قراءة لقانون تنظيم الحق في الاجتماعات والتظاهرات السلمية في مصر

القاضي الدكتور مصطفى السيد علي بلاسي -

رئيس محكمة – خبير قانوني -

في سبيل تفعيل القانون رقم 107 لسنة 2013 والخاص بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية وضمانا لعدم الخروج على نصوصه أو عدم التقيد بأي من مواده فقد آثر المشرع وضع عقوبات تطبق عند مخالفة القانون ضمها الفصل الثالث منه حيث استهلها بوضع قاعدة جزائية عامة في المادة 16 من القانون تؤكد أنه “مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد في قانون العقوبات أو في أي قانون آخر يعاقب على الأفعال المنصوص عليها في المواد التالية بالعقوبات المقررة لها “.

وهو ما يشير إلى أنه في حالة وجود عقوبة أشد منصوص عليها في غير هذا القانون تتعلق بالأفعال المنصوص على عقوبات بشأنها في هذا القانون فإن الأشد هي التي تطبق خاصة وأن قانون كقانون العقوبات قد احتوى على العديد من العقوبات الخاصة بالأفعال التي قد ينص عليها في هذا القانون وفي تلك الحالة يطبق العقوبة الأشد وفق الوارد بالمادة 16 صراحة وهو ما يطبق عند وجود أي عقوبة أشد ينص عليها في غير هذا القانون وتكون خاصة بذات الفعل المجرم والمعاقب عليه.

وبعد أن وضع المشرع تلك القاعدة الجزائية العامة بدأ في تفصيل العقوبات الواجب تطبيقها على الأفعال التي تشكل جريمة وذلك على التفصيل الوارد بالمواد من 17 وحتى المادة 22 من هذا القانون حيث نصت المادة 17 منه على أنه ” يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنين وبالغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تتجاوز ثلاثمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من حاز أو أحرز سلاحا أو مفرقعات أو ذخائر أو مواد حارقة أو مواد نارية أثناء مشاركته في الاجتماع العام أوالموكب أو التظاهرة”،وواضح أن التجريم هنا لمجرد الحيازة أو الإحراز ولا يتطلب المشرع استخدام تلك الأدوات للعقاب إذ مجرد الحيازة أو الإحراز كاف للعقاب، والفرق بين الحيازة والإحراز واضح في الفقه المصري حيث يشيرالأول إلى بسط السيطرة الفردية على الشيء ومنع وصول العامة إليه بينما يشير لفظ الإحراز إلى تماس الشيء مع جسد المتهم أواحتفاظه به في موضع ملامس لجسده كإمساكه بيده أو احتفاظه به في طيات ملابسه المهم أن تكون سيطرته عليه مباشرة دون فاصل.ولذا فقد تواترت أحكام محكمة النقض المصرية في مجال حيازة وإحراز المواد السابق الإشارة إليها على تأصيل أن مناط المسؤولية في حالتي إحراز تلك المواد أو حيازتها هو ثبوت اتصال الجاني بها اتصالا مباشرا أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بآية صورة عن علم و أراده إما بحيازة تلك المواد حيازة مادية أو بوضع اليد عليها على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية.

بينما نصت المادة 18 منه على أن ” يعاقب بالسجن و بالغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تتجاوز مائتي ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من عرض أو حصل على مبالغ نقدية أو أية منفعة لتنظيم اجتماعات عامة أو مواكب أو تظاهرات بقصد ارتكاب أي من الأفعال المنصوص عليها في المادة السابعة من هذا القانون، أو توسط في ذلك. ويعاقب بالعقوبة ذاتها كل من حرض على ارتكاب الجريمة حتى ولو لم تقع.”

وفي هذه المادة يجرم عرض أي مبالغ مالية أو أية منافع لتنظيم اجتماعات عامة أو مواكب أو تظاهرات بقصد ارتكاب الإخلال بالأمن أو النظام العام أو تعطيل الإنتاج أو الدعوة إليه أو تعطيل مصالح المواطنين أو إيذائهم أو تعريضهم للخطرأوالحيلولة دون ممارستهم لحقوقهم وأعمالهم أو التأثيرعلى سير العدالة أو المرافق العامة أو قطع الطرق أو المواصلات أو النقل البري أو المائي أو الجوي أو تعطيل حركة المرور أو الاعتداء على الأرواح أو الممتلكات العامة أو الخاصة أو تعريضها للخطر وهي الواردة في نص المادة السابعة من القانون، ولم يكتف المشرع بتجريم أفعال عرض تلك المبالغ أو المنافع بل جرم أيضا الحصول عليها إذا توافر القصد السابق بل وتعدى ذلك إلى تجريم الوساطة بين العارض والمستفيد، وتجاوز كل ما سبق حين جرم المحرض على ارتكاب تلك الجريمة مضيفا حكما خاصا انه يعاقب المحرض حتى ولو لم تقع الجريمة وفي ذلك تشديد على معاقبة المحرض حال عدم انتهاء المشروع الجرمي وعدم وقوع الجريمة.

