تأملات: التسوق

فوزي بن يونس بن حديد -

abuadam-ajim4135@hotmail.com -

التسوق وما أدراك ما التسوق، وإن سألتني عنه فإني أكرهه، لا أحب الدخول إلى الأسواق بدون سبب، وتلك هي عادتي وخلقي، إن أردت شراء شيء قصدت مباشرة البضاعة واشتريتها دون ذهاب وإياب في تلك المحلات التي تبيع أكثر من نوع، ولست أدري إن كان كل الرجال مثلي أم أن هناك من يعشق التسوق والتجول في أنحاء السوق، بل هناك من لا يشتري شيئا إلا بعد أن يتفحّص السوق من أوّله إلى آخره يتعرف على الأسعار والبضاعة، ويختار منها ما يريد، يتعب نفسه ويضيع الساعات، وأحيانا لا يشتري ما يريد.

ولكن المشهور أن النساء هنّ أكثر من يهوين التسوّق في المحلات والمراكز التجارية بكافة أنواعها، ولا يصيبهن الملل وهنّ يقضين الساعات الطوال في هذا المركز أو ذاك، أما في المعارض الاستهلاكية فحدّث ولا حرج، ربما هي من خصال المرأة وطبعها أنها تحب التسوق والتجول بين المحلات بغرض الشراء أو بدونه، ربما لمكوثها ساعات في البيت وربما أياما دون أن تستنشق الهواء الخارجي أو ربما لحاجتها دائما إلى جملة من الحاجيات أو لشغفها الدائم بالاطلاع على ما هو جديد في السوق لتشتريه.

وفي العشر الأواخر من شهر رمضان الفضيل، وما إن تبدأ ساعة الصفر حتى يتوجه الجميع إلى الأسواق والتزود ببضائع العيد السعيد، فتزدحم الأمكنة والمحلات والشوارع بشكل غير معتاد حتى تعاف نفسك من الخروج في تلك الأوقات، تقضي وقتا طويلا في الانتظار في الطرقات، وساعات أخرى في التجول والتبضع وساعات أخرى في انتظار دورك في أماكن الصرف حتى تخلص نفسك من دوامة التسوق والتبضع، ولكن بعضهم لا يهمه الأمر بل يستمتع عندما يرى هذا الازدحام ولا يهمه إن كان أولا أو جاء متأخرا، فالمهم عنده الاستمتاع بالحدث، حدث التسوق والشعور بالفرحة العارمة وهو يمشي الهوينى وكأنه في يوم سعده.

في هذه الأيام يستعد الجميع لاستقبال العيد رغم أن نفحات رمضان هي الأقوى، لأنّها عتق من النار، فطوبى لمن فاز واحتسب أمره لله ويا لخسارة من ضيّع وسار على غير هدى، فالتسوق وإن كان ضروريا لكل إنسان إلا أنه لا يكون كل يوم، كما نذكّر إخواننا الكرام أن هذه الأيام، أيام عزّ وبركة ويحصل فيها المرء على الجائزة، بعد صوم دام تسعة وعشرين يوما أو ثلاثين يوما، حرمت نفسك من الأكل والشرب وغيرهما من المفطرات ابتغاء مرضاة الله فلا تضيع ما بقي من رمضان، وكن حريصا على عدم التبذير والإسراف في شراء المأكولات والملبوسات، وكن كريما على زوجتك وأبنائك ووالديك دون تقتير، فالإسلام يدعوك إلى أن تكون جميلا في لباسك ومقبولا في أكلك وشربك ولكن دون تكبّر على الخلق أو كبرياء أو استهزاء واحتقار للغير، أو نسيان لما فرض الله عليك من واجبات الزكاة والصدقات، كما أمرك أن لا تنسى جارك، فالجار قد وصّى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم حتى قال أحدهم ظل الرسول صلى الله عليه وسلم يوصيني بالجار حتى طننت أنه سيورثه.

وعليك أن تعلم أيضا أن للسوق آدابا يجب الالتزام بها عند الذهاب إليه قاصدا إياه، من دعاء للدخول والخروج والالتزام بالأخلاق كغض البصر وعدم المراء والجدال والرفق بالناس ومساعدة الملهوف ومن يحتاج إلى مساعدة وغيرها من الأمور التي يجب أن لا يغفل عنها المسلم وهو يقبل على شراء حاجياته من المأكل والملبس والمشرب، وعليه أن يعطي الطريق حقه ومستحقه، ولا يثير مشاكل يمكن أن تؤدي إلى شجار، تذكر دائما أنك في شهر الصيام، وإذا سابك أوشتمك أحد من الناس فقل: اللهم إني صائم كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام.