احمد بن سالم الفلاحي -
Dreemlife11@yahoo.com -
من الابتلاءات الحقيقية التي تغيبنا عن واقع الاعتراف بالذنب أو الخطيئة هي اعتزازنا بالطاعة، وهذا الأمر ينسحب على كثير من تفاعلاتنا في الحياة، ومتى تمكن الشعور منا بهذا الأمر، أوقعنا أنفسنا في خطر كبير، فالإنسان بطبيعته البشرية معرض للخطأ والصواب، ولعل مواقع الخطأ أكثر من مواقع الصواب، ولولا رحمة الله بخلقه ما جعل على ظهر الأرض من دابة لكثرة الأخطاء التي يرتكبونها في حق أنفسهم، وفي حق الله سبحانه وتعالى، ومع ذلك ينظر كثير من الناس إلى الإنسان المخطئ بشيء من الدونية، ويعامل على أنه يحمل خطيئته بكفيه طوال الأربع والعشرين الساعة، دون أن تصدر منهم مغفرة لهذا المخطئ، وكأن البشرية في هذه اللحظة كلها على صواب، وهو المخطئ الوحيد، وبالتالي يجب أن يدفع ضريبة كل أخطاء البشر في لحظة امتحانه هذه، بينما الحقيقة المرة هي أننا كلنا نخطئ، ولا يوجد على وجه هذه الأرض من لا يخطئ، أو يسعى إلى الخطأ في كثير من الأحيان، على الرغم من مجموع المشاهد والصور، والأمثال والحكم التي كان من المفترض الاستعانة بها للذهاب بعيدا عن ارتكاب الأخطاء سواء في حق النفس، أو في حق الآخرين من حوله.
هنا نص جميل قرأته مؤخرا، يقول: «لا تحتقر عاصيا ضعف أمام شهوته، فقد تنام وانت تتباهى مغترا بطاعتك، بينما ينام ودمعاته على وجهه ندما على ما فرط في جنب الله، فيقبله الله ولا يقبلك».
إنها قمة في تجرد الذات من جميع متعلقاتها الدنيوية، فالعبادات جلها لم توضع للناس على التباهي، فمقياس العلاقة بين العبد وربه مقياس محكم السرية، ولن يطلع عليه احد كان من كان هذا الإنسان، ودرجة القرابة بين الله وعبده لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقاس بأي علاقة بين طرفين، ومن هنا كثير من الناس من يغالون حقيقة في هذا الجانب، وكأنهم مرسلون لتقييم مستوى الطاعات، أو مستوى العصيان الذي يحدثه البشر في حق انفسهم، أو في حق الله، وبالتالي ينظرون بشكل مقزز أحيانا في حقيقة هذه العلاقة الثنائية بين العبد وربه، في المقابل هم لا يدركون أصلا إن كانت أعمالهم مقبولة عند الله سبحانه وتعالى أو غير مقبولة، لذلك من الجميل جدا أن نساعد صاحب المعصية على التحرر من معصيته، وإنقاذه بدلا من مواقفنا الرافضة لشخصه والتي سوف تكرس فيه بقاءه على ماهوعليه.


