الصوافي: البنوك الاسلامية مطالبة في أداء رسالتها بإظهار الاسلام بأخلاقه وسماحته وتعاونه ومعاملاته الحقيقية

حذر من الانحراف عن المسار الصحيح -

تحايلات الناس على معاملات صورية لا حقيقة لها للحصول على النقد.. ورفع التقييم من أهم الاشكاليات -

أجرى اللقاء: سيف بن سالم الفضيلي -
حذر فضيلة الشيخ ابراهيم بن ناصر الصوافي أمين فتوى بمكتب الافتاء من انحراف التجربة المصرفية الاسلامية عن مسارها إن لم تتكاتف الجهود ببقاء معاملاتها في اطارها الصحيح وسنجد اننا نضحك على انفسنا بما نظنه شرعي وهو غير شرعي.


وقال فضيلته ان على البنوك الاسلامية ان تضع في حسبانها أنها تؤدي رسالة وهي اظهار الاسلام بأخلاقه وسماحته وتعاونه ومعاملاته الحقيقية فليس لها ان تنجرف الى المطمع الربحي من غير التفكير في الحلال و الحرام.

منوها ان الجهات الرقابية في البنك المركزي وغيره عليها حمل كبير بأن تظل متابعة ومشرعة للقوانين التي تضبط البنوك الاسلامية.

وكرر فضيلته الدعوة بالتعجيل في تنفيذ المرسوم السلطاني الذي صدر بإنشاء الهيئة العليا للرقابة الشرعية التابعة للبنك المركزي كونه مر على صدوره اكثر من سنتين وان يرى النور وان يفعّل حتى يكون هنالك اشراف قوي وتطمئن نفوس الناس ان الامور تسير بوجهها الصحيح .. وإلى ما جاء في لقاء ملحق (روضة الصائم) مع فضيلته.


إشكاليات


ما هي الاشكاليات التي تعاني منها المعاملات المصرفية الاسلامية؟


ظهرت البنوك الاسلامية فاستبشر الناس خيرا ووجدوا ملاذا يلجأون إليه لقضاء مآربهم واستثمار أموالهم ولكن ظهرت بعض الأمور التي لا بد من الانتباه لها ولا بد من تصحيحها حتى تسير البنوك الاسلامية في الخط الصحيح الذي يجب أن تبقى عليه.

فمن الاشكاليات التي صحبت البنوك الاسلامية تحايلات الناس على معاملات صورية لا حقيقة لها بغية الحصول على النقد.

ومن امثلة ذلك ان يتظاهر الانسان انه يشتري سلعة معينة عن طريق البنك الاسلامي وهو في الحقيقة لا يريد تلك السلعة وبعد ان يدفع البنك الاسلامي النقود الى الشركة لا يقوم صاحب السلعة بنقلها وانما يتركها في المحل ويأخذ النقد فهي في الصورة صورة بيع ولكن في الحقيقة لا يوجد بيع، فهي معاملة ربوية محرمة ولو جرت في البنوك الاسلامية.

ومن امثلة ذلك البيوعات الصورية التي تقع بين الأب وابنه وبين الزوج وزوجته وبين الأخ واخيه من غير انتقال حقيقي لملكية العين المشتراه فيحتاج الزوج مثلا لنقد فيقوم بنقل الملكية في وزارة الاسكان نقلا صوريا باسم زوجته ثم تبيعها الزوجة للبنك ثم يشتريها من البنك فتعود اليه وهذه ايضا معاملة ربوية محرمة.

ومن الاخطاء التي تقع ايضا في البنوك الاسلامية رفع التقييم بغية الحصول على نقد اكثر فقد لا تكون السيارة التي يريد ان يشتريها تساوي المبلغ الذي يريده او لا يسوى البيت الذي يريده المبلغ الذي يريد البنك ان يموله فيتفق مع شركات التثمين على رفع التثمين وهذا لا يجوز شرعا بل لا بد أن يترك المجال لشركة التقييم لتقيمه تقييما عادلا وفق اجراءاتها المتبعة ولا يجوز لشركات التقييم والتثمين ان تتعاون معهم لأن هذا مقصد محرم لا يصح بل عليها ان تكون صادقة وان تؤدي امانتها بمهنية تامة.


