تفاؤل الأوساط الدبلوماسية والأكاديمية والتجارية الصينية تجاه التعاون الصيني المصري

صندوق التنمية الصيني الإفريقي يعزز خطواته مع الشركات من أجل الاستثمار –

بكين – (وكالات): يسود الأوساط الدبلوماسية والتجارية والتعليمية والأكاديمية الصينية تفاؤل كبير تجاه علاقات التعاون بين الصين ومصر تماشيا مع انطلاق زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للصين.

وأجرى الرئيس السيسي الزائر بكين لقاء مع رؤساء وخبراء من نحو 40 جامعة وأكاديمية ومركزا بحثيا بالصين ما يدل على اهتمامه بتعزيز التبادل التعليمي والأكاديمي بين البلدين.

وأعرب السيسي عن تقديره العالي للتعاون الثنائي في مجالات التعليم والعلوم والتكنولوجيا، آملا في مواصلة تقوية هذا التعاون.


كما أكد الرئيس أمام هؤلاء الرؤساء والخبراء دعم مصر لمبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وطريق الحرير البحري للقرن 21، التي طرحتها الصين، مشيرا إلى أن مصر ستشارك في تنفيذ هذه المبادرة بخطوات سريعة كي تستفيد منها.وفي اليوم ذاته، أقام الرئيس المصري جلسة مع رجال الأعمال الصينيين من الشركات الكبرى، مؤكدا على ما تتميز به مصر من فرص الاستثمار السانحة للشركات الصينية.

وفصل السيسي الأهداف المصرية الطموحة لتنمية الاقتصاد وتحسين المعيشة، داعيا إلى مشاركة الصين بشكل أكبر في عملية الإصلاح الاقتصادي المصري، متعهدا بايجاد ظروف تجارية واستثمارية مواتية للصين والدول الأخرى.

ولاقى الرئيس السيسي موافقة واسعة من قبل مختلف الأوساط الصينية التي أظهرت تفاؤلا وثقة قويين تجاه العلاقات الصينية والمصرية.

وفي هذا الصدد، قال سونغ آي قوه السفير الصيني لدى مصر لوكالة أنباء شينخوا إن الصين ومصر بصفتهما دولتين ناميتين تملكان عزما ورغبة قويين من أجل التنمية.

وقال إن الصين تعمل على تعزيز الانفتاح نحو الدول التي تقع إلى الغرب منها استنادا إلى المبادرة المذكورة آنفا، بينما تبادر مصر إلى التوجه نحو الشرق.

وبذلك تتمتع الدولتان بآفاق تعاون وتبادل رحبة خصوصا في مجالات التجارة والطاقة والبنية الأساسية والعلوم والتكنولوجيا الفضائية.

وأعرب السفير عن تقديره للرؤية البعيدة للرئيس السيسي الذي أعار اهتماما كبيرا للتعليم الذي يعتبر ركيزة أساسية لإنعاش أي دولة .

ومن جانبه، قال لي شاو شيان، رئيس معهد البحوث الصيني العربي الذي تأسس مؤخرا في منطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي بشمال غرب الصين، قال لوكالة شينخوا إن الرئيس السيسي بدأ زيارته الرسمية للصين بلقائه مع الشخصيات التعليمية والأكاديمية الصينية ما يدل على إدراكه الجيد لأهمية التعليم، مشيرا إلى أن التعليم والعمل الأكاديمي، هما جزء مهم من الهندسة الأساسية لتنمية أي دولة.

وأشار إلى أن العالم العربي بما فيه مصر يسوده اتجاه التوجه نحو الشرق حيث تعزز الدول العربية ترابطها واقترابها من الصين، متفائلا بأن تساهم زيارة السيسي في تعزيز التواصل والمعرفة المتبادلة بين البلدين.

وعلى صعيد متصل، أشاد وانج يونج لي نائب مدير مقر معهد الكونفشيوس، بالتعاون التعليمي المثمر بين الصين ومصر، مشيرا إلى إقامة معهدي كونفشيوس في مصر ولاسيما الذي يقع في السويس بالنظر إلى أنه قد أصبح نموذجا لنظرائه في الأجزاء الباقية من العالم.

وقال إن الحكومة المصرية قدمت دعما كبيرا لمعهد الكونفشيوس، مشيرا إلى طلبات جديدة من الجامعات المصرية بشأن إقامة المزيد من معاهد كونفشيوس.

