الاحتلال الإسرائيلي أمام مجلس الأمن

في الوقت الذي شهدت فيه الأيام والأسابيع الأخيرة جهودا عديدة، ومتعددة الأبعاد والجوانب كذلك، من أجل بلورة مشروع القرار العربي الذي تم أمس عرضه على مجلس الأمن الدولي تمهيدا للتصويت عليه، ربما خلال مدة وجيزة، فإن من الجوانب ذات الأهمية التي ينطوي عليها هذا القرار أنه يعيد القضية الفلسطينية، أو بالأحرى الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشرقية بالطبع، كجزء من الضفة الغربية، الى أروقة مجلس الأمن الدولي. ومن المعروف أن مجلس الأمن الدولي هو أكثر أجهزة الأمم المتحدة أهمية، وذلك بحكم ما يناط به من مهام عديدة من أبرزها مهمة تحقيق والحفاظ على السلم والأمن الدوليين.ومع أن الأمم المتحدة لم تكن بعيدة على مدى العقود السبعة الأخيرة، عن القضية الفلسطينية وتطوراتها المختلفة، خاصة عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، الا أن نظر مجلس الأمن لمشروع القرار العربي المطروح عليه، يعد أمرا مهما بالنسبة للقضية الفلسطينية بوجه عام، وبالنسبة للاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية بوجه خاص. ولن يقلل من تلك الأهمية أن يتم استخدام الفيتو من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، وهي قد لوحت بذلك بشكل صريح خلال الأيام الأخيرة، أو أن مشروع القرار لا يحظى بتأييد تسع دول من أعضاء المجلس الخمسة عشر. وذلك لسبب بسيط هو أن النجاح في العودة الى مجلس الأمن الدولي، وعبر مشروع قرار متبلور ومتكامل، بعد ادخال نحو ثمانية تعديلات على صياغته المبدئية، والارتكاز كذلك الى مبدأ تصفية الاستعمار، وهو من المبادئ المستقرة لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، هو أمر على درجة كبيرة من الأهمية، بغض النظر عن نتيجة التصويت على مشروع القرار المطروح، لأن ذلك – أيا كانت النتيجة – لن يكون نهاية المطاف، بل انه سيفتح المجال أمام خطوات تالية، تشاورت معها الدولة الفلسطينية والرئيس محمود عباس مع الدول العربية، وهو ما تتابعه لجنة المتابعة العربية في اطار جامعة الدول العربية، هذا فضلا عن أن طرح الموضوع أمام مجلس الأمن الدولي يعيد الاهتمام الدولي الواسع بقضية تحقيق السلام بين الفلسطينيين واسرائيل، ويظهر بشكل او بآخر المدى الذي تصل اليه اسرائيل في عرقلتها لجهود السلام، وفي ممارساتها الهمجية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ومن المؤكد أن المناخ الدولي الراهن يعتبر مواتيا لذلك، خاصة في ظل النزوع الشعبي الأوروبي لتأييد حل الدولتين وتأييد اقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وليس خافيا أن اسرائيل وحكومة نتانياهو تتحسب لكل ذلك وتحاول بكل السبل عرقلة التحرك الفلسطيني والعربي في مجلس الأمن الدولي.

على أية حال فان ما تشهده أروقة مجلس الأمن خلال هذه الأيام سيحدد الى حد كبير طبيعة ومدى الخطوة الفلسطينية والعربية التالية، خاصة وأن مشروع القرار المطروح أبدى الكثير من المرونة حول الخطوات التي يمكن اتخاذها حتى انتهاء الاحتلال مع نهاية عام 2017 وعبر المفاوضات كذلك.