تنبيه


ولا يجوز للبنك او موظفيه ان يعينوا الناس ويدلوهم على رفع التقييم بغية الحصول على مبرر اكثر لان العملية غير صحيحة ومحرمة شرعا.

ايضا انبه على قضية مهمة وهو ان المصارف الاسلامية لا تقوم على القرض وانما تقوم على معاملات شرعية حقيقية ذات أثر في الخارج فهي تقوم على الشراء والتأجير فلا بد ان يكون هنالك تملك حقيقي ولا بد ان تكون هناك ثقافة لدى الناس لإدراك الفروق الجوهرية الحقيقية بين البنوك الاسلامية والبنوك الاخرى.

فالحصول على سيولة مقابل الرهن لا يجوز ان لحقت به زيادة فمثلا لا يجوز ان يرهن الانسان بيته للبنك ويعطيه البنك نقد ثم يرده بالأقساط مع الزيادة لأن هذه عمليه قرضية وتكون بهذا معاملة ربوية بل لا بد ان يشتري البنك البيت ويعيد بيعه او يشتريه ويؤجره.

كذلك في المنافع لا بد ان يتملك البنك المنفعة ثم يعيد بيعها او تأجيرها للراغب فيها، هذه القضية الاولى التي تقلقنا في البنوك الاسلامية.


ضرورة التدريب المكثف


القضية الثانية هو التطبيق العملي الذي يتم داخل البنوك الاسلامية، فإن كثيرا من الموظفين لا يملكون الثقافة الشرعية الكافية التي تعينهم على حسن التطبيق لقرارات الهيئات الشرعية، فيقع الخلل وهذه المسؤولية تقع على عاتق الجمعيات العمومية في البنوك وعلى عاتق مجالس الإدارة, وايضا لا بد ان يكون هناك الزام من البنك المركزي بضرورة التدريب المكثف خاصة في البداية حتى تستقر المعاملات الشرعية.


أمر أشد


والأمر الآخر وهو اشد ان بعض الموظفين حتى لا يخسر العميل او الزبون قد يدله على تحايلات او امور صورية فيوقع العميل في الحرام فيكون هذا الموظف شريكا له ، ولذلك لا بد ان تكون هناك مراقبة دقيقة لمثل هؤلاء الموظفين ومن ثبت عليه المخالفات يعطى انذارا قويا.

وفي بعض البنوك الاسلامية تم ابلاغ العاملين بأن اي موظف يرتكب خطأ بينا سيتحمل الخسائر التي تترتب على البنك نتيجة هذا الخطأ وهذا امر جيد حتى يتعامل الموظفون بكل دقة لأن اي خطأ شرعي قد يؤدي الى الوقوع في الحرام.


معالجة الأخطاء أولا بأول


اما الهيئات الشرعية فلا يكتفى منهم فقط بمراجعة العقود واصدار الفتاوى ثم لا شأن لهم بعد ذلك في ما يجري على ارض الواقع فيرفعون ايديهم فمن وجهة نظري ان هذا لا يكفي من الهيئات الشرعية بل لا بد ان تكون الهيئات الشرعية متابعة ومراقبة وعلى تواصل مستمر مع لجنة الرقابة الشرعية داخل البنك وتتحسس الوضع في المجتمع ما تتلقى تنبيها او تصل اليها معلومات عن خطأ تطبيقي مباشرة تعالج الوضع.

فبتكاتف الجهود نستطيع ان نبقي التجربة المصرفية الاسلامية في اطارها الصحيح وإلا فإنها ستنحرف عن مسارها وسنجد اننا نضحك على انفسنا ولا اريد ان اقول اننا نخادع الله عز و جل بما نظنه شرعيا وهو غير شرعي ولذلك احببنا التأكيد على هاتين النقطتين المهمتين.

