داليا علي –
ذهبت الى هناك اليوم، لم تكن هناك، لم أكن في حاجه لأن أتذكرك، فلقد كانت رائحة وجودك في كل الزوايا والأمكنة، المكان هو هو كما تركناه منذ زمن، ما زال يحتفظ بدفئه وحنينه، يحتفظ بنفس ملامحه التي احتوت مشاعرنا الأولى، فقط هي ملامحنا التي تغيرت.
هل تعرف أنني فقدت الثقة في مشاعري وبت أشك في كل ما تيقنت منهُ حديثاً، عندما ذهبت اليوم الى ركننا الدافئ وتأملتني وراقبتني، وجدتني كلما خطوت خطوة أقترب فيها أكثر واكثر، يتأجج في أركاني حنيني القديم لك وكأنه كان خاملاً ينتظر لحظة استيقاظه من جديد .
لم يمت شيئاً في داخلي نحوك يا سيدي كما ظننت، لم يمت شيء، أنت كما أنت داخلي بذكرياتك، بعذوبة أيامنا بكل شيء … كل الذي اختلف أنني لم أعد أراك او احادثك او اتتبع اخبارك، وأنت لم يعد بإمكانك انتقاء الحجج التي تختبئ وراءها لتحدثني كما كان …
لم يعد صوتك يأتيني كما كان، ولم يعد بإمكاني ان أقول لك كل عام وأنت في أعماقي في عيد ميلادك، لم يعد مسموحاً لك أن تطمئن على حالي حين تداهمني نزلة البدر اللعينة، أوأن تتعجل عودتي حين أغيب عنك في سفر قريب، لم تعد الأمور كما عهدناها معاً، هناك خطوط حمراء حاصرت كل ذلك، وعراقيل وضعناها وقبلنا بها يوم اختبأنا خلف صمت لعين جعل البوح أشبه بالمستحيل.
لم يعد مسموحاً لنا أن نكون برغم أن كل شيء ما عدا ذلك كائن، اليوم كان رادعاً لي ليكذب كل أوهامي التي أقنعت نفسي بها منذ افترقنا، ألا وهي أنك لم تعد كائناً في الداخل، أفقت اليوم على الحقيقة أن لا شيء غيرك كائن في الأعماق … يالها من صدمة لا تزيد عن صدمة فراقك يا سيدي