مدير بنك التنمية: الحسابات المصرفية مصانة بالسرية الائتمانية والأنظمة الإلكترونية الحمائية
جواز رفع السرية عن الحسابات والمعلومات المصرفية بأمر قضائي من المحكمة
الرؤية - أسماء البجالية، سيف المعمري
دعا عدد من عملاء البنوك بتعزيز التقنيات الأمنية للحسابات المصرفية، في ظل تنامي وتطور حيل المخترقين والقراصنة، وهو الإجراء الذي سيضمن الحفاظ على بيانات وأموال المودعين.
وفي سياق آخر، أكّد العملاء ثقتهم في تمتع البنوك العمانية بالسرية المصرفية، وأنّ البنوك تعمل وفق الضوابط التي يحددها القانون، والذي يسمح فقط في حالة صدور حكم قضائي برفع السرية عن حساب مصرفي ما.
وقال حمد بن سالم الحارثي مدير بنك التنمية العماني إنّ تعزيز مأمونية الحسابات المصرفية تسهم في حماية البيانات المصرفية للعميل، كما أنّها تعد أحد أهم حقوق العميل وحقوق المصرف على السواء، بحيث لا يمكن للعميل أن يسمح لأي مصرف أن يتهاون في تعزيز الحماية المصرفية للبيانات الخاصة به، حماية لأمواله وودائعه، علاوة على عدم إفشاء البنك لأسرار العميل لأي شخص كان، وحتى أقرب الأقربين له ولو كانت زوجته أو أحد أبنائه.
وأضاف الحارثي أنّ سرية معلومات العملاء تعد من أساسيات العمل المصرفي في البنوك؛ حيث يتعين على البنك أو المؤسسة المالية أن تبث الطمأنينة لدى العميل بشأن عدم تعرض بياناته وأمواله لأية مخاطر، وأنّها تتمتع بالسرية والمأمونية في الحفاظ عليها. وتابع أنّ هناك قوانين وأنظمة مصرفيّة صارمة تقوم بتطبيق هذه السرية، ويطلق عليها "السرية المصرفية"، وبالتالي فإنّ المعلومات الخاصة بالعميل سواء كانت رقمية أو متعلقة ببيانات العميل الخاصة وحساباته وودائعه، تظل في مأمن ولا يمكن لأي شخص الاطلاع عليها إلا بأمر من المحكمة وفق حكم قضائي، وفي هذه الحالة يمكن للجهة القضائية التعرف على بيانات العميل وحساباته المصرفية.
ومضى يقول إنّه بالإضافة إلى سرية معلومات العميل في البنوك، هناك سرية أخرى تتعلق بمعلومات خاصة كالجوانب المتعلقة بالعمل المصرفي، موضحا أنّه يتعيّن على أعضاء البنوك المصرفية أن يكونوا على علم وإطلاع بمسألة السرية المصرفية، وأن يقوموا بتطبيقها بالشكل الأمثل، كون السرية المصرفيّة تقع ضمن الأعمال الأساسية والرئيسة للبنوك.
وحول الإجراءات المعتمدة في البنوك لتأمين سرية حسابات العملاء، أوضح الحارثي أنّ للبنك المركزي العماني أنظمة تندرج تحت إطار قوانين وإجراءات معينة، فالبنك دائمًا على متابعة لمثل هذه الجوانب وحريص جدًا على أن تقوم البنوك بتصديق هذه الأنظمة والقوانين المتعلقة بالسريّة المصرفية.
وذكر الحارثي أنّ البنك يعمل على توعية موظفيه بما يتعلق بسريّة المعلومات لدى العملاء، فكل بنك لديه أنظمته الخاصة؛ وهذه جميعها لابد أن تعمل وفق نظام معين ومقصور على العالمين المخولين فقط؛ حيث لا يمكن للغير أن يطلع عليها، وفي الجانب الآخر في حالة وجود معلومات دقيقة تتعلق بالقروض على سبيل المثال، فهذا الأمر يجب أن يتحلى كذلك بالسرية.
وزاد أنّ موظف البنك لا يجوز له- ولا يقوم بذلك بالفعل- أن يفصح عن حساب وبيانات أي عميل، كأن يذكر حجم القرض أو طريقة السداد أو الضمانات، وبالتالي هذه المعلومات لا يتم التصريح بها، ولا يطلع في الأساس الموظف على بيانات العميل، باستثناء بعض المخولين لهم ذلك بهدف تنفيذ مهام عملهم، وهذا النوع من العمل يعد أحد الإجراءات المتبعة في البنك، والتي تعتمد على الدرجة الوظيفية المحددة للموظف للإطلاع على بيانات ومعلومات أي عميل في البنك.
