مؤتمر النقل العام يناقش المستقبل ويدعو لنظام فعّال يلبي احتياجات المجتمع –
كتب – سرحان المحرزي –
انطلق أمس في فندق جراند حياة مسقط مؤتمر النقل العام عمان بهدف مناقشة مستقبل قطاع النقل العام وإيجاد قطاع نقل متكامل وحديث يلبي احتياجات المجتمع. رعى افتتاح المؤتمر الذي تنظمه الجمعية العمانية للنقل البري بالتعاون مع وزارة النقل والاتصالات وشركة النمر الدولية لتنظيم المؤتمرات والمعارض معالي الشيخ محمد بن سعّيد الكلباني وزير التنمية الاجتماعية بحضورسعادة سعيد بن حمدون الحارثي وكيل وزارة النقل والاتصالات للموانئ والشؤون البحرية وسعادة الدكتور إبراهيم بن أحمد الكندي الرئيس التنفيذي لمؤسسة عُمان للصحافة والنشر والإعلان.
وأوضح معالي الشيخ راعي الحفل أن هذا المؤتمر يأتي في إطار مشاركة المجتمع المدني مع القطاعات الأخرى ولتسليط الضوء على أهمية إيجاد بدائل مختلفة للنقل سواء كانت برية أو بحرية أو التقنيات الحديثة مشيراً إلى أن المؤتمر يضم خبرات مختلفة من داخل السلطنة وخارجها بهدف تبادل وجهات النظر التي تخدم تطوير مجال النقل العام بالسلطنة.
من جهته قال سعادة سعيد بن حمدون الحارثي وكيل وزارة النقل والاتصالات للموانئ والشؤون البحرية في معرض رده على سؤال حول تذمر البعض من أسعار تذاكر الشركة الوطنية للعبارات بأن الأسعار في متناول الجميع، حيث من الممكن مناقشة الأسعار في الأيام القادمة، مشيرا إلى أن الشركة تقوم بعمل جيد حول ربطها موانئ السلطنة ببعضها البعض، منوها إلى أن هناك خطوطا تحت الدراسة ستعمل على ربط السلطنة ببعض الدول المجاورة.وأوضح الحارثي : أن النقل البحري يواجه بعض العراقيل خارجا عن الإرادة وهي مرتبطة بشركات التأمين، حيث إنه ليس من السهل تأمين العبارات في بعض الدول، مؤكدا أن هناك خططا موجودة وستنفذ قريبا في حال تمت إزالة العراقيل.
وحول خطط نقل أنشطة ميناء السلطان قابوس إلى ميناء صحار قال سعادة وكيل الموانئ والشؤون البحرية بوزارة النقل والاتصالات: ميناء صحار يستقبل معظم البضائع التي كانت موجودة سابقا في ميناء السلطان قابوس ونحن نسير حسب الخطط التي جاءت في إطار الأوامر السامية، مؤكدا أنه ما زال هناك تأخير في مناولة البضائع من السفن ولكن تعقد هناك لقاءات شبه يومية بين وزارة النقل والاتصالات مع الشركات والجهات المعنية العاملة في الميناء، معربا عن أمله في أن تنتهي هذه العراقيل – التي كانت متوقعة – في القريب العاجل، خاصة بعد وصول بعض المعدات للشركة المنفذة وكذلك زيادة عدد من الأيدي العاملة للعمل على إزالة هذه العراقيل.
ويناقش المؤتمر الذي يختتم أعماله اليوم العديد من الموضوعات من بينها القضايا التنظيمية والتحديات والصعوبات التي تواجه مجال النقل العام في السلطنة إضافة إلى التطورات السريعة ومشروعات البنى الأساسية حالياً في مختلف أنحاء السلطنة.
تم خلال الجلسة الأولى من المؤتمر مناقشة الخطة الرئيسية لمنظومة النقل العام المتكاملة لتجاوز التحديات ووضع خطة التنفيذ بينما تطرقت الجلسة الثانية الى استخدام تجارب الدول المتقدمة كنموذج للتخطيط لأفضل الممارسات في مجال النقل العام لفهم احتياجات المستخدمين والطروحات المختلفة ذات الصلة.
كما تم عرض التجربة الماليزية عن تطوير وتحسين وسائل النقل العام والنقل البري بسنغافورة حول السياسات والاستراتيجيات المتبعة. أما الجلسة الثالثة فقد ناقشت التحديات التي تواجه قطاع النقل العام.
وقال خالد بن سالم الدرعي رئيس مجلس إدارة الجمعية العمانية للنقل البري في كلمة له في المؤتمر: على الرغم من التطور الرهيب الذي تشهده السلطنة من منظومة طرق متكاملة تربط جميع أنحائها، أصبحت الحاجة ماسة للاستفادة من هذه المقومات والارتقاء بمنظومة النقل العام وإيجاد شبكة مترامية الأطراف من المواصلات العامة تخدم جميع المواطنين والمقيمين والزائرين على حد سواء مشيرا إلى أن النقل العام يكتسب أهمية كبرى كونه يسهم في تخفيف العبء الواقع على الطرق، كما يحد من الحوادث، خاصة في ظل الزيادة المتنامية لعدد السكان، لذا تزداد الحاجة إلى توفير وسائل نقل تخدم هذه الزيادة، كما أن مشروعات الطرق التي تنفذ حاليا في العاصمة مسقط لا يمكنها استيعاب تلك الزيادة في عدد السكان دون تطوير لمنظومة النقل الجماعي وإعداد آليات لتنظيمها.
