة المجتمع اختلفت من خلال زيادة الاقبال على طلب الوجبات السريعة بعد ان كانت الوجبات الرئيسية تؤكل في المنزل. وترى ان اسباب ذلك قد يعود الى رداءة الطبخ في المنزل أو حبا في التغيير وربما لانشغال ربة المنزل بأعمال اخرى وقد يكون افراد المنزل لا يعرفون الطبخ اساسا لاعتمادهم على الخادمات بالدرجة الاولى، كذلك فإن لوسائل الاعلام دور فعال من خلال الاعلانات المغرية التي تركز على جودة الطعام بعكس الواقع ولذلك على الاسرة ان توضح لأبنائها خطورة تناول الوجبات السريعة ، التي تؤدي الى ارتفاع نسبة الدهون في الكبد والكوليسترول والاصابة بالتسمم بسبب قلة النظافة والطرق الوقائية اثناء الطبخ.

ويقول “عبدالله علي” : نفتقد تلك الأيام التي كنا نجتمع فيها على مائدة واحدة، ونتناول الوجبات المنزلية التي كانت تصنعها الأم ، فالوجبات السريعة لا تليق بنا وانما هي للغرب وصنعت لهم ولعاداتهم ، ونحن لم نجن منها سوى الكسل وانتشار الامراض ، ولا زلت أذكر أنني اجريت عملية لاستئصال المرارة بسبب كثرة تناولي لهذه الوجبات التي كنت أتلذذ بمظهرها قبل طعمها ، ولكنني علمت بمخاطرها بعد فوات الآوان!

شبكات التواصل الاجتماعي

وتقول “سعيدة المقبالية” من قسم العلوم والغذاء:” نلاحظ في الآونة الاخيرة كثرة استخدام برامج التواصل الاجتماعي لمشاركة الاصدقاء وخاصة الانستجرام ، والكثير من المستخدمين يرتادون المطاعم فقط بهدف التقاط الصور والمشاركة بها في هذا البرنامج ، حتى في بعض الاحيان لا يستمتع الشخص بهذه الوجبات ويمكن ان يكون غير مضطر لارتياد هذه المطاعم ، فقط من اجل البرستيج والظهور بمستوى لائق مع الاصدقاء.

وتضيف المقبالية : إن الوجبات السريعة تحتوي على كميات كبيرة من الدهون وتراكم هذه الدهون يؤدي الى زيادة الوزن وتعمل على تصلب الشرايين وامراض القلب وتؤدي الى السرطان ، حيث انها لا تحتوي على الالياف والمعادن التي يحتاجها الجسم وتؤدي الى الاصابة بالأنيميا (فقر الدم) وتؤثر على الجينات المسؤولة عن السمنة التي تؤدي الى الوفاة ، اذا ان الشخص الذي يتعامل مع الاغذية في المطاعم والمقاهي غالبا لم يتلق اي دروس عن النظافة الشخصية وكيفية التعامل مع الاغذية ، لاسيما انه يتم تحضير كميات كبيرة وهذا يجعل الغذاء اكثر قابلية للتعرض لمسببات فساد الغذاء وبالتالي حدوث تسمم غذائي.

وفي هذا السياق يقول زيد الكمزاري : قد اضطر الى طلب وجبة من المطعم لأنني لا أجيد الطبخ بشكل جيد ، وقد أصبحت وجبات المطاعم نوع من البرستيج فعلا ؛ لأن المطاعم العالمية المعروفة توفر هذه الوجبات ومن يداوم على زيارة هذه المطاعم لا يجد خيارات أخرى ، كما أن هناك تنافسا في تقديم عروض ترويجية للمستهلكين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهو ما يؤثر على حجم الاقبال على تلك المطاعم.


خبراء التغذية: قللوا من الوجبات السريعة

ينصح خبراء التغذية بالتوقف عن تناول الوجبات السريعة، نظرا للأضرار الناتجة عنها والتي تتمثل في “السمنة”، حيث أظهرت الدراسات ارتباط زيادة الوزن بشكل وثيق مع تناول الوجبات السريعة، بالإضافة إلى احتمال الإصابة بالنمط الثاني من مرض السكري نتيجة تراكم الدهون في الجسم وزيادة مقاومة الأنسولين في الدم، إلى جانب إدمان الوجبات السريعة،