وفي سياق آخر، أعربت الشركات الصينية للرئيس السيسي عن تفاؤلها وثقتها تجاه السوق المستقبلية المصرية، مؤكدا على تصميمها على صب المزيد من الاستثمارات وتعزيز الأعمال مع مصر.

وقال لين تسوه مينغ مدير عام شركة صناعة الطيران الصينية إن مصر تعتبر الدولة الأولى حيث فتحت الشركة مكتبا خارجيا لها وأجرت الشركة تعاونا مثمرا مع مصر في مجال تكنولوجيا الطيران.

وتابع لين إن شركته شاركت في بناء عشرات الخطوط الحديدية في مصر، مؤكدا على استعدادها لصب المزيد من الاستثمارات في مصر وخاصة في مجالات السكك الحديدية والطرق والمحطات الكهربائية.

وبدوره قال الرئيس التنفيذي لشركة هندسة الميناء الصينية إن شركته قامت بتنفيذ مشروعات في ميناء بور سعيد المصري ما يتيح فرص عمل للمصريين والأفريقيين.

وأوضح أن الشركة قد أجرت تبادلات بناءة مع الجانب المصري ومستعدة لإجراء تعاون مع مصر في قطاعات الطرق والسكك الحديدية والموانئ والعقارات، آملا في الحصول على دعم معزز من قبل الحكومة المصرية بهدف تحقيق الفوز المشترك.

وقال شركة قهتشوبا الصينية المشهورة، إن شركته صبت استثمارات في بناء محطات كهربائية في مصر وأجرت محادثات مع الجانب المصري حول المشروعات الأخرى، مشيرا إلى أنها ستبذل كل ما بوسعها لتعزيز التعاون الصيني المصري.

ومن جانبها قالت شيانغ رو بين ممثلة شركة جيوشي الصينية للألياف الزجاجية، التي تعتبر أكبر منتج للألياف الزجاجية في العالم، إن الشركة أنشأت أكبر قاعدة إنتاج لها في مصر، وذلك بعد تفكير دقيق حيث ان مصر تتمتع بميزات عديدة مثل الموقع الجغرافي وتكلفة الأيدي العاملة المنخفضة.

وقالت إن شركتها بدأت في إنشاء مصنع في مصر في 2012 على وقع قلة الاستقرار السياسي والأمني في الدولة الأفريقية، مؤكدا على أنها لم تسحب أي قدر من الاستثمارات في مصر بفضل ثقتها القوية جدا للسوق المصرية.

وأشارت إلى أن 97% من منتجات المصنع صدرت إلى أوروبا وتم توظيف ما يزيد عن 800 عامل مصري في المصنع.

وكشفت عن نية الشركة في رفع قدرة الإنتاج للمصنع المصري إلى ما بين 160 ألف طن و200 ألف طن من الألياف الزجاجية التي تستخدم على نطاق واسع في صناعة الهواتف المحمولة والقطارات.

وبذلك ستصبح مصر ثالث أكبر دولة منتجة للألياف الزجاجية.

وقال نائب رئيس صندوق التنمية الصيني الإفريقي إن قطاعه قد ضخ وحده ما يزيد عن 500 مليون دولار لإنشاء 7 مشروعات في مصر التي تعد الشريك الرئيسي له.

وقال إن الصندوق لم يفكر في خفض وتيرة الاستثمار في مصر بل سيعزز خطواته مع الشركات الصينية من أجل استثمار المزيد في هذا البلد استغلالا لزيارة الرئيس السيسي للصين.

والجدير بالذكر أن وسائل الإعلام الصينية قامت بتغطية مكثفة حول الجهود المصرية الرامية إلى تحسين ظروف الاستثمار والترويج للفرص التجارية الكامنة في مصر في الوقت الذي تعززت فيه ثقة الشركات الصينية في السوق المصرية.

من جانب اخر لفت الوفد الوزاري المصري الزائر أنظار الشركات ووسائل الإعلام الصينية في ظل سعي الجانبين الصيني والمصري إلى الارتقاء بعلاقاتهما في شتى القطاعات وخاصة المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.

واستقبلت الصين يوم 8 ديسمبر الجاري وفدا مصريا رفيع المستوى يتكون من أربعة وزراء وهم وزراء الصناعة والتجارة منير فخرى عبد النور والكهرباء والطاقة محمد شاكر والنقل هاني ضاحي والتعاون الدولي نجلاء الأهواني.

واتضح أن الوفد الوزاري مشغول جدا في زيارته للصين حيث أجرى محادثات مكثفة مع عدد من كبار المسؤولين بالحكومة الصينية بينما قام بزيارات إلى عدد من الشركات الصينية الكبرى.

كما حرص الوفد على استغلال كل المناسبات للترويج بما تتمتع به مصر من فرص تجارية واستثمارية للشركات الصينية.

وفي هذا الشأن، أقامت السفارة المصرية لدى بكين يوم 9 ديسمبر الجاري في مقرها ندوة بين الوفد الوزاري وممثلي بعض الشركات الصينية في مختلف المجالات تحت عنوان “ سياسة مصر الاستثمارية والأوضاع الاقتصادية “.وعرض الوفد الوزاري في الندوة تصورا شاملا لخطط الإصلاح الاقتصادي التي تنفذها الحكومة المصرية حاليا فضلا عن عرض أهم الفرص والمشروعات الاستثمارية التي تنفذها مصر خلال المرحلتين الحالية والمستقبلية.

ونوهت وزيرة التعاون الدولي نجلاء الأهواني إلى أن مصر تهتم بالتعاون مع الصين حيث أنشأت وحدة الصين التابعة لمجلس الوزراء لمتابعة التعاون الثنائي.

وأشارت إلى أن مصر استقبلت عددا من الوفود الصينية في الفترة الأخيرة وستعزز التواصل مع الصين في المستقبل.

وقال وزير التجارة والصناعة عبد النور إن الصين أصبحت الشريك التجاري الأكبر لمصر، إذ بلغ حجم التجارة البينية بين البلدين 10.5 مليار دولار في 2013.

وسيبلغ هذا الحجم 11.5 مليار دولار في 2014.

وأضاف ان السياسة التجارية المصرية تعتمد على التوجه للخارج وأن مصر تفتح أبوابها للاستثمار الصيني في مختلف المجالات بما فيها الطاقة والمواصلات والبنية التحتية.

ومن جانبه أكد وزير الكهرباء والطاقة محمد شاكر أن مصر ستعزز التعاون مع الشركات الصينية في الطاقة المتجددة والفحم، مشيرا إلى أن مصر لديها طموحات في تطوير الطاقة المتجددة والحديثة.

وفي تطور آخر، قال وزير النقل هاني ضاحي ان الصين تمتلك خبرات إدارة وتكنولوجيات رائدة في قطاع النقل والمواصلات.

لذلك تنوي مصر تعزيز التعاون مع الصين في هذا القطاع من أجل الاستفادة من النمط الصيني الناجح.

وأشار إلى أن الشركات الصينية تواجه فرصا استثمارية ضخمة في مجال النقل بمصر، منوها بأن مصر ستقوي التعاون الثنائي في السكك الحديدية.

وأثار عرض الوفد الوزاري ردود فعل ايجابية من قبل الشركات ووسائل الإعلام الصينية حيث تنافست مع بعضها البعض في طرح أسئلة متنوعة على الوزراء الأربعة.

وتمحورت هذه الأسئلة بصورة رئيسية حول السياسات التجارية والاستثمارية المصرية وفرص وأحجام الاستثمار في شتى القطاعات في مصر.

يلاحظ أن الشركات الصينية أظهرت بالأعوام الأخيرة رغبات متنامية للاستثمار في إفريقيا وخاصة في مصر في ظل شدة المنافسات داخل الصين.

ولكن على الرغم من أن الشركات الصينية تمتلك أموالا كثيرة، إلا أن البعض منها لم تجد قنوات آمنة وفعالة للاستثمار في مصر لأسباب عديدة مثل المخاطر الناجمة عن الوضع الأمني والظروف السياسية.

وفي هذا الصدد أعرب بعض الممثلين للشركات الصينية لوكالة أنباء شينخوا عن تفاؤلهم تجاه الوضع الأمني وآفاق الاستثمار في مصر.

وعلى وقع تردد بعض المستثمرين الصينيين في التوجه إلى مصر، يجب على مصر بذل أقصى جهودها لايجاد ظروف تجارية واستثمارية مرضية ومستقرة مما يجلب مزيدا من الاستثمارات الصينية ويعزز التفاعل التجاري مع الصين التي تعتبر ثاني أكبر اقتصاد عالمي وأكبر شريك تجاري لمصر.