القوى الفائزة الموالية للغرب تبحث عن تحالف –
عواصم – (أ ف ب – د ب أ): أعلنت روسيا اعترافها بالانتخابات البرلمانية في أوكرانيا. وقال جريجوري كاراسين، نائب وزير الخارجية الروسي أمس لوكالة «انترفاكس» الروسية إنه يمكن للقيادة الأوكرانية في كييف «الاهتمام الآن على نحو جاد بإيجاد حلول للمشاكل الجوهرية بالمجتمع». وأشار كاراسين إلى ضرورة أن تقيم الحكومة الأوكرانية حوارا مع المجتمع بأكمله، لا سيما مع ممثلي المناطق.
تجدر الإشارة إلى أن بوادر الفرز تشير إلى فوز الأحزاب الموالية للغرب في هذه الانتخابات.
وفي المقابل وجه الانفصاليون الموالون لروسيا في المناطق الواقعة شرق أوكرانيا المتنازع عليها انتقادا للانتخابات، واصفين إياها بأنها «مهزلة». وقال أندريه بورجين، زعيم الانفصاليين في مدينة دونيتسك شرق اوكرانيا: «تم إجراء هذه الانتخابات في أجواء ترويع للمواطنين وفي أجواء حرب».
جدير بالذكر أن الانفصاليين المواليين لروسيا لم يسمحوا بإجراء الانتخابات في أجزاء كبيرة من مناطق النزاع بشرق أوكرانيا.
وفي الوقت ذاته أشار بورجين إلى أن الانفصاليين على استعداد لإجراء مباحثات مع القيادة الأوكرانية عن طريق وسطاء في المستقبل.
ويعتزم الانفصاليون إجراء انتخاباتهم الخاصة في المناطق التي أطلقوا عليها «جمهوريات شعبية» الأحد القادم الموافق الثاني من شهر نوفمبر.
على صعيد ذي صلة تسعى الأحزاب الأوكرانية الموالية للغرب التي حققت فوزا ساحقا في الانتخابات النيابية، إلى تجاوز خلافاتها من اجل تشكيل تحالف، مدفوعة باستئناف المعارك في الشرق الانفصالي.
وقد استيقظت دونيتسك، معقل الانفصاليين الموالين لروسيا، على أصوات راجمات الصواريخ من نوع غراد، فانتهت بذلك هدنة استمرت نهاية الاسبوع، في المعارك التي حصدت بالاجمال 3700 قتيل منذ ابريل، وتذكر بهشاشة الحوار الجاري.
وتحدثت القوات الاوكرانية من جانبها عن إطلاق صواريخ على مواقعها القريبة من مدينة ماريوبول الساحلية التي تسيطر عليها واصابت مساكن.
واعتبر الرئيس بترو بوروشنكو الفوز الذي حققته القوى الموالية للغرب في انتخابات الاحد، تصويتا على الثقة بخطته للسلام، خلافا للفريق الذي يدعو الى شن هجوم واسع النطاق.
إلا أن التوصل الى وقف لاطلاق النار في الخامس من سبتمبر، تم التفاوض في شأنه بمشاركة روسيا، لم يؤد إلى الوقف الشامل للمعارك وانتقده قسم من الناس معتبرين اياه استسلاما امام المتمردين المدعومين عسكريا من موسكو، بحسب كييف وحلف شمال الاطلسي.
وتؤكد النتائج الجزئية التي صدرت صباح أمس النتيجة غير المسبوقة منذ الاستقلال في 1991 (حوالي 70% من الاصوات) التي حصلت عليها اللوائح الخمس الاساسية المؤيدة للتقارب مع الاتحاد الاوروبي.
وبعد إطاحة رئيسها السابق الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش، وضم روسيا للقرم وبدء الانتفاضة الانفصالية في الشرق، تدير البلاد على ما يبدو ظهرها لماضيها السوفييتي، كما تؤكد ذلك النتيجة الضعيفة للموالين لروسيا وخصوصا اختفاء الشيوعيين.
