أزهار أحمد –
حظيت لوحات الفنان الإيطالي دومينيكو زامبيري 1581-1641 بطلب كبير خلال حياته، وقد يكون السبب في ذلك لوحاته الجدارية المزخرفة التي اشتهر بها. ومع هذا فهو أيضا رسام مهم للمناظر الطبيعية، وهذه اللوحة مثال ممتاز لنهجه هذا.
ولد دومينيكو في بولونيا، وتدرب هناك على يد لودوفيكو كاراتشي، وفي روما اتضح تأثره بأعمال رافاييل. تعيد هذه اللوحة سرد أسطورة القديس جورج شفيع انجلترا، الذي تمكن من إنقاذ المدينة والأميرة التي وضعت للتنين كضحية وذلك بعد أن قام بمقاتلة التنين متحاميا بالصليب، ومن ثم تغلب عليه وقتله فحرَّر الأميرة وأنقذ المدينة.
مع أن هذه اللوحة قدمت قصة الأسطورة بشكل بسيط، إلا أن المنظر الطبيعي الهادئ هو المهيمن على اللوحة المرسومة بطريقة تنسجم فيها العناصر لتجعلها لوحة صامتة متناسقة وجميلة. يضيف الضوء تمازجا مدروسا بين اللونين الأخضر والأزرق، منحسرا للخلف باتجاه مسافة بدت باهتة وضبابية، مع ظهور أشكال بسيطة من البعيد لأبنية المدينة. ومن المقدمة تُبرز اللوحة لمحة من دروع القديس جورج تكشف عن فهم الفنان للضوء الطبيعي.
تشي تفاصيل المقدمة الجميلة والمرتكزة على الدروع وملابس الأميرة الهاربة بإتقان دومينيكو لفن الرسم ومهارته في التكوين. اشتغل دومينيكو على هذه اللوحة بعناية فائقة لتنتهي بهذا الشكل المتوازن، فالأشجار التي تؤطر اللوحة والعناصر الأخرى صممت لكي تتوجه بعين الناظر من الخلف إلى الأمام عبر اللوحة بأكملها.
المشهد الدرامي الذي يحتل مقدمة اللوحة مثير للغاية ويأخذ جُل الاهتمام، إلا أنه تم امتصاصه بسهولة ليتناغم مع الهدوء العام للوحة. تدل كل العناصر الموجودة على أن هذه اللوحة هي البداية الأساسية المباشرة لأعمال كلود لورين ونيكولا بوسان. وللمساعدة على إرساء أسس المشهد الشعري، قدّم دومينيكيو مساهمة كبرى في رسم وتكوين المناظر الطبيعية التقليدية.