كل أم وأب يأملان في أن يكون طفلهما لامعاً وبارعاً في كل شيء يحاول القيام به، لكن كم منا يعرف أن الإبداع هو أساس البراعة والتميز؟
عندما نفكر في الإبداع، عادةً ما يطرأ إلى أذهاننا أشياء معينة مثل الرسم، الموسيقى، الكتابة، التمثيل، وغير ذلك من الأعمال الفنية، وهذه كلها أشياء تعبّر بالفعل عن الإبداع. لكن روح الإبداع تكمن في قدرة الإنسان على إيجاد حل مبتكر لمشكلة ما، أي أن يبتكر شيئاً من أشياء قد تبدو غير ذات قيمة من وجهة نظر الآخرين. وكما أن الفنانين والكتاب الكبار مبدعون، فالمهندس اللامع والطبيب المبتكر هما أيضاً مبدعان. حتى لو لم ترغبي في أن يتجه طفلك للتمثيل أو الرسم على سبيل المثال، إلا أن تشجيعه على الإبداع والابتكار حتى في أبسط الألعاب يعود بفائدة كبيرة عليه.
الأطفال الصغار
قد لا يظن البعض أن الطفل الصغير يمكن أن يكون مبدعاً، لكن الطفل يُكَوّن انطباعه عن العالم من حوله من خلال اللعب.
لتحفيز الدوافع الإبداعية لدى طفلك، اتركيه يلعب دون تدخل زائد منك. قد تنظرين إلى كتاب طفلك على أنه للقراءة فقط، لكن لن يضر إذا تركتيه يرص مكعباته عليه إذا أراد هو ذلك. ليس من الخطأ أن نوضح للطفل كيف يستخدم لعبة معينة، لكن إذا أراد هو أن يستخدمها بشكل مختلف، اتركيه يفعل! التدخل الزائد في طريقة لعب الطفل يجعله يعتمد عليك ويدفعه إلى التفكير التقليدي. لا تصري على أن هناك (طريقة صحيحة معينة) للعب.
كوني حريصة عند اختيار لعب طفلك. أغلب اللعب التي تعمل بالبطاريات تكون للمشاهدة فقط وليست للعب. لا بأس من شراء واحدة من تلك اللعب من آن لآخر، لكن الطفل يتعلم أكثر إذا اشترك بنفسه في اللعب عما لو قام بدور المشاهد فقط. عادةً أبسط اللعب هي التي تحقق أكبر إثارة للطفل. فمجموعة من المكعبات البسيطة يمكن أن يستخدمها الطفل في بناء بيت، حظيرة حيوانات، أهرامات، وآلاف الأشكال الأخرى.
شجعي طفلك على اكتشاف عالمه. الطفل الذي لا يتدحرج على الأرض قد يكون أكثر نظافة لكنه طفل أسير – أعط لطفلك الفرصة لاكتشاف العالم من حوله. احرصي على التأكد من أمان طفلك أثناء قيامه باستكشافاته، ولا تحاولي التدخل طالما هو في أمان.
الأطفال في سن ما قبل المدرسة
القراءة لطفلك هي أفضل ما يمكنك عمله من أجله. عندما تفتحين أمامه عالم الكتب، أنت بذلك تغذين خياله. عندما يمسك طفلك بالكتاب ليروي هو القصة بطريقته، اتركيه يفعل ذلك واستمعي له. حتى لو فضل طفلك مشاهدة الصور ورفض الاستماع للقصة، فعقله لا يزال يعمل ويتفتح. أما التلفزيون فللأسف له تأثير عكسي. رغم صعوبة التحكم في مشاهدة الطفل للتلفزيون في ظل وجود القنوات الفضائية العديدة، إلا أن الحد من مشاهدة الطفل للتلفزيون أمر ضروري كما أنه من المهم أيضاً مساعدة الطفل على اختيار البرامج التي يشاهدها – احرصي على أن تكون بعض هذه البرامج على الأقل برامج تعليمية مثل البرامج الخاصة بالحياة البرية أو العلوم. عندما يشاهد الطفل أفلام الكرتون يكون كالمنوم مغناطيسياً، وبغلق التلفزيون أنت تخرجيه من هذه الحالة وتجعليه يجد طريقة أخرى لتسلية نفسه. أحياناً بدلاً من مشاهدة طفلك لأفلام (توم) و(جيري) يمكنك تشجيعه على تقليد القط (توم) على سبيل المثال وهو يطارد الفأر (جيري).
إن تشجيع الطفل على الإبداع يتطلب جهدا وعملا من جانب والديه. رغم أنه من الأسهل أن يُترك الطفل لمشاهدة التلفزيون أو اللعب بألعاب الحاسوب عن الجلوس معه للتلوين أو قراءة قصة، إلا أنك يجب أن تحرصي على تحديد بعض الوقت كل يوم للقيام بشيء مع طفلك يساعد على تشغيل ذهنه وتحفيز خياله.
الاستماع إلى الطفل شيء مهم أيضاً. رغم انشغال ذهنك بالعديد من الأمور، إلا أن سعادة طفلك عندما يكتشف قدرته على تأليف قصص مثل القصص التي تقرئينها معه لا تقدر بثمن. إحدى الطرق لتشجيع طفلك على تأليف قصص وإظهار تقديرك لذلك هي أن تقومي بكتابتها له. يمكنك استخدام كراسة أو نوتة عادية وتطلبي من طفلك أن يمليها عليك. بعض الأطفال يحبون إضافة بعض الرسومات لقصصهم.