وجمهور الناس هم جزء من المجتمع الذي يتعامل مع البنوك الاسلامية فالمسؤولية تقع على عاتق البنوك الاسلامية والهيئات الموجودة فيها ان تسعى الى اقامة دورات وبرامج توعوية تثقيفية لتنوير الناس وتنبيههم بمثل هذه الاخطاء حتى لا يقعون فيها ولا بد من الاستفادة من وسائل الاعلام الموجودة سواء كانت المرئية او المسموعة او المقروءة بغية ايصال الحقيقة الى الناس.

ولا بد ايضا ان تضع البنوك الاسلامية في حسبانها انها وان كانت تبحث عن الربح وهو مطلب شرعي لا حرج فيه الا انها أيضا تؤدي رسالة وهي اظهار الاسلام بأخلاقه وسماحته وتعاونه ومعاملاته الحقيقية فليس لها ان تنجرف الى المطمع الربحي من غير التفكير في الحلال و الحرام.

والجهات الرقابية في البنك المركزي وفي غيرها عليها حمل كبير ان تظل متابعة ومشرعة للقوانين التي تضبط البنوك الاسلامية.


دعوة


كما اننا نستغل هذا اللقاء للدعوة الى التعجيل لتنفيذ المرسوم السلطاني الذي صدر بإنشاء الهيئة العليا للرقابة الشرعية التابعة للبنك المركزي لأن هذا القانون مر عليه اكثر من سنتين فلا بد ان يرى النور وان يفعّل حتى يكون هنالك اشراف قوي وتطمئن نفوس الناس ان الأمور تسير بوجهها الصحيح.


مكاتب تقييم مستقلة في البنوك


وعن امكانية وجود مكاتب تقييم مستقلة في كل بنك اسلامي لتتثبت الهيئة الشرعية في هذه البنوك من ان المعاملات صحيحة يقول الشيخ الصوافي، نعم في بعض البنوك الاسلامية عينت مكاتب تثمين لها سمعتها الطيبة في السوق ولا تخبر العملاء بها حتى لا يتواطؤوا مع هذه المكاتب وانما عندما يتقدم العميل بطلب تمويل يتخاطب البنك مباشرة مع مكتب التثمين ليثمن العقار او العين ويبلغ البنك دون ان يعرف العميل من الذي قام بالتثمين وهذا اجراء طيب حتى نمنع التحايلات، لكن للأسف بعض البنوك الاسلامية ما زالت تكتفي بأن يقوم العميل باختيار مكتب التثمين وان يأتي هو بالتثمين وهذا فعلا يقع فيه الخلل حيث ان العميل قد يتواطأ مع المكتب فيزيده شيئا من المال كي يحقق له المطلب الذي يريده وبهذا يقع الاشكال الكبير.


كما ان الجهات الرقابية ايضا اذا اكتشفت على اي مكتب مبالغة في التقييم لا بد ان يعطى انذار او يسحب منه رخصة العمل حتى يشعر الجميع ان المسألة جدية وان الكل مراقب في عمله.


المساهمة في مشاريع التكافل الاجتماعي


وحول تشجيعه البنوك الاسلامية للقيام بدورها في المجتمع بحيث تتبنى بعض مشاريع التكافل الاجتماعي اسوة ببعض الشركات او بعض المؤسسات والبنوك التي لها بصمة في المجتمع دعا الصوافي البنوك الاسلامية الى ان تنبثق منها مؤسسات خيرية او صناديق خيرية ينتفع بها الناس .

كما انني ادعوهم الى انشاء صندوق للقرض الحسن يكون الهدف منه مساعدة اصحاب الحاجة الماسة والذين يمرون بظروف استثنائية وبهذا سيشعر الناس قرب البنوك منهم وكما انها تحقق ربحها الا انها ايضا تخدم المجتمع ولها بصمة اجتماعية وهذا سيعود بمردود ايجابي عليهم وسيكون لهم دعاية وسيكون لهم قاعدة قوية وسيكونون محل ثقة وسيكتسبون الكثير من الزبائن في هذا المجال.