وأفاد الحارثي بأنّه يجوز رفع السرية عن حسابات ومعلومات العملاء في البنوك فقط في حالة وجود طلب من المحكمة، فعلى سبيل المثال صدور حكم قضائي على شخص معين وطلبت المحكمة بعض البيانات والمعلومات عن ذلك الشخص وهذا جائز على البنوك بكشف تلك البيانات والمعلومات لكونه طلباً يندرج تحت مسألة القضاء، لكن لا يجوز لأي جهة أخرى أن تتطلع على معلومات وبيانات أي عميل لدى البنوك بالسلطنة.
اختراق الحسابات
في المقابل يتعرّض بعض عملاء البنوك لمخاطر الاختراق أو القرصنة الإلكترونية بسبب ثغرات ما أو وقوع العميل في فخ الاحتيال المصرفي، وفي هذا الصدد يرى بعض عملاء البنوك أنّ الأنظمة البنكية قد تكون سببًا في أعراض العميل عن التعامل مع بنك محدد، وتراجع الثقة في المؤسسات المصرفية.
وقال المواطن أحمد العبري إنّ انتشار القرصنة الإلكترونيّة على الحسابات المصرفيّة لعملاء البنوك خلال السنوات الأخيرة، دفع البعض إلى إيلاء البنوك الثقة الكافية التي تضمن له أن بياناته السرية لن تخترق، مشيرا إلى أنّ أغلب البرامج المستخدمة في حماية المعلومات لا تخلو من الثغرات التي قد يستخدمها "الهاكرز" لخدمة أهدافهم الإجرامية، لذلك يحدث بين فترات زمنية الإعلان عن جريمة مصرفية من خلال اختراق حسابات عملاء.
وأضاف العبري أنّ البنوك المحلية ليست في منأى عن هذه الهجمات، لأنها تتشارك في نفس المنظومة الإلكترونيّة العالمية، لكنه أشاد بالأنظمة المصرفية في السلطنة، التي أكد أنها تعمل دائما على تفادي القرصنة عبر إجراءات حمائية. ونفى العبري أن يكون تعرض لقرصنة مصرفية أو اختراق حسابات، لكنه عبر عن قلقه من احتمال تعرّضه لخطر الاختراق والاحتيال في ظل انتشار المعاملات البنكيّة عبر الإنترنت والهاتف النقال.
وقال المواطن محمد الجهوري إنّه يثق في إجراءات البنوك الساعية إلى الحفاظ على سرية العملاء، مشيرا إلى أنّ البنوك تتخذ إجراءات جيدة في الحفاظ على سريّة البيانات وحمايتها من الاختراق. وضرب الجهوري أمثلة من إجراءات البنوك، ومنها تحديد الحد الأقصى للسحب النقدي من ماكينات السحب الآلي، ومراقبة حركة السحب التي تكون دون الحد المسموح به، حتى لا تستغل في جوانب أخرى مثل غسل الأموال، وغيرها من حيل النصب.
وأضاف أنّه يتم توفير برامج وتطبيقات يتم من خلالها رصد العمليات المصرفية والإبلاغ عن المعاملات وعمليّات التحويل غير العادية، واستخدام أنظمة حماية أمنيّة، كالبرامج الكاشفة للاختراقات الأمنيّة وبرامج للمحافظة على المعلومات وحمايتها من العبث والتشويه والاتلاف. وأشاد الجهوري بالدور البارز للبنك المركزي العماني من خلال عمليات وإجراءات الإشراف والمراقبة على أعمال البنوك.
وقال المواطن حسن العجمي إنّ البنوك العاملة في السلطنة تتعامل بسريّة تامة مع بيانات العملاء، وهذا يتجلّى مثلا عندما يريد العميل نفسه إجراء أي معاملة، حيث إنّه ملزم بتعريف بياناته الخاصة للموظف حتى يتمكن الموظف من إنهاء معاملته، منها رقم الهاتف وبيانات البطاقة الشخصية، وكذلك يتجلى هذا الأمر من خلال التطبيقات الأمنية والحمائية.
وأشار إلى أنّه من خلال تعامله مع البنوك في السلطنة منذ عام 1996، يلاحظ أنّ البنوك تتعامل بسرية تامة مع بيانات الزبائن، ويؤكد أنّه من الصعب الحصول على بيانات حسابات الآخرين دون إذن رسمي، معربًا عن ثقته الكاملة في المعاملات البنكية الحالية وسريتها.
وحول تعرضه لمشكلة اختراق أو قرصنة، قال: "لم تصادفني مواقف تمّ فيها اختراق بيانات عملاء والسبب فيها البنك بشكل مباشر، وأغلب البنوك تتمتع بأنظمة أمان عالية جدًا، مما يجعل العمليات البنكية آمنة بشكل كبير، والبنوك في السلطنة تستخدم أحدث التقنيات الأمنية والتشفير، وهذا الأمر يرفع من مستوى السريّة والأمان في المعاملات".
أمّا المواطن سليمان المقبالي فقد اعتبر أنّ بيانات عملاء البنوك "غير آمنة" بشكل كلي، في ظل تعدد عمليات الاختراق بين الحين والآخر، مشيرا إلى أنّ بعضا من أصدقائه تعرّض لعمليّة قرصنة واختراق حساب وفقدان ما يزيد عن 500 ريال عماني، تمّ سحبها من بطاقته الائتمانية، دون علمه.
وأضاف: "دائمًا ما نسمع عن إجراءات تتخذها بعض البنوك لتفادي هذه الجرائم، لكنّي لا أثق كثيرًا في بعض البنوك، حيث إنّ المخترقين يتخذون سبلا متعددة ومستحدثة لاختراق حسابات العملاء، وفي المقابل لا يتم تعويض العميل، لذلك أرى أنّه يتعين على العميل توزيع أمواله على عدة بنوك وحسابات بنكيّة مختلفة لتفادي مثل هذه الاختراقات".
وقال المواطن خالد بن سيف البادي: "رغم أنّ البنوك تروّج للزبائن على أنّها تقدم خدماتها بمستوى عال من الجودة والمأمونية المصرفية، إلا أنّ الواقع يخالف ذلك، في المقابل عند ارتباط الزبون ببنك معين وتعبئة بياناته الشخصيّة يثق الزبون بالبنك في سرية البيانات التي قام بتعبئتها في الاستمارة البنكية.
فيما حثّ المواطن أحمد بن سالم الحاتمي زبائن البنوك على توخي الحرص فيما يتلعق بسرية بياناتهم المصرفية، وعدم الكشف عنها لأي جهة، خاصة في حالة ارتباط الأمر بالجوانب المالية. وقال إنّ البنوك مطالبة بتطوير أنظمتها المصرفيّة وتعزيز الإجراءات الأمنيّة والحمائية للحفاظ بشكل أكبر على سرية البيانات. وأشار في هذا السياق إلى تعرّض العميل إلى محاولات من الاختراق، كأن يستقبل رسائل على بريده الإلكتروني تحاول خداعه والاستيلاء على حسابه المصرفي أن تلقي اتصالات "مشبوهة" من خارج السلطنة، حيث يتم إغراء الزبائن بأنّهم سيربحون أموالا معينة إذا أدلوا ببعض البيانات المطلوبة.
وتابع الحاتمي: لا يعلم زبائن البنوك في السلطنة بكيفية وصول بعض بياناتهم إلى الجهات المشبوهة والتي تتواصل معه بحجة أنّه ربح أموالا، في مقابل الكشف عن بيانات معينة من خارج السلطنة، والسؤال الذي يتبادر إلى أذهان الزبائن من أين حصلت تلك الجهات المشبوهة على بيانات الزبائن أم هي بشكل عشوائي لا دخل للبنوك فيها، وربما المسؤولية ملقاه على عاتق شركات الاتصالات.
وتابع أنّ البنوك العاملة بالسلطنة يقع على عاتقها مسؤولية كبيرة في توعية المجتمع بأهميّة الحرص على البيانات الشخصية المتعلقة بالحسابات البنكية، وعدم الإدلاء بأي بيانات لأي جهة، خاصة إنّ كانت تلك الجهات من خارج السلطنة، أو الجهات التي توهم الزبائن بعقود وهميّة.
وأوضح الحاتمي أنّه يجب أن تكون هناك ضوابط معينة تتيح الحق للزبائن في التظلم للبنوك حال اكتشاف وصول بياناتهم البنكيّة السريّة إلى جهة آخرى وتقصي أسباب تسرب تلك البيانات، كما يجب توظيف البنوك للتقنيات الأمنيّة الحديثة والمتطورة، للتعرّف على هويّة المخترقين، وحماية العملاء، وتوظيف البصمة الإلكترونية بدلا من التوقيع التقليدي. وتابع أنّ الانتقال إلى الأنظمة الإلكترونية الآمنة يساعد الزبائن على الوثوق بشكل أكبر في التعامل مع البنوك، والابتعاد عن الأخطاء البشرية التي ربما تكون إحدى حجج الزبائن لتسرّب بياناتهم.


