لقاء الأسبوع – الحساب قبل الذهاب

سيف بن ناصر الخروصي -

إن الحج تطهير للنفس ورجوع الى الله وطريق يسلكه العبد للوصول الى مرضاة الله وبلوغ أعلى درجات التقوى التي تجعل الانسان يسير وفق المنهج الحق لا يحيد عنه قيد أنملة في حديثه وأخذه وعطائه وفيما يأتي وما يذر ومن أجل هذا فإن الاستعداد النفسي والنظافة المسبقة من كل ما علق بالنفس من أدناس المعاصي الناتجة عن تصرفات الانسان فيما أفناه من العمر ماديا ومعنويا من أهم ما ينبغي ان يطهر الانسان نفسه منها قبل ان يركب راحلته ويتجه الى الله في سيره الى بيت الله تعالى حتى يحط ركابه فيه ونفسه على طهارة تامة من كل ما اقترف من آثام في حياته قبل ذهابه الى وصوله البيت العظيم فيلبي بلسان طاهر نقي وقلب مملوء بالايمان يشع من توجهاته نور يضيء من حوله ويهدي الى سواء السبيل ويجعله متصلا بالله رب العالمين نطقه صادق في كل ما يقول ومأكله حلال ومشربه حلال وباطنه كظاهره لا يتحدث الا بما يرضي الله ولا يقول إلا حقا، شغله الشاغل ذكر الله والابتهال والدعاء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحرص على عمل الخير ان تحدث انشرحت النفوس وأصغت الآذان للاستماع اليه وارتشفت الألباب من عذبه وتطهرت النفوس من أثره وسعدت القلوب بتوجيهاته وارشاداته وتحركت نحو الطريق السوي الذي تأمل ان يبلغها الله سبحانه وتعالى اياه في هذه الرحلة المباركة ووفقت الى بلوغ ما أمرها الله تعالى به ونهاها عنه فمكنها الله تعالى من تحقيق ما طلب منها وبلغت الغاية التي ذهبت من اجلها انها تقوى الله تعالى، الزاد المبلغ الى خيري الدنيا والآخرة انه تكريم من الله سبحانه وتعالى ويحتاج الى شكر والشكر لا يتحقق بالقول وانما بالقول والعمل معا ان الذي يريد أن يؤدي هذا الفرض العظيم ويسعى إلى بلوغ ما وعد في أدائه من جزاء الا وهو الجنة (الحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة) فإن عليه ان يعد نفسه الاستعداد النفسي الخالص لله وحده قبل الذهاب حتى يحقق مأربه وعليه ان يتدبر قول الحق سبحانه وتعالى ويفهم معنى ودلالة ما يرشد اليه عسى ان يمن الله تعالى عليه بالتوفيق وأن يصل الى الغاية المنشودة فالله تعالى بين الآداب التي يجب ان يتأدب بها الحاج عندما فرض الحج على عباده يقول سبحانه وتعالى (الْحَج أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِن الْحَج فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَج وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَودُوا فَإِن خَيْرَ الزادِ التقْوَى وَاتقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ(

هكذا فرض الحج وهذه آدابه وعلينا ان نطبقها وبتطبيقها نصل الى الغاية المنشودة من هذا الفرض العظيم فهو ليس رحلة ترفيهية وانما أداء عبادة وتقويم سلوك وبناء مستقبل غير محدود وطهارة وتزكية للنفس وصلاح للأفراد والمجتمعات والأمة فالحج الصادق آثاره لا تعد ولا تحصى ليس للفرد نفسه بل للآخرين فصلاح الفرد صلاح للأمة ومن خلاله يتكون المجتمع الصالح.