في زاوية حديث القدس كتبت الصحيفة مقالا بعنوان: لابد من حسم ملف اغتيال أبي عمار جاء فيه:
بعد طول انتظار وتوقعات كثيرة جاء تقرير الخبراء الفرنسيين حول اغتيال الرئيس الرمز والقائد التاريخي ياسر عرفات، مخالفا تماماً لما كان منتظراً ومتناقضاً إلى حد كبير مع استنتاجات الخبراء السويسريين الذين رجحوا وجود عملية تسميم بسبب ارتفاع نسبة البولونيوم السام في ما تم فحصه من جثمان ومخلفات الرئيس الراحل إلى عشرين مرة مما هو مفترض، كما أن التقرير الطبي الذي صدر عن المستشفى الفرنسي اثر الوفاة، لم يتطرق إطلاقاً إلى الوفاة الطبيعية كما يرجح الخبراء الفرنسيون في تقريرهم.
لقد طال الجدل والتقديرات والآراء حول أسباب الوفاة وامتدت هذه المرحلة تسعة أعوام كاملات، وهي فترة طويلة وتثير تساؤلات بلا حدود وأقاويل لا حصر لها، وهو أمر لا يليق بالقائد، ولا تاريخه النضالي، ولابد من حسم الموضوع والوصول إلى نتائج نهائية غير قابلة للنقاش وهذه، في تقديرنا، هي مسؤولية اللجنة الفلسطينية الخاصة بالتحقيق برئاسة اللواء توفيق الطيراوي الذي وعد في مقابلة تلفزيونية بأن يتضمن مؤتمره الصحفي القريب القادم حول هذه القضية كل المعلومات عن الأشخاص الذين يعتقد أنهم مسؤولون سواء من ارتكب أو شارك أو تآمر في الموضوع وان يكون المؤتمر الموعود آخر المؤتمرات بهذا الخصوص.
وهذه أقوال إيجابية ومطلب شعبي أكيد، وقد زاد تقرير الخبراء الفرنسيين من ضرورة الإسراع في ذلك.
أخيرا لم يكن مستغربا أن ترحب إسرائيل بالتقرير الفرنسي وتدعي أنها لم تفاجأ به، لأنه يبرئها من تهمة تثير شكوكا وتقارير عديدة أنها هي المسؤولة عن عملية الاغتيال لان مادة البولونيوم لا تتوفر بالمنطقة إلا عندها ولان قادتها هددوا علنا بضرورة تصفية الرئيس الراحل.
كيري … مرة أخرى فهل يحمل خطة فعلا ؟!
بدأ وزير الخارجية الأميركي جون كيري جولة جديدة من زياراته المكوكية للمنطقة وفي جعبته، مرة أخرى، ملفين أساسيين هما إيران والقضية الفلسطينية، ويبدو الملف الإيراني محسوما ومنتهيا بعد اتفاق جنيف حول الموضوع النووي، وسيحاول كيري بهذا الخصوص تهدئة التوتر مع رئيس وزراء إسرائيل، نتانياهو، الذي يعارض الاتفاق صراحة ومحاولة إقناعه بقبوله أو التوقف نهائيا عن المعارضة والانتقاد.
وتشير بعض التقارير الإخبارية إلى أن كيري يحمل معه في هذه الزيارة خطة تتعلق بأمن إسرائيل بعد قيام الدولة الفلسطينية، أعدها الجنرال جون ألين وهو شخصية مقربة من المفاوضات وله تاريخ عسكري طويل وكانت آخر مهامه في أفغانستان، وهو بالتالي يبدو شخصا مؤهلا لبحث “الترتيبات الأمنية” لإزالة ما تدعيه إسرائيل من مخاوف بهذا الشأن.
والحقيقة انه لابد من تحرك أمريكي عملي وجدي لأن فترة الأشهر التسعة التي اقترحتها واشنطن للتفاوض تقترب من نهايتها دون تحقيق أية نتائج فعلية والعكس صحيح تماما لان إسرائيل تواصل الاستيطان والتهويد والتهجير والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى المبارك وترفض الاعتراف بمرجعية حدود ١٩٦٧، وتطالب الاعتراف بيهودية الدولة والتمسك بالقدس موحدة، وما إلى ذلك من ممارسات معروفة ومرفوضة.
وإذا لم تتحرك أمريكا لإيجاد حل عادل يضمن قيام دولة فلسطين عاصمتها القدس، وإذا انتهت فترة التفاوض دون نتائج، فإن أشياء كثيرة ستنهار كليا ولن تجد أحدا مستعدا للتفاوض أو الحديث عن حلول مستحيلة.
والأجواء الإقليمية تساعد في هذا الاتجاه بعد تسوية الملف الإيراني والاتفاق على تسوية الملف السوري حيث لم يعد هناك قضايا مركزية سوى القضية الفلسطينية، وأي تقاعس أمريكي في هذا المجال لن يخدم إلا قوى التطرف والعنف التي تجتاح رياحها المنطقة ونرى نتائجها في أكثر من مكان، ولن يكون حال كهذه في مصلحة أية جهة عربية أو إقليمية أو دولية وأمريكا ومصالحها بالدرجة الأولى.