إذ إن تناول الوجبات السريعة يتسبب في إدمانها؛ مما يحرم متناوليها من الحصول على الأطعمة الصحية واكتساب العناصر الغذائية الأساسية التي تحتاجها أجسامهم، كما أنها تؤثر على الأطفال، حيث تضاعفت أعداد الأطفال والمراهقين المصابين بالسمنة في الأعوام الماضية، ويعود ذلك إلى تناول الوجبات السريعة بشكل يومي، ويؤدي ذلك إلى حدوث ضعف في نمو الأطفال بسبب افتقارهم إلى العناصر الغذائية التي يحتاجونها في سنهم. وتحتوي الوجبات السريعة على نسب عالية من المواد والأصبغة الكيماوية الضارة التي يمكن أن تتسبب بالإصابة بالسرطان على المدى الطويل، لذلك ينصح بالإقلاع عنها واستبدالها بأطعمة صحية طازجة معروفة المصدر، كما أن معظم قطع الدجاج التي تقدم في مطاعم الوجبات السريعة تحتوي على مواد حافظة كيماوية تسمى (تي بي إتش كيو)، يمكن أن تسبب التقيؤ والغثيان وحتى الموت في بعض الأحيان.

وتحتوي الوجبات السريعة على نسب عالية من السعرات الحرارية والدهون التي تسبب زيادة الوزن والسمنة، كما أن تناول الوجبات السريعة درج أن يكون معه شيء من الحلويات والمشروبات الغازية، التي يستخدم فيها “الفركتوز” لتحلية معظمها، ويساعد ذلك في اكتساب المزيد من الوزن، وتعد أسعار الوجبات السريعة مرتفعة، إذا تمت مقارنتها بالأطعمة المطهوة في المنزل؛ لذلك يفضل الابتعاد عنها للأشخاص الراغبين بالتوفير والحصول على طعام شهي وصحي بنفس الوقت.

ضررها أكثر من نفعها

تحتوي الوجبات السريعة على كميات كبيرة من الدهون والسكريات والبروتينات، فعندما يأكلها الشخص تتراكم في جسده؛ ما يؤدي إلى زيادة هائلة في وزنه وحجمه، وتؤثر الوجبات السريعة على الجينات المسؤولة عن السمنة عند الأفراد، وهذه السمنة بدورها تؤدي أحيانا إلى وفاة المصابين بها، وفي الغالب تكون جامدة ومتصلبة؛ لذا هي تعمل على تصلب الشرايين وأمراض القلب وتصيب الأفراد بأمراض السرطان، كما تصيبهم بمرض السكري، خصوصا عند تناول الوجبات مع المشروبات الغازية.

ولا تحتوي الوجبات السريعة على الألياف والمعادن المهمة التي يحتاجها جسم الإنسان، حيث تؤدي إلى إصابة الأفراد بالأنيميا، وارتفاع نسبة الكولسترول، كذلك أمراض العمود الفقري، وتصيب الأطفال بالربو؛ نتيجة خلوها من الخضروات والفيتامينات والألياف، حيث إنها ضرورية لانتظام المعدة والأمعاء في تأدية وظائفهما، وفي كثير من الأحيان عند تناول الفرد للوجبات السريعة يتعرض للتسمم الغذائي؛ نتيجة عدم نظافة المأكولات وعدم اتباع الأسس والمعايير الغذائية الصحيحة في الحفظ والتخزين والإنتاج، فنسبة التسمم عالية جدا بين متناولي الوجبات السريعة، وحالات الشفاء منه نادرة جدا فغالبا ما يؤدي إلى الوفاة نتيجة عدم منحهم العناية الطبية اللازمة.

ومن أضرار المأكولات السريعة إصابة الشخص بعسر الهضم وأمراض في الأمعاء والمعدة؛ نتيجة أكله للطعام بسرعة، وتقرحات عديدة والتهابات حادة في المعدة، وتهيج الأغشية الداخلية للجهاز الهضمي، بسبب وجود مواد حارة في المكونات المستخدمة لتحضير هذه المأكولات وبكميات كبيرة، إلى جانب الأضرار الاجتماعية، نتيجة عدم جلوس الأهل والأسرة سويا على مائدة واحدة، والأضرار الاقتصادية، فبعض الأسر أصبحت لا تتناول إلا الوجبات السريعة؛ مما أدى إلى تخصيص نفقات مالية لهذه الوجبات.

وللوجبات السريعة تأثير كبير على كيمياء المخ عند الأطفال؛ مما يسلب الأطفال إرادتهم وحريتهم، وتصيب الأطفال بخمول العقل، وضعف قدرة العقل على الاستيعاب وكسل الجسم، وإصابة جسمه بضعف وترهلات، فتصبح الوجبات السريعة لديهم كالعادة يدمنون عليها، تصيب الأفراد، كما أن الإكثار من تناول الوجبات السريعة من قبل النساء الحوامل يؤدي إلى ولادتهن أطفال معاقين؛ لأنها خالية من حمض الفوليك.