طفل المدرسة
عندما يبدأ الطفل في الذهاب للمدرسة، سيقوم بممارسة جوانب فنية في المدرسة، وبالطبع لن يبرع كل الأطفال فيها، لكن لا يعني هذا أنهم غير مبدعين. إذا كان طفلك يكره الرسم أو موضوعات التعبير، حاولي تشجيعه على تطوير مهاراته الإبداعية الأخرى.
كثيراً ما نكتشف أن التعليم والإبداع شيئان مختلفان تماماً، لكن حتى لو كانت مَدرسة طفلك تتبع نظاماً تقليدياً جامداً في التعليم، يمكنك مساعدة طفلك على التخيل وفتح آفاق جديدة لديه عندما يقوم بعمل واجباته المدرسية. إذا كان طفلك يقوم بحفظ تواريخ وأماكن الأحداث التاريخية على سبيل المثال، قومي من وقت لآخر بسؤاله بعض الأسئلة المختلفة. على سبيل المثال، لو لم يفتح عمرو بن العاص مصر، ماذا تظن كان حال مصر الآن؟ هذه النوعية من الأسئلة التي تحفز خيال طفلك يمكن أن تحببه في التعليم وفي الوقت نفسه ستعلمه تقدير قيمة المعلومات. يمكن اتباع الطريقة نفسها عند مذاكرة العلوم والكثير من المواد الأخرى. الأطفال الذين يَدرِسون المصادر المختلفة للطاقة على سبيل المثال يمكن أن يتخيلوا العالم بدون مصادر الطاقة المعتادة وما قد ينتج عن ذلك من آثار.
عندما يُطلب من طفلك كتابة موضوع تعبير، لا تظهري له أنه شيء مزعج. تعاملي مع الموضوع على أنه فرصة لطفلك لكي يعبّر عن أفكاره. وأياً كانت الظروف، لا تكتبي الموضوع بدلاً من طفلك! يمكنك التفكير معه في عناصر الموضوع، لكن لا تقومي بكتابة الموضوع بدلاً منه.
في البيت، يمكنك إشراك طفلك في بعض الأمور، فحتى إشراكه في بعض الأمور البسيطة يحفز قدراته الإبداعية، كمحاولة إيجاد حلول لترتيب اللعب بطريقة مختلفة على سبيل المثال – أوجدي فيه روح التحدي بأن تطلبي منه أن يجد طريقة أفضل لعمل شيء معين، لكن اطلبي منه أشياء في حدود إمكانياته حتى لا يشعر بالعجز. لا تطلبي منه ترتيب كل الغرفة لكن يمكنك أن تطلبي منه إيجاد طريقة أفضل لترتيب الكتب على الرف على سبيل المثال.
الطهي أيضاً قد يكون طريقة لتحفيز إبداع طفلك. الأطفال يعشقون عمل أشياء في المطبخ ومن الأشياء الممتعة التي يمكنك القيام بها مع أطفالك هي عمل كتاب طهي يحتوي على إبداعات أطفالك في المطبخ – واستكملي الوصفات بإضافة التوجيهات والمعايير اللازمة.
أوجدي لطفلك فرصاً للإبداع
اختاري الأنشطة البسيطة، واجعلي الأدوات المناسبة في متناول الطفل.
من 3 إلى 5 سنوات:
• الملابس التنكرية، القبعات، الكرفتات، الكوفيات.
• أدوات الرسم بما في ذلك المقصات الخاصة بالأطفال، ألوان الشمع، الألوان الرصاص، وقصاصات ورق. بعض الأشياء الموجودة في البيت قد تكون مفيدة أيضاً مثل اللفائف الكرتون الخاصة بورق المطبخ، العلب الكرتون، قصاقيص القماش، علب الحلاوة البلاستيك الفارغة… إلى غير ذلك من الأشياء الآمنة.
• الصلصال وأدوات بلاستيك لتشكيل وتقطيع الصلصال (غالباً ستحتاجين لتجهيز مكان خاص للعب بالصلصال للحفاظ على نظافة البيت).
أما للأطفال الأكبر سناً:
• كراسة خاصة يكتب فيها الطفل أفكاره.
• أدوات فنية بما في ذلك ألوان، مجلات قديمة يمكن الاستعانة بها، صمغ وورق.
• الأدوات والعناصر الخاصة بهوايات الطفل أو الطفلة (قد تكون الهواية هي الأشغال الخشبية، الكروشيه، جمع طوابع، أو أي هواية أخرى).
أظهري لطفلك تقديرك لإبداعاته
كوني فخورة بأي شيء يبدعه طفلك. يمكنك تشجيع طفلك على عمل إطارات من الكرتون لأعماله الفنية لتعليقها على الحائط أو يمكنك اختيار بعض أعماله ووضعها على الثلاجة.
لا تستهيني بمحاولات طفلك لفهم الأشياء – إذا قام طفلك بفَك لعبة لكي يعرف كيف تعمل ولم يستطع إعادة تركيبها مرة أخرى، قد يكون بذلك قد أفسد اللعبة لكن قد تكون هذه خطوة بداية لطريقه إلى كلية الهندسة!