أما العقاب على ذات الأفعال الواردة في المادة السابعة من القانون والمتمثلة في الإخلال بالأمن أو النظام العام أو تعطيل الإنتاج أو الدعوة إليه أو تعطيل مصالح المواطنين أو إيذائهم أو تعريضهم للخطر آو الحيلولة دون ممارستهم لحقوقهم وأعمالهم أو التأثيرعلى سير العدالة أو المرافق العامة أو قطع الطرق أو المواصلات أو النقل البري أو المائي أو الجوي أو تعطيل حركة المرور أو الاعتداء على الأرواح أو الممتلكات العامة أو الخاصة أو تعريضها للخطر فقد حددتها المادة 19 من القانون بنصها على أن ” يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز خمس سنين وبالغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تتجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف الحظر المنصوص عليه في المادة السابعة من هذا القانون”.

أما المادة 20 من القانون فقد نصت على أن ” يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة والغرامة التي لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تتجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتدى أقنعة أو أغطية لإخفاء ملامح الوجه بقصد ارتكاب جريمة أثناء الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة ” وهو الحظر المنصوص عليه في عجز المادة 6 من القرار بقانون وأضافت عقابا في نصها ” أو كل من خالف الحظر المنصوص عليه في المادتين الخامسة والرابعة عشر من هذا القانون”.

والمعلوم أن المادة الخامسة تتعلق بمنع وحظر الاجتماع العام في أماكن العبادة إذا كان لأغراض سياسية ومنع ذلك في ساحات أماكن العبادة أو في ملحقاتها، ومنع تسيير المواكب منها أو إليها أو التظاهر فيها. أما المادة 14 فتتعلق بالحرم الآمن الذي يكون أمام المواقع الحيوية ويتم تحديده وتخصيصه بقرار من وزير الداخلية بالتنسيق مع المحافظ ذي العلاقة والذي من أمثلته مقار الرئاسية والمجالس النيابية ومقار المنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية الأجنبية والمنشآت الحكومية والعسكرية والأمنية والرقابية ومقار المحاكم والنيابات والمستشفيات والمطارات والمنشآت البترولية والمؤسسات التعليمية والمتاحف والأماكن الأثرية وغيرها من المرافق العامة وفي نطاق ذلك الحرم فقط يكون التجمع أما إذا جاوزها فيكون المتجاوزون محلا لتطبيق العقوبة الواردة في تلك المادة.

أما في حال تنظيم اجتماع عام أو موكب أو تظاهرة دون الإخطار المنصوص عليه في المادة الثامنة من هذا القانون فيعاقب المسؤول عن ذلك بالغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تتجاوز ثلاثين ألف جنيه، وهو ما قررته المادة 21 من هذا القانون.

وأخيرا وفي نهاية الفصل الخاص بالعقوبات فقد قرر المشرع إقرار عقوبة تبعية للعقوبات الأصلية تمثلت في مصادرة المواد أو الأدوات أو الأموال المستخدمة في إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وذلك شريطة عدم الإخلال بحقوق الغير حسني النية حيث تتأكد الجهات المختصة من ذلك وتقضي المحكمة بالمصادرة في حكمها إن ثبتت الإدانة.

وفي نهاية هذا القرار بقانون جاء الفصل الرابع واضعا ثلاثة أحكام إجرائية ختامية نصت عليها المواد 23 و 24 و25… حيث ألغت المادة 23 القانون رقم 14 لسنة 23 الخاص بتقرير الأحكام الخاصة بالاجتماعات العامة وبالمظاهرات في الطرق العمومية، كما نصت على إلغاء كل ما يخالف هذا القانون من أحكام، بينما منحت المادة 24 مجلس الوزراء سلطة إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون، فيما قررت المادة 25 منه نشر هذا القرار بقانون في الجريدة الرسمية والعمل به من اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشره وحيث أنه صدر برئاسة الجمهورية 24 نوفمبر 2013 فإن تاريخ نفاذه يكون اعتبارا من 25 نوفمبر 2013م.