إلا ان قسما من المناطق الشرقية التي تعتبر موالية لروسيا تقليديا، لم تتمكن من المشاركة في الاقتراع لانها لا تخضع للسلطات في كييف.
وهذا يعني ايضا ان الرئيس الذي انتخب في مايو من الدورة الاولى لن يستطيع أن يحكم وحده وعليه القبول بتسوية.
وبعد فرز 40% من الاصوات، تتقارب كتلة بوروشنكو (21.5%) مع الجبهة الشعبية (21.6%) التي يتزعمها رئيس الوزراء ارسيني ياتسنيوك الذي تزداد امكانية التجديد له في منصبه.
ويليهما حزب ساموبوميتش (11%) الذي يضم ناشطين شبانا ومقاتلين عادوا من الجبهة.
ويؤيد هذان الحزبان الاخيران اتخاذ موقف حازم من الانفصاليين ومن موسكو، من دون اعتبارهما «احزاب حربية» كما كان يسمى الحزب الراديكالي (7.4%) بزعامة اوليغ لياشكو او باتيكفتشينا (5.7%) بزعامة رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشنكو.
واستمر الحلفاء السابقون ليانوكوفيتش من خلال كتلة المعارضة (9.8%)، لكن الحزب الشيوعي (3.9%) الذي يعتبره بوروشنكو «الطابور الخامس لموسكو» لم يبلغ عتبة الـ 5% الضرورية لدخول البرلمان.
ورحب بهذه النتائج عدد كبير من البلدان الاوروبية وخصوصا من الكتلة السوفيتية السابقة.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال وزير الخارجية الليتواني ليناس لينكيفيسيوس «لا الحرب المستمرة ولا محاولات اغراق الشعب بالاكاذيب، تستطيع تغيير مجرى التاريخ.
فالخيار الذي قام به الشعب يؤكد استعداد اوكرانيا لتقول وداعا للماضي والاستمرار الثابت لعملية الانضمام الى اوروبا».
ورحبت موسكو بحذر بفوز انصار «التسوية السلمية» للنزاع، عبر تصريح نائب رئيس وزير الخارجية الروسي غريغوري كاراسين.
وأشارت الصحافة الروسية من جانبها إلى التحديات التي تنتظر القوى الغربية، التي تسلمت نهائيا السلطة بعد حوالي العام على اندلاع الاحتجاجات في ساحة الميدان، وخصوصا الاتفاق في ما بينها.
واستقبل بوروشنكو مساء أمس الأول ياتسينيوك الذي اكد تشكيل تحالف «في اقرب فرصة ممكنة حتى تقوم الحكومة والبرلمان الجديد سريعا بالإصلاحات الضرورية للبلاد» التي ينخرها الفساد المستشري والركود العميق.
واكد بوروشنكو انه يريد تشكيل تحالف مع الجبهة الشعبية باعتبارها «شريكا اساسيا» لكنه منفتح على الاحزاب الاخرى.
الا ان رئيس لائحة ساموبوميتش غانا غوبكو نبه إلى أن تحالفا محتملا يضمه يجب ألا يكون «مواليا للرئيس بل مواليا لاوكرانيا»، ملمحا الى ان الحزب لا ينوي تقديم دعم اعمى إلى رئيس الدولة.
والوقت يدهم الحكم الاوكراني الذي سيصوت على إصلاحات اساسية لإخراج البلاد من كساد عميق ومكافحة الفساد المزمن وتقريبها من الاتحاد الاوروبي.
ومع وصول الشتاء، يتعين عليها ايضا ان تسوي الخلاف الذي يحرمها من الغاز الروسي منذ يونيو.
واثرت الازمة تأثيرا مباشرا على الانتخابات.
فحوالي خمسة ملايين ناخب من 36 مليونا بالإجمال، لم يتمكنوا من التصويت في القرم التي ضمتها روسيا في مارس ولا في المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون فلي الشرق.وسيبقى شاغرا 27 من 450 مقعدا.
وفي دونيتسك، المعقل الرئيسي للمتمردين، تجاهل السكان الانتخابات وينتظرون الانتخابات التي ينوي الانفصاليون تنظيمها في الثاني من نوفمبر.


