الحياة الجديدة : رسائل مصرية بالغة الأهمية

في زاوية أقلام كتب يحيى رباح، مقالا بعنوان: رسائل مصرية بالغة الأهمية جاء فيها: الشقيقة مصر تتقدم بخطى واثقة وقوية على طريق المستقبل رغم كل الصعوبات، ورغم غرف العمليات السوداء المفتوحة ضدها في الداخل والخارج على حد سواء، وهذا التقدم الذي تحرزه الشقيقة مصر يتجسد في احتشادها جيشاً وأجهزة أمنية ونسيجا وطنيا واجتماعيا من خلال محاربة الإرهاب الدولي في سيناء الذي امتدت بعض خلاياها إلى القاهرة نفسها والدلتا والصعيد والحدود الغربية، ولكن مصر الدولة العميقة والكبيرة استنفرت خبراتها وهي خبرات لا يستطيع نكرانها احد لا من الدول الكبرى ولا من الدول الصغرى، واستنفرت رسوخ نسيجها الوطني ووجدانها الذي صنعته عبقرية المكان منذ آلاف السنين! واذكر من خلال متابعاتي مما يقال عن الملف المصري قبل وبعد اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، إن المختبرات المعادية التي كانت تشرح الوضع المصري كانت تؤكد على وحدة الدولة المصرية ووحدة الوطن المصري، وان مصر لا يستقيم معها سوى أن تكون دولة موحدة.

أما على المستوى الداخلي، فاعتقد أن الإخوان المسلمين وتفريعاتهم وتحالفاتهم قصيرة المدى مع بعض الشرائح الأخرى، قد تورطت إلى حد عدم القدرة على التراجع، وكشفت نفسها إلى حد عدم القدرة على التستر من جديد، وفقدت ذلك الهامش التاريخي الذي يتيح لها الاستمرار في الحياة والمتمثل بعقد الصفقات مع بعض الأنظمة السابقة، بحيث كنا نرى العجب العجاب، جماعة محظورة بالقانون ولكنها مباحة بالسياسة، تدعي المظلومية بينما هي جزء عضوي من النظام الذي تشتكي منه، إلى أن جاءت ثورة الثلاثين من يوليو 2013 ففقدت هذا الهامش ولم تعد قادرة على التستر والحياة.

في الأيام الأخيرة وجهت الشقيقة مصر رسالتين إلى كل من يهمه الأمر في الداخل والخارج على حد سواء، الرسالة الأولى هي تلك التي وجهها الفريق أول عبدالفتاح السيسي بعد الانتهاء من المناورات العسكرية بدر 2013 حين رد بحسم ووضوح على وهم المتوهمين قائلا: إن وجود الجيش المصري في الشارع، لحماية السلم الأهلي، لا يؤثر على كفاءته القتالية في مهمته الأساسية، أي حماية الأمن القومي المصري، وهذه رسالة ترتعد لها أوصال الأعداء الذين ارتكزت مؤامراتهم على فرضية إرباك الجيش المصري، فهذا الجيش اثبت المرة تلو الأخرى انه يعرف مسؤولياته الكبرى وانه دائما في أعلى جاهزية لتنفيذ هذه المهمات.

أما الرسالة الثانية، فقد تمثلت في إنهاء لجنة الخمسين من إعداد مسودة الدستور المصري الجديد، دستور للمستقبل الذي يليق بمصر، دستور من مائتين وسبع وأربعين مادة، منها اثنتان وأربعون مادة مستحدثة تعتبر مفخرة لأي دستور، لاقت ترحيبا من العالم، بل لعل بعض مواد الدستور المصري تستعار وتدخل في دساتير دول أخرى.

وإنني أرسل تحية من الأعماق لهذا الرجل المصري بامتياز والعربي بامتياز، والكفؤ بامتياز عمرو موسى الذي تجلت وطنيته وكفاءته عبر أكثر من ثلاثة أشهر، ومئات الساعات التي قضاها رئيسا للجنة الخمسين، يشع بابتسامته المضيئة، وذكائه الشديد لانجاز هذا الدستور الرائع، وانجازه بأكبر قدر من التوافق والإجماع في لجنة تمثيل النسيج المصري كله في الداخل والخارج، عبر أعضاء رئيسيين وأعضاء احتياط شاركوا في المناقشات، واستشارات لم تترك أحدا، إلى أن وصل في اللحظة الحاسمة وهي تقديم وثيقة الدستور إلى المشرع المصري الرئيس عدلي منصور ليحدد طرحها على الاستفتاء.

هذه خطوة رئيسية كبرى على طريق خارطة الطريق، ولقد جرى كل ما جرى في الثلاثة أشهر الأخيرة بوهم من أعداء الداخل والخارج في إمكانية تعطيل المسيرة، ولكن الانتماء إلى مستقبل مصري كان هو الأقوى، فيا حسرة على الذين عبدوا أوهامهم فوجدوا أنفسهم على قارعة الطريق.