صلاحيات


وعن صلاحية الهيئة الشرعية للبنوك بإلغاء معاملات تبيّن فيها تحايل وكذلك معاقبة المتسبب فيها يؤكد الصوافي ان هذا جزء من عمل الهيئات الشرعية انها بالتنسيق مع الرقابة الشرعية الداخلية تحاول اكتشاف الأخطاء ومعالجتها فإذا اكتشف خطأ ما فإنه يعرض على الهيئة لتقيم الهيئة هذا الخطأ ومدى تأثيره على صحة المعاملة من خطئها فإذا رأت الهيئة ان هذا الخطأ فادح يؤثر في صحة المعاملة فإنها اولا تلغي المعاملة وتجنب جميع الارباح التي استفادها البنك في صندوق الخيرات ويتم توجيه انذار اولي الى الموظف الذي تسبب في هذا الخطأ لأنه إذا تكرر الخطأ مرة ثانية سيتم اتخاذ اجراءات اشد ضده فإذا وقع الخطأ مرة اخرى فإنه اولا يحمل هذا الموظف الخسائر التي وقعت للبنك بسبب خطئه ومن حق الهيئة الشرعية ان توصي بإقالته او احالته الى المساءلة القانونية اللازمة كل هذا حرصا على انضباط المعاملة وسيرها في الطريق القويم.


معاهد متخصصة


وحول توفير معاهد لتدريب موظفي البنوك الاسلامية او استحداث فرع في معهد العلوم الشرعية للاقتصاد الاسلامي يقول الصوافي من الاهمية بمكان ان يتم تدريب موظفي البنوك الاسلامية وقد طالبت به من فترة طويلة حتى التقيت في بعض الاخوة الذين عندهم خبرة في مجال الدورات وطلبت منهم ان تتبنى معاهدهم هذا النوع من الدورات ونحن الآن نعد دورة مكثفة وسنطرحها ان شاء الله تعالى للسوق وستكون البنوك الاسلامية هي من اول المستهدفين بهذه الدورات الشرعية بطريق شخصي بالتنسيق مع معاهد متخصصة ومراكز تدريب، بالإضافة الى اننا ندعو وزارة التربية والتعليم ووزارة الاوقاف والشؤون الدينية ووزارة العدل ان هنالك مبادرة لإنشاء شباب متكون بصبغة شرعية اقتصادية حتى يستطيع ان يسد الثغرة الموجودة الآن فوزارة التربية والتعليم لا بد ان يكون في مناهجها دروس عن الصيرفة الاسلامية ووزارة التعليم العالي ايضا خاصة قسم التربية الاسلامية لا بد ان تدخل دروس مكثفة لطلبات الماجستير والدكتورة في جانب الصيرفة الاسلامية بل ندعو الى انشاء كليات خاصة شرعية يتخرج الطالب منها متخصصا منها تخصصا تاما في الاقتصاد الاسلامي وايضا لا بد لمعهد العلوم الشرعية باعتباره جهة شرعية تعليمية ان يتبنى هذا الدور وان يكون هنالك اقل شيء مساقات او مواد يلزم الطالب بدراستها سواء في البكالوريوس او الماجستير او ما شابه ذلك.


نصيحة بتحري الحلال


وحول نصيحته للجميع قال الصوافي، علينا ان نتقي الله عز و جل وان نتحرى الحلال وان نسأل عن كل قضية قبل ان نقدم عليها وان نتعاون جميعا على انجاح هذه التجربة وان يكون بيننا التناصح والتنبيه على الأخطاء وان تكون هنالك مراجعة دورية مستمرة حتى نبقى سائرين على الخط ويسهل علينا معالجة الأخطاء حين وقوعها قبل ان تستفحل.