مشروع «الاستخلاص المعزز للنفط» في السلطنة يعزز نسبة الإنتاج

يعتبر الأول من نوعه على مستوى الشرق الأوسط -

تقرير- سعود بن جميل الغنبوصي -

nÅptتقوم شركة تنمية نفط عمان بدور كبير في مشروع الاستخلاص المعزز للنفط والذي يعد ضروريا لنجاحها في تحقيق أهدافها الحالية والمستقبلية للإنتاج.

والاستخلاص المعزز للنفط طريقة تمكن الشركات من استخراج النفط من المكامن التي يصعب استخراج النفط منها إلى السطح جراء انخفاض الضغط.

حيث استثمرت الشركة قدراً كبيرًا من الوقت والمال في مشاريعها الرائدة، واضعة نصب عينيها تعزيز النسبة الإجمالية للنفط المستخلص من حقولها. ودشنت أول مشروع متكامل للاستخلاص المعزز للنفط في أكتوبر 2011 في منطقة مرمول شمال منطقة الامتياز، والذي تقوم فكرة عمله على إضافة البوليمر إلى المياه كعامل تثخين، ثم يحقن المكمن بالخليط لدفع النفط نحو آبار الإنتاج، ويعتبر هذا المشروع الأول من نوعه على مستوى الشرق الأوسط.

وتوظف الشركة ثلاثة أساليب متقدمة للاستخلاص المعزز للنفط وهي: أسلوب الحقن بالغاز الخلوط والأسلوب الحراري والأسلوب الكيميائي.

الحقن بالغاز الخلوط


يقوم هذا الأسلوب على حقن غاز في المكمن، فيذوب النفط فيه، ومن ثم يتدفق الخليط (نفط/غاز) بسهولة خلال صخور المكامن ثم إلى آبار الإنتاج.

ويطبق هذا الأسلوب للمرة الأولى على مستوى المنطقة، وتستخدمه الشركة في حقل هرويل جنوب منطقة الامتياز، فالهايدروكربونات الموجودة هناك تعد من أقدم الكربونات في العالم. حفرت في هرويل 14 بئراً، يصل عمق الواحدة منها إلى 5 كم، ويبلغ طول خطوط الأنابيب والكابلات العلوية المستخدمة فيه 300 كم، فضلاً عن استخدام أجهزة لفصل النفط والغاز قادرة على تحمل الضغط الشديد، ويغسل النفط لإزالة الملح المركز بشدة قبل تثبيته وتصديره. أما الغاز فيمكن إعادة حقنه في المكمن تحت ضغط يبلغ 550 بار لأجل زيادة معدل الاستخلاص، أو يُحلّى لإزالة غاز ثاني كبريتيد الهيدروجين وغاز ثاني أكسيد الكربون منه بما يمكن من إعادة استخدامه أو تصديره، كما أن الغاز الحمضي المستخرج من محطة التحلية يعاد حقنه كذلك في المكمن.

وحتى تحقق هذه العملية جدواها الاقتصادية لا بد من وجود نظام فاعل لاستخلاص مزيج النفط والغاز؛ وبعبارة أخرى يجب أن تحفر آبار الحقن وآبار الإنتاج في المواقع الصحيحة من أجل تحقيق أعلى معدل من الاستخلاص؛ وعليه ليس من المستغرب استخلاص قدر كبير من المعلومات من المكمن وتحليلها تحليلاً تفصيلياً قبل الشروع في حقن الغاز الخلوط.

ومن المهام الرئيسية الأخرى التأكد من “ربط” الآبار الحاقنة بالآبار المنتجة، حتى يتمكن النفط الممتزج بالغاز الخلوط من التدفق نحو آبار الإنتاج.

والمهمة الرئيسية الأخيرة تتمثل في دراسة تركيب المكمن وصخوره، وتحديد خصائص السائل الموجود داخله، فضلاً عن إعداد نموذج حاسوبي يوضح كيفية عمل الغاز الخلوط تحت مختلف الظروف.