وأضاف الدرعي: إن النقل الجماعي في السلطنة يقتصر على الحافلات الصغيرة وسيارات الأجرة بشكل أكبر وهي لا تغطي جميع الطرق خاصة الداخلية والبعيدة عن مسار وسائل النقل، لذا يلجأ الجميع إلى امتلاك مركبات خاصة لاستخدامها في التنقل من مكان لآخر واعتبروا أن المركبات بمختلف أنواعها هي الحل المثالي للتنقل وهو ما يزيد من العبء الواقع على الطرق ويسهم في ارتفاع وتيرة الزحام، منوها إلى أن تنامي عدد السكان في السلطنة يزيد من استخدام المركبات الخاصة على الطرق وبالتالي ينعكس على انسيابية الحركة المرورية مشكلا بذلك عبئا على شبكة الطرق خاصة عند الدوارات والإشارات المرورية وأكثر الشوارع حيوية في محافظة مسقط، ففي الوقت الذي يمكن فيه لسيارة واحدة أن تقل شخصا واحدا أو اثنين معا يمكن لحافلة نقل ركاب جماعية أن تقل وتستوعب أعدادا أكبر وبذلك يتقلص الحيز الذي تشغله وسائل النقل على الطريق الأمر الذي يسهم في الحد من الزحام المروري ويقلل من الحوادث التي تشهدها الطرقات والشوارع العامة.
وأشار رئيس مجلس إدارة الجمعية إلى أن الحلول تكمن في توفير خطوط حافلات كبيرة وخط القطار، بالإضافة إلى توفير عبّارات بحرية ومرافق عبارة عن محطات توقف تخدم الركاب ومستخدمي وسائل النقل المتعددة، كذلك تهيئة البنية الأساسية لمحطات انتظار النقل العام وذلك بإنشاء محطة كبرى في محافظة مسقط مجهزة بكافة الخدمات ويتبعها إنشاء محطات فرعية تتخذ شكلا مصغرا مع الحرص على توفر كافة الخدمات الأساسية الأخرى ولن يكتب النجاح لهذا المشروع الضخم الذي سيغير من منظومة النقل في السلطنة إلا بإطلاق حملة توعوية بأهمية النقل العام الجماعي وتغيير ثقافة المواطن في استخدام هذه الوسائل في التنقل، كما نقترح بتغيير لون سيارات الأجرة بلون وتصميم يواكب الفترة الراهنة وليبث في نفس المواطن أن النقل الجماعي سوف يشهد طفرة حقيقية على كافة المستويات ويطمح المواطن في أن تتوفر بعض العوامل في وسائل النقل أبرزها عاملان مهمان هما الخصوصية والراحة، لذا يجب مراعاة العوامل المؤثرة على المشروع والتي تسهم في جذب المواطنين لاستخدام وسائل النقل الجماعي الذي يتسم بقلة التكلفة واستيعاب أكبر عدد من ممكن من الركاب، حيث يختزل تكلفة الوقود واختصار الوقت المهدر في الشوارع المزدحمة.
وأكد الدرعي أن الجمعية العمانية للنقل البري تسعى جاهدة لتطوير النقل العام في السلطنة وذلك بتعاونها مع الجهات المختصة، كما تعمل على حل التحديات والصعوبات التي يواجهها أصحاب شركات النقل البري من خلال التعاون الكبير مع الجهات المسؤولة وذلك بهدف تذليلها، مشيرا إلى أن الجمعية أقامت الكثير من الفعاليات والأنشطة التي تخدم القطاع البري بصفة عامة.
من جانبه قال عفان بن خلفان الأخزمي مدير دائرة التخطيط وتنمية الاستثمار بوزارة النقل والاتصالات: إن المؤتمر يتناول العديد من القضايا المهمة المتعلقة بمفهوم النقل والنقل العام والذي يعتبر ضمن أكثر القضايا اهتماما في وقتنا الحاضر في ظل النمو المتزايد في أعداد الكثافة السكانية.
وأضاف: انعقاد هذا المؤتمر يأتي بالإشراف من قبل وزارة النقل والاتصالات وبالتعاون مع الجمعية العمانية للنقل البري، وقد اجتهدت الحكومة ممثلة بوزارة النقل والاتصالات في تبني دراسة استراتيجية معنية بمفهوم النقل العام (المرحلة الأولى محافظة مسقط) متسقة مع الرؤية الاقتصادية المستقبلية للسلطنة لعام 2014م التي تتيح بإنشاء وسائل نقل عام فعالة تتميز برفاهية عالية تساهم في النمو الاقتصادي والاستقرار البيئي وفق أعلى معايير السلامة والجودة لإظهار الوجه الحضاري لمحافظة مسقط فيما يتعلق بالنقل العام.
