أحمد رامي .. الشاعر العاشق

اشتهر أحمد رامي بشعره الرومانسي باللغة العربية واللهجة العامية وهو أكثر الشعراء شهرة لدى العامة لارتباط اسمه بعشرات الاشعار الغنائية الشهيرة التي تغنت بها كوكب الشرق ام كلثوم والتي شكلت روائع لازالت محفورة في وجدان الشعب العربي الى الآن، تنوعت أعماله مابين الشعر والأدب والترجمة، ولقب بشاعر الشباب.

ولد احمد رامي في 19 أغسطس من عام 1892م في حي السيدة زينب بالقاهرة، والده هو الدكتور “محمد رامي” الطبيب بالجيش المصري، وجده الأمير الاى “حسن بك عثمان” وكان يعمل ضابطاً بالجيش العثماني، وجاء إلى مصر مع عائلته في عهد الخديوي إسماعيل. أما والدة رامي فاسمها “فاطمة” وجده لأمه الشيخ “محمد الغزولي” الذي كان يشغل منصب رئيس السجلات بالمحكمة الشرعية ، وهو أكبر إخوته الستة: ثلاثة صبيان هم محمود، وحسن، وحسين. وثلاث بنات وهن فاطمة، وصفية، وسعاد.

عندما بلغ الثالثة من عمره سافر مع والده إلى مدينة “طشيوز” إحدى جزر بحر “إيجه” وظل بها عامين، بعدها عاد إلى مصر والتحق بكتاب “ الشيخ رزق” ثم مدرسة “السيدة عائشة” ثم مدرسة “المحمدية”.

أقام في منزل عمته لسفر والديه إلى “طشيوز”، و كان زوجها يملك مكتبة كبيرة فوقع منها تحت يده اول كتاب شعر بعنوان “مسامرة الحبيب في الغزل والنسيب” وهو من الشعر الغزلي وكان سبباً في حب رامي للشعر، بعدها ظل والده في سفره عامين، ثم عاد إلى مصر، وبعدها ذهب إلى السودان، وعاد رامي للإقامة هذه المرة في بيت جده بجوار مسجد السلطان الحنفي.

وبعد أن بلغ التعليم الثانوى سطر أولى قصائده بعنوان “أيها الطائر المغرد” في عام 1916 ولهذه المرحلة فضل كبير لأنها أتاحت له إلقاء الشعر عن طريق “جمعية النشأة الحديثة” التي تقام كل يوم خميس برئاسة ناظرها “سيد محمد” .

بعدها انتقل إلى مدرسة المعلمين العليا وهناك عرف كل ألوان الأدب العربي والإنجليزي، وفي هذه الفترة عادت والدته من السودان لتكون بجانب أبنائها، وتخرج منها عام 1914م، وفي عام 1922م سافر إلى باريس في بعثة لتعلم نظم الوثائق والمكتبات واللغات الشرقية، ثم حصل على شهادة في المكتبات من “جامعة السوربون”، وفي عام 1952م اختير أمينًا للمكتبة بدار الكتب المصرية، وعمل على تطبيق ما درسه في فرنسا في تنظيم دار الكتب، وتلي ذلك انضمامه إلى عصبة الأمم كأمين مكتبة عقب انضمام مصر إليها، كما عمل رامي كمستشار لدار الإذاعة المصرية، وبعد توليه هذا المنصب لثلاث سنوات عاد لدار الكتب كنائب لرئيسها.


أعماله

سعى رامي وراء تطوير وثقل موهبته الشعرية فحرص على حضور المنتديات والمجالس الشعرية، وكان أول نتاجه الأدبي قصيدة وطنية كتبها وهو في الخامسة عشرة من عمره، وفي عام 1910م تم نشر قصيدة له في مجلة الرواية الجديدة بعد ذلك توالت اعمال رامي الشعرية فقدم قصائد بألفاظ سهلة مفعمة بالمعاني والأحاسيس، واخترق الحياة الأدبية عام 1918م فأصدر ديوانه الاول والذي كان مختلفًا تمامًا عن الأسلوب الشعري السائد في ذلك الوقت والذي سيطرت عليه كل من المدرستين الشعريتين الحديثة والقديمة، وأعقب ديوانه الأول بديوانين اخرين في عام 1925م، وعلى الرغم من أن شعر رامي قد بدأ بالفصحى إلا أنه انتقل للعامية بعد ذلك، ولكنها كانت عامية راقية استطاع من خلالها إبداع صور راقية لم تعهدها العامية المصرية قبله.

ومن اهم الاعمال التي ابدعها “ديوان رامي” وهو من اربعة أجزاء وابدع رامي مجموعة ضخمة من الأغاني التي تغنت بها كوكب الشرق “ أم كلثوم “ والتي يصل عددها إلي ما يقرب من مائتي أغنية منها: “جددت حبك ليه”، “رق الحبيب” ، “سهران لوحدي”، “ هجرتك”، وغيرها الكثير.

كما ساهم احمد رامي في ثلاثين فيلما سينمائيا إما بالتأليف الأغاني أو بالحوار، ومن أهم هذه الافلام “نشيد الأمل”، “الوردة البيضاء” ، “دموع الحب”، “يحيا الحب”، التي قام ببطولتها موسيقار الاجيال محمد عبدالوهاب، وافلام “عايدة” ، “دنانير” “وداد” ولعبت بطولتها كوكب الشرق ام كلثوم، كما كتب رامي للمسرح مسرحية “غرام الشعراء” وهي مسرحية من فصل واحد اما في مجال الترجمة فقد ترجم رامي مسرحية “سميراميس” ، وكتاب “في سبيل التاج” عن فرانسوكوبيه” كما ترجم “شارلوت كورداي” ليوتسار ، ترجم “رباعيات الخيام”.


الجوائز

نال أحمد رامي تقديرا عربيا وعالميا واسع النطاق حيث كرمته مصر عندما منحته “جائزة الدولة التقديرية” عام 1967م، كما حصل على “وسام الفنون والعلوم”، ونال أيضا “وسام الكفاءة الفكرية” من الطبقة الممتازة حيث قام الملك الحسن الثاني ملك المغرب بتسليمه الوسام بنفسه، وانتخب احمد رامي رئيساً لجمعية المؤلفين وحصل على “ميدالية الخلود الفني” من أكاديمية الفنون الفرنسية، وقبل وفاته ببضع سنوات كرمه الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات حيث منحه درجة الدكتوراه الفخرية في الفنون.

وقد أصيب احمد رامي بحالة من الاكتئاب الشديد بعد وفاة ملهمته المطربة أم كلثوم، ورفض أن يكتب أي شيء بعدها، حتى توفي في الخامس من يونيو من عام 1981م عن عمر يناهز 89 عاماً بعد أن قدم لأم كلثوم اكثر من مائتي أغنية من أروع ما غنت.