وكما هي الحال في الأساليب الأخرى للاستخلاص المعزز للنفط فإن أسلوب الحقن بالغاز الخلوط يتسم بصعوبته وتكلفته العالية، ولا يلجأ إليه إلا إذا كان له مبرر اقتصادي. والسلامة هي الأخرى لا تقل أهمية في هذا الأسلوب؛ فعندما تحقن الغازات (وبعضها غازات سامة) بضغط يبلغ 500 بار (أي 500 مرة ضعف الضغط الجوي) لا بد أن تكون المرافق على السطح في غاية المتانة.


الأسلوب الحراري


من بين مشاريع الاستخلاص المعزز للنفط باستخدام الأسلوب الحراري التي تنفذ في السلطنة مشروع قرن علم الذي كان الأول من نوعه في العالم إبان تشغيله بشكل كلي عام 2010، وذلك نظراً لتوظيفه تقنية تصريف النفط والغاز بفعل الجاذبية باستخدام الحرارة. وتقوم فكرة الأساليب الحرارية للاستخلاص المعزز للنفط – وهي أربعة أساليب رئيسية – على مبدأ تسخين النفط الثخين واللزج، وجعله قابلاً للحركة بما يسهل استخلاصه.


الاحتراق الموضعي


هذا الأسلوب هو أصعب الأساليب الحرارية الأربعة لأنه يتطلب حرق كمية من نفط المكمن لتوليد بخار وغاز ساخنيْن. وعموماً يقتصر استخدام هذا الأسلوب في المكامن التي تتسم صخورها بدرجة نفاذية عالية تسمح للسوائل بالتدفق خلالها بسهولة، وحتى هنا لا يُلجأ لهذا الأسلوب إلا كمخرج أخير.

وتقوم فكرة عمل هذا الأسلوب على إنزال جهاز تسخين أو إشعال في البئر، ثم يُحقن غاز الأوكسجين الذي يساعد على إشعال النفط. ورغم أن كمية من النفط ستفقد جراء عملية الحرق إلا أن النتيجة ستكون مجزية بالتمكن من استخلاص كميات كبيرة منه بعد أن تقل لزوجته بفعل الحرارة.

ويساعد البخار الناتج عن عملية الاحتراق على دفع النفط خلال المكمن نحو آبار الإنتاج، في حين تعمل الغازات الناتجة عن الاحتراق بنفس فكرة عمل أسلوب الإنتاج بمساعدة الغاز الذي يتمدد فيدفع بالنفط خارج صخور المكمن ثم إلى آبار الإنتاج.


حقن البخار بالتعاقب الدوري


يعرف هذا الأسلوب أيضاً باسم أكثر شيوعاً هو “النفخ والتنفيس”، وتستخدمه الشركة في حقل أمل شرق، ويتميز عن غيره من الأساليب بعدم وجود آبار منفصلة للحقن وأخرى منفصلة للإنتاج، بل إن عمليتي حقن البخار وإنتاج السوائل تتمان من نفس البئر.

في البداية يُحقن البخار في المكمن لتسخين المنطقة الملاصقة لعمود البئر لتسهيل تدفق النفط، وحالما ينتهي الحقن تُغلق البئر مؤقتًا حتى يعمل البخار الساخن عمله؛ إذ يصطدم بالصخور الأبرد منه قليلاً، فيتكثف في هيئة مياه ساخنة، فتزداد الحرارة ويتحسن تدفق النفط. وبعد بضعة أيام تفتح البئر ثانية لاستخلاص مزيج النفط والمياه إلى الحد الذي يصبح فيه النفط أقل ما يكون في المزيج، وعندها تُعاد العملية مرة أخرى. وعند الانتهاء من ربط الآبار ببعضها بشكل سلس يصبح بالإمكان تحويل مشروع حقن البخار بالتعاقب إلى مشروع متكامل للغمر بالبخار.


الدفع بالبخار


يستخدم هذا الأسلوب في حقل أمل غرب، ويقوم على مبدأ حقن المكمن بالبخار باستمرار، ويتجلى أفضل تأثير لهذا الأسلوب في المكامن التي تتسم صخورها بمستوى جيد من النفاذية وتخلو من الصدوع التي يمكن أن ينفذ البخار من خلالها إلى آبار الإنتاج بدلاً من الصخور ذاتها.

يتجمع البخار بعد حقنه، ثم ما يلبث أن ينتشر في المكمن، فيتكثف في هيئة مياه ساخنة وتتحرر الحرارة الكامنة فيه، مما يسهل تدفق النفط – المتجمع أمام المياه الساخنة – باتجاه آبار الإنتاج.