وأضاف: من خلال مراحل الدراسة التي انقسمت إلى خمس مراحل والتي قاربت أن تنتهي، فقد تم التوصل الى أفضل النتائج لمفهوم النقل العام وفقا للمسودة الأولى للمرحلة الرابعة المعنية بخطط العمل لتطوير وتنفيذ نظام النقل العام، وقد كان ذلك بمشاركة الجهات المعنية في الدراسة والتي سوف نسعى خلال الأيام القادمة إن شاء الله الإعلان عنها بعد اعتمادها من قبل معالي الدكتور أحمد بن محمد الفطيسي وزير النقل والاتصالات المشرف العام على الدراسة ومن قبل اللجنة التسييرية المكلفة بمتابعة المشروع.
وأضاف: إن وزارة النقل والاتصالات اعتمدت منهجية تكاملية فيما يتعلق بوسائط النقل المتعددة استخداماتها بما يتماشى مع النمو والتوسع الذي تشهده السلطنة وتشمل هذه الوسائط على العديد من خدمات النقل مثل الحافلات والعبارات وسيارات الأجرة (التكاسي) وذلك عبر عدة دراسات استراتيجية قامت وما زالت الوزارة تشرف عليها، ويعزى ذلك لتحسين تلك الوسائل لتلبي احتياجات المجتمع وضمان توفير فرص عمل حقيقية لهذا القطاع الواعد بالإضافة الى إنعاش الحركة السياحية في محافظة مسقط الذي بدوره سوف ينعكس عليه تنشيط الحركة التجارية للفنادق والمحلات التجارية والخدمات المصاحبة.
واختتم كلمته قائلا: إنه مما لا شك فيه أن الحد من الاختناقات المرورية أصبح هاجسا لكل مقيم وتقليل التأثيرات البيئية الناتجة من النظام الحالي هو مطلب العديد من المنظمات المحلية والدولية ولن يتأتى ذلك إلا بإعادة الأولويات لتنفيذ نظام النقل العام، حيث تؤكد الإحصائية الأخيرة الصادرة من قبل المركز الوطني للإحصاء والمعلومات بأن عدد سكان محافظة مسقط من العمانيين بنسبة 39% والوافدين 61% مما يدعو إلى النظر والتنبؤ مستقبلا في حال زيادة الأعداد وخاصة أن الطرق الحالية بالمحافظة تستدعي تطويرها.
خطة لتطوير النقل العام
وتحدث اميليو ميراليس كليفر من شركة انكو الأسبانية رئيس مشروع خطة تطوير النقل العام بالسلطنة التي تعدها الشركة مع وزارة النقل والاتصالات عن الخطة المستقبلية الرئيسية لشبكة النقل العام بالسلطنة. وأكد أن الخطة تهدف إلى تحديد الإطار التنظيمي وتحديد شبكة نقل عام متكاملة في السلطنة.وتحدث اميليو عن عمل الشركة في جمع البيانات من أجل جمع البيانات لتشخيص الوضع الحالي ومن ثم وصلت الدراسة إلى صياغة الأهداف وتحديد استراتيجيات للنقل العام ويجري العمل الآن على تحديد برامج العمل للمستقبل ولنظام النقل المستقبلي في مسقط وسوف ننتهي خلال أسابيع من وضع الاستنتاجات والتوصيات الرئيسية.
وفي المرحلة الأولى تم تحليل محافظة مسقط ومقوماتها بما في ذلك النقل العم الحالي والتحركات ضمن المحافظة والمواقع النشطة تجاريا وغيرها، إضافة الى القوانين والتنظيمات المرتبطة بالنقل العام توصلنا من خلاله إلى تشخيص الأماكن التي تحتاج إلى تحسين والتي يمكن تحسينها، ليس بشكل مؤقت وإنما بنظرة مستقبلية مثل السكك الحديدة والخدمات المرتبطة بها. وقامت الدراسة أيضا بتحليل عمل شركة النقل الوطني وخطوط حافلاتها داخل مسقط، والبنى الأساسية.
ومن ثم أشار المتحدث إلى التنوع الكبير في سيارات الأجرة الموجودة حاليا واعتبر أن وضعها وتنظيمها معقد من حيث تعدد الجهات التي تنظمها وترخصها، مؤكدا على أهمية دور سيارات الأجرة في قطاع النقل العام ودورها في تكميل النقل العام بالحافلات والقطارات، وإلى أن دورها يجب أن يكون مكملا لنظام النقل العام لا منافسا للحافلات، ومشيرا إلى أنه يمكن تحسين التنظيمات المتعلقة بهذا القطاع وتحسين المهنية لدى السائقين من خلال إيجاد جمعية أو شركة لسيارات الأجرة.
وأكد أن إنشاء سكة حديد في مسقط مهم جدا لازدهار المدينة ولرفاهية المقيمين عليها وأن الدراسة تركز عليها وعلى أن يكون هناك ترابط بين السكة الحديدة وباقي منظومة النقل العام وندرس المواقع التي نبني فيها السكك والمحطات.