اللقب اكتسب ثقة مستهلكي وتجار الأسماك منذ 45 عاما –
حمد البلوشي: أسماكنا تسافر لدول الجوار –
بأرخص الأثمان ونحن نستقبلها بأغلى من قيمتها!
استمع إليه: أحمد بن عبدالله الحسني –عندما تبحث عن شراء الأسماك في ولاية جعلان بني بوعلي يرشدك الجميع إلى مصنع (قرطاس) لبيع الأسماك، هذا الاسم الذي ظهر منذ أكثر من 45 عاما، أصبح علامة مشهورة لدى تجار ومستهلكي الأسماك. لذلك زرنا لنتعرف على قصة نشأته ومن أين جاءت هذه الشهرة.
في البداية يتحدث حمد البلوشي مالك مصنع (خور بني بوعلي لتجارة وتسويق الأسماك) عن سر اسم (قرطاس) الذي اشتهر به المصنع شهرة دوية فيقول: هذا الاسم يرجع الى طفولتي حيث كنت أبحث عن لقمة العيش في أواخر الستينيات وبداية السبعينات، وكان العرف قديما عندنا أن يتسمى الأطفال بمسميات تختلف عن أسمائهم، وقد تميزت شخصيتي في الطفولة بالتعامل الحسن ورحابة الصدر وتسهيل الأمور لغير القادرين مثلا على شراء الأسماك ومن اطلق عليّ اسم (قرطاس) الذي اشتهر به مصنع الأسماك الذي أملكه.
رحلة الطفولة
وتحدث حمد البلوشي عن رحلة طفولته في بيع الأسماك فقال: الرحلة كانت شاقة في ظل الظروف التي كنت أعيشها مع أفراد أسرتي، حيث كنت أرافق جدي ووالدي في عملية بيع الأسماك في الولاية بواسطة الدواب، وبدأت أتعلم كيفية شراء الأسماك وبيعها، وكذلك اختيار الأنواع المستهلكة محليا، وبعد وفاة جدي تولى والدي زمام الأمور، وبعد سنوات من كسب المهارة أصبح الوالد يعتمد عليَّ في شراء الأسماك من التجار ومن ثم بيعها في مختلف حارات الولاية وخاصة سوق الجمعة التقليدي.
وبعد سنوات، أي في منتصف السبعينيات، فكر والدي في مشروع صغير عبارة عن دكان ثابت لبيع الأسماك، بحيث نذهب في الصباح الباكر ونشتري الأسماك ونحضرها إلى الدكان لنقوم ببيعها، وبعد فترة قمنا بشراء سيارة لنقل الأسماك ومن ثم توسعنا في الدكان ليشمل مساحة اكبر في ظل الطلب المتزايد على الأسماك سواء من السكان أو التجار، وبعدها بفترة طويلة توفي والدي، فانتقلت من ذلك الدكان الى المنطقة الصناعية لاستقر فيها باستئجار مساحة أرض وإقامة مشروعي تحت اسم (خور بني بوعلي لبيع وتسوق الأسماك) وجاءت هذه الفكرة بعد الصيت الكبير الذي اشتهرت به في بيع الأسماك، وحاليا الحمد لله فإن معظم التجار في محافظة جنوب الشرقية والمحافظات الأخرى يحضرون أسماكهم الى مصنعي ليتم بيعها على التجار الآخرين والمستهلكين من الأهالي والسياح.
رحلة أسماكنا
ويتأسف حمد البلوشي على الارتفاع المفاجئ للأسماك والذي لا يجد له مبررا إلا تسويقها في الدول المجاورة، ويقول: (هذه العملية تسببت في النقص الحاد في الأسماك التي ترتفع أسعارها سنة تلوى أخرى).
ويستغرب البلوشي من قيام بعض تجار الأسماك باستيراد أسماك عمانية من دول الجوار بأرخص الأثمان بعدما يتم تصديرها الى هذه الدول وأغلبها لا يلقى قبولا مثل أسماك السهوة وغيرها. ويقول: بصراحة أسماكنا تواجه رحلات برية بشكل منظم ليتم بيعها في دول الجوار.
وعن أسماك بعض الدول العربية مثل اليمن يقول البلوشي: طبعا الأسماك التي يتحدث عنها بعض التجار بأن هذه أسماك مستوردة من اليمن في الحقيقة فيها التباس، فتلك الأسماك لا يعرف من أين مصدرها! فقط يتم استيرادها من دول الجوار، وأغلبها يتمثل في الجيذر والسهوة والكنعد، أما الأسماك العمانية فتختلف في اللون والطعم وتعتبر من أجود أنواع الأسماك.
إهدار الثروة
وحول ما يثار من وقت الى آخر حول هدر الثروة السمكية باستغلال صيدها بطرق غير قانونية قال حمد البلوشي: توجد هناك فئات من الصيادين، العمانيين والمقيمين بما فيهم الأيدي العاملة السائبة، غير مدركة لأهمية المحافظة على هذا المورد الحيوي المهم باستخدامهم لوسائل الصيد الجائرة وغير المسموح باستخدامها والتي تؤدي إلى استنزاف مواردنا السمكية، ومن هذا المنطلق نجد أن هذه الفئات لا تتورع عن الإسراف في إهدار الثروة البحرية بمخالفتهم للقوانين والأنظمة التي من شأنها أن تساعد في الحفاظ على هذه الثروات. الأمر الآخر أن بعض الصيادين يخترعون الكثير من المشاكل مما ينجم عنها ضياع الثروات وتأثر أرزاق الصيادين الآخرين، كما أن إدراك الصياد والعامل في قطاع الصيد لأهمية الالتزام بقانون الصيد البحري والتوعية بأهمية حماية هذه الثروة وحسن استغلالها من شأنه أن يساعد في تنمية الوعي لدى المستفيدين من هذا القطاع.
ويضيف حمد البلوشي قائلا: في السنوات الأخيرة تزايد عدد الحرفيين وصاحب هذا التزايد تنافس على المصايد السمكية بالإضافة إلى عدم إلمام معظمهم بقوانين الصيد البحري وعدم التزامهم بالأعراف والسنن المحلية المتبعة مما نتج عنه استغلال سيئ لهذا المورد الحيوي وأصبحت عملية الصيد تتم بطريقة عشوائية وجائرة، وباتت المصايد السمكية عرضة للاستنزاف والاستغلال السيئ، وبالإضافة لما للصيد الجائر من آثار سلبية من الناحية البيولوجية كاستنزاف المخزون الذي يؤدي ربما إلى انقراض بعض الأنواع، فإنه يخلّف آثارا اقتصادية واجتماعية عن طريق فقد كميات كبيرة من الأسماك دون أن تستغل بشكل يعود بالنفع على الصياد.
كما أن للصيد الجائر آثارا بيئية سلبية، فالكميات غير المستغلة يتم التخلص منها برميها في البحر أو على الشواطئ وفي كلتا الحالتين فإن النتيجة هي التلوث الذي بدوره يتسبب في هجرة الأسماك من المصايد بالإضافة إلى تشويه البيئة الساحلية ولا ننسى أثر ذلك السلبي على الحركة السياحية.
واختتم البلوشي حديثه قائلا: إن قضية الحفاظ على ثرواتنا البحرية ليست قضية فردية ولكنها تقع على عاتق المجتمع وبالتالي يجب أن يكون هناك حزم في التعامل مع من يحاول أن يعبث بهذه الثروات خاصة أنها ثروات قابلة للنضوب والفناء إذا استغلت استغلالا سيئا، ويجب أن ندرك أن مسؤولية بقائها واستمرارها هي مسؤولية جماعية.