ولهذا الأسلوب فائدة أخرى تتمثل في تبخير الهايدروكربونات الخفيفة التي تندفع أمام كتلة البخار فتختلط مع النفط الثقيل وتسهل تدفقه أيضاً.


جاذبية باستخدام الحرارة


هذا أسلوب مفعم بالتعقيدات الفنية والتحديات، وكانت الشركة هي أول من جرب هذا الأسلوب في العالم؛ حين استخدمته في حقل قرن علم شمال منطقة الامتياز عام 2010.

ويعد أسلوب تصريف النفط والغاز بفعل الجاذبية باستخدام الحرارة أسلوباً مثالياً للمكامن شديدة التصدع؛ لأن البخار يحقن مباشرة في الصدوع لتسخين صخور المكمن وتقليل لزوجة النفط الموجود في الصخور. وبعكس أسلوب الغمر بالبخار، ليس ثمة حاجة للبخار لدفع النفط نحو آبار الإنتاج، بل يستخدم فقط لتسهيل التدفق، ومن ثم تفعل الجاذبية مفعولها بتصريفها للنفط نحو الصدوع ثم إلى آبار الإنتاج الأفقية التي تحفر قريباً من قعر المكمن.

ويتمثل أحد التحديات العديدة لاستخدام هذا الأسلوب في الحاجة للتحديد بدقة الكيفية التي تترابط بها الشقوق مع بعضها البعض، وبالإضافة لذلك تلازم هذه العملية كميات هائلة من المياه الملوثة التي ينبغي التخلص منها بطريقة لا تلحق ضرراً بالبيئة.


الأسلوب الكيميائي


وفتحت الشركة آفاقاً جديدة في جنوب منطقة امتيازها في مرمول بحقنها للبوليمر – كعامل تثخين – في المياه لجعلها أكثر ثخانة ولزوجة، حتى تصبح درجة تحركها مقاربة لتحرك خام النفط، ومن ثم يسهل استخلاصه.

وقد اكتُشف حقل مرمول عام 1956، وأظهرت التقديرات الأولية أن الشركة ستتمكن من استخلاص حوالي 10 – 20% فقط من النفط الموجود في مكانه، وذلك باستخدام أساليب تقليدية لأنه كان ثقيلاً ولزجًا. أصبح مرمول حقل تجارب عندما جربت الشركة فيه أول مشروع صغير للغمر بالبوليمر، وكان ذلك بين عامي 1986 و1988، واستخدمت فيه بئر واحدة للحقن وأربع للإنتاج. وأوضحت تقديرات الشركة أن الغمر بالبوليمر من الممكن أن ترتفع نسبة النفط الذي يمكن إنتاجه حتى 20 – 30%.

ولكن نظراً لاكتشاف كميات نفطية في مناطق أخرى من عمان ذات كلفة أقل أجّلت الشركة العمل في مرمول. ورغم ذلك، ونظراً للظروف الاقتصادية الحالية، تزداد جدوى كلفة الإنتاج من مشاريع الاستخلاص المعزز للنفط بمختلف أساليبها، فضلاً عن أن الشركة بحاجة للحفاظ على مستوى إنتاجها، خصوصاً وأن حقولها بدأت تدخل مرحلة النضج في الإنتاج، مما استدعى اللجوء إلى أساليب إنتاج مبتكرة.

والأمر الأهم في مشروع مرمول هو الأسلوب الذكي الجديد الذي اعتمدته الشركة في إدارة حقولها النفطية. كما أن الأمر الرئيسي لنجاح مشروع من مشاريع الاستخلاص المعزز للنفط يتمثل في الحفاظ على تدفق البيانات الدقيقة عن الحقل تدفقاً جيداً، وذلك حتى يصبح بالإمكان تركيب معدات القياس والتسجيل في جميع الآبار لمراقبة تدفق الهايدروكربونات إلى آبار الإنتاج، إلى جانب استمرار فحص جودة البوليمر. وتسعى الشركة لتعميم هذا الأسلوب للإدارة المكثفة على مختلف الحقول، دون الاقتصار على الحقول المخصصة لمشاريع الاستخلاص المعزز للنفط